جرح مكبل
بقلم /عادل زعرب
أعماقي تتمزق
تئن من هول الألم
تنكمش شرايين الحياة من حولي
تتصلب ملامح وجهي
زيت في بوتقة همي
تأوهت بصمت
ثم خطوت
أتصبب عرقاً
تلابيب اللهب تلسعني
تنغرس في جسدي
حملقت عيوني في السماء
ونهضت
وقد تلاشى تفكيري
شيء ما يتمزق في داخلي
وعذاب يزداد ببابي
أشعر بشيء لزج ينساب على جسدي
ولا أقوى حراكاً
فصوتي مكبل بجراحي
أموت ولا أصرخ
يداي مكبلتان بالحديد
وعيوني معصوبتان
فلا أرى النور
غير نور بصيرتي وقلبي
وأنا أتلو القرآن
فأشعر أنني أقوى من اللهب
وأقوى من سياط الألم
كتمت صرختي
فشعرت أن طائر الفينيق يصرخ بدلاً عني
ومع ازدياد الوقت
وأنا على حالي
تسارعت الضربات
وتسارعت دقات قلبي
ورأيت أشباحاً تدلف للمكان
ولكنني أغوص في تهيأتي
وأسقط في عالم اللاوعي من حولي
وبعد ساعات
وساعات من الوحدة على أرض الزنزانة
شعرت بألم رهيب يدكني في رأسي
وأفتح عيني أتلصص من تحت عصبتي
على نور ضعيف ينزلق من سدة شباك متهالك
وشعرت في لحظة بآلام رهيبة
فتراخت أوصالي
من شدة التعب
تمددت خلايا جسدي حتى التمزق
تراءى لي المكان بشكل آخر
الهمهمات من حولي
تزداد ضجيجاً
وتعلو وتزداد
أسمع حديث متشدق متعفن
لا أرى شيئاً
ولكنني أتهيأ تلك الوجوه الكالحة من حولي
في أشكال هلامية
والظلام يلف المكان
والسواد
وسكون مطبق على المكان
وأنا وحدي
لا أرى شيئاً
عينان معصوبتان
ويدان مقيدتان
ومصير مجهول
والبرد يلف المكان
يخترق أوصالي
حتى الأعماق
وفؤادي ينفطر
ودموعي تحجرت في المقل
وقلبي لهج بالدعاء
وسوط الجلاد علا
آلام أبحرت في ذكرياتي
أتراها تغادرني
أتراها تعلن الرحيل عني
أصوات تعلو بالخارج
وأنا وحدي
أنتظر
في مكان لا أعلم حتى شكله الداخلي
ومكنوناته وأسراره
وفي الليل
أسرح في وطني المسلوب
وأقصانا الأسير
ودموع خفية تنساب على وجنتي
وعندها
أغمضت عيني عن الوجود
فكان جسدي يسبح في دهليز هوائي لا نهاية
فأدركت أنني موجود في مكان لا حدود له
فطفقت أبحث عن نفسي
عن حريتي
وأنا أرى شعاع من نور برغم الظلام
ينساب من بعيد
فأرى نفسي
حمامة
فراشة
تطير في الأجواء
والليل أرخى سدوله
ولمع البرق
واشتد المطر
وتلمست طريقي بين الحفر
وصعقتني أصوات الرعد
فنمت
رغم فداحة الخطب
وسوء المشهد
واستيقظت على صوت نعيق البوم
والجلاد
لجولة تحقيق أخرى
ونظرت في نفسي فلم أعرفها
فملامحها العتيقة
تغيرت وتبدلت
أمام ناظري
وبعدها
تركوني وحدي
في ظلام دامس
أبحث في أسرار الكون
وأمامي كومة من الضباب
ولون من السحاب
فعلا صراخي فجأة
وشعرت
بوخز في أنحاء متفرقة من جسدي
ولا أحد يسمع صراخي
ومع اشتداد عصف الرياح
تذكرت أنني
في جوف الأرض
تكسرت المعاني في داخلي
وشعرت بالوهن لحظة
ولكنني استفقت سريعاً
وناديت بأعلى صوتي
لن تحرموني من الهواء لأتنفس
ولن أبقى أسيراً لخوفي
وآمنت
بأنه لابد من أن تتبخر تلك القيود الوهمية
وأن تتحرر روحي
فحلقت بعيداً بعيداً
غير آبه
بسياط الجلاد
ولا وحشة المكان
_________________
تحياتي:
العقول الكبيرة تبحث عن الأفكار..
والعقول المتفتحة تناقش الأحداث..
والعقول الصغيرة تتطفل على شؤون الناس..
مدونة /http://walisala7.wordpress.com/