[center][center]
[center]
[center]اخواني واخواتي الأفاضل
صراع أبدي
الإنسان بفطرته طيب يحب الخير، لذلك فإن لدى كل إنسان عندما يكبر نزعة
إلى الخير في أعماقه، وإن يكن من النوع الشرير الذي تغلب عنصر الشر على
نفسيته . لقد كتب الله الصراع بين الخير
والشر إلى يوم القيامة وما من إنسان إلا وتتنازعه قوتان، قوة الخير وقوة
الشر، فأيهما انتصر كانت طباع الانسان عليه، بمعنى أنه إذا انتصر الخير
كان الإنسان عنصراً نافعاً في مجتمعه، وإذا قدر للشر أن يتغلب على عنصر
الخير في نفس الإنسان، كان الانسان مفسداً، وهكذا نجد أن معظم الناس تارة
تتغلب قوة الخير فيهم وتارة تتغلب قوة الشر فيهم، فتجدهم على تقلب من
أمرهم، وهذا الصراع هو سنة ربانية ومن لوازم اسم الله الغفور أن يذنب الناس ثم يستغفروا ربهم، لذلك قال عليه الصلاة والسلام لولا أنكم تذنبون لأتى الله بقوم يذنبون ثم يستغفرون .
هنا تتضح أهمية النفس النقية الصافية، وما من أحد إلا وهو يقع في الذنب ولكن الفرق في أن الذي صفت نفسه ينتهي عن الذنب ويتوب إلى الله ويرجع إليه بنفس مستغفرة بعكس الذي لم تَصْفُ نفسه فإنه لا يعير الأمر أدنى اهتمام، بل
إنه يرى الذنب كأنه ذباب حط على أنفه فهشه بيده، أما النفس النقية الصافية
فإنها تراه كالجبل الذي جثم عليها، ولا يهدأ لها بال حتى تزيحه عنها بالتوبة والاستغفار .
وكون الإنسان مخلوقا لله ومستخلفاً في الأرض ليقيم فيها حياة اجتماعية مع غيره من البشر،
احتاج هذا الاجتماع إلى التمييز بين الحسن والسيئ، وبين الصالح والفاسد
وبين النافع والضار، كما احتاج إلي إصدار الاحكام علي تصرفات الإنسان
بالخير والشر، والحسن والسوء وبالصلاح والفساد، والأخلاق بالطبع هي
الدستور الذي ينطوي علي قواعد السلوك الذي يستند في تقييمه إلى الخير
والشر، فالحكم الأخلاقي هو حكم على سلوك الفرد
والجماعة والحكم هناك يستند إلى قيمتي الجمال والقبح وهاتان القيمتان
مرهونتان بالمصدر الذي يحكم عليهما، والإنسان منذ قدم التاريخ كان له تقييم ثابت وواضح من بعض الصفات مثل الكذب والنفاق والسرقة والغش وما إلى ذلك من صفات رفضها الإنسان بفطرته السليمة، وهذا يوضح أن للإنسان نزعة أخلاقية فطر عليها لا تتغير ولا تتبدل بمرور الزمن، فموقف الناس من الشجاعة والصبر والأمانة والعفة في القديم هو موقفهم نفسه الآن وسيبقى كما هو مستقبلاً، والمجتمعات الإنسانية على مر العصور قامت بحماية نفسها والحفاظ على كيانها ممن يحاولون المساس بالمجتمع وكيانه .
اللهم اغفر لي ولقارئ هذه السطور في هذه اللحظات