خضر الحوراني قصة مأساوية تختفي تفاصيلها خلف أكياس نايلون تطوق قدميه
بنفس المكان ونفس الزمان .. لكن الوجه يختلف عمن سبقوه , المكان شارع الرمال بغزة, والزمن كالمعتاد مع اشراقة كل شمس يوم جديد.
خضر الحورانى يبلغ من العمر 60 عاماً من مخيم جباليا شمال غزة , أخذ مكانه
أمام أبواب محلات بيع الملابس , واعتبر المكان حكرا له كأنه أنشئ له خصيصا
من قبل البلدية , أو من قبل بعض المؤسسات .
يجلس الحورانى متمددا لأنه لا يستطيع التربع , لأن هيئته توحى للرائي انه
عبارة عن نصف إنسان , والسبب يعود لبتر قدميه بسبب اصابته بمرض لعين وهو
السكري.
مراسلة "
وكالة قدس نت للأنباء " نسرين
موسى تربعت بجانب الحورانى , لتقف على الأسرار التى تخفيها الأكياس
الملتفة مكان قدميه , وتنقل تأوهات هذا الرجل المعذب التى تظهر معاناته
عبر نظرات عيونه , وتستجدى المارين أمامه ذهابا وإيابا لعل فى نقل قصته
تخفيفا ولو جزءا بسيطا من معاناته .
مكان شاهد على المعاناة
يقول المواطن الحورانى :" كنت مصابا بمرض السكري , وكان الأمر عاديا
بالنسبة لي وتعاملت مع الأمر بصورة طبيعية كما يتعامل أي مريض مع مرضه " .
ويضيف خضر:" إنه تعرض لجرح مفاجئ فى إصبع قدمه اليسرى , وتعامل معه عاديا
وأخذ الأمر كأنه شيء بسيط , وقام بلفه برباط قماش حتى يوقف نزيف الدم لكنه
اكتشف ان الدم لم يتوقف فهرع إلى المستشفى للعلاج ".
وقال :" تم لف الجرح وأخذت علاجا عبارة عن مسكنات وعدت للبيت لكنني تفاجأت
ان الألم أخذ يزداد يوما عن يوم , ولم أستطع فعل شيء سوى شرب المهدئات
لأنه لم يكن بجيبي ثمن المواصلات , ولا حتى ثمن الدواء ".
وبحزن تابع خضر:" فى أحد الأيام لم أتحمل الألم , وذهبت للمستشفى فكانت
الصدمة قوية ان الجرح قد تسمم وأصبت بغرغرينا وأخبرني الاطباء أنه سيتم
قطع قدماي الاثنتين الأمر الذي شكل صدمة لم اتوقعها بتاتا ".
بداية النهاية
ويقول خضر:" ومن هنا كانت بداية معاناتي , حيث بترت قدماي ومنذ تلك الساعة
لم اعرف بأى اتجاه أسير "، معبرا عن ألمه لأنه لم يملك أى مصدر للرزق بعد
قطع قدميه , حيث يقتصر بيته على مايتحصل عليه من الشئون الاجتماعية من
مستلزمات عينية كمعلبات وأمور بسيطة.
واستطرد الحورانى تفاصيل قصته وقال:" إن عدد أفراد عائلتي لا يتناسب مع ما
يدخل علينا من مساعدات , وهنا لم يكن بوسعي فعل شيء وتوجهت لعدد كبير من
الجمعيات مثل الجمعيات الخيرية الإسلامية والمؤسسات التى تعتني بشئون
المعاقين , فكان الرد من الجميع محصورا بكلمة " الحصار لم يبق على شيء
والوضع قاسى ولا يوجد مساعدا ت".
ويقول خضر أنه منذ تلك اللحظة شعر وكأن غمامة سوداء وضعت أمام عيناه ، حيث
ان كافة الأبواب أغلقت بوجهه ، حيث كان عائدا من تلك المؤسسات على كرسي
بعجلات مستهلكة .
وأوضح انه شعر بالتعب وجلس أمام أحد المحلات وصدفة مد أحد المارين يده وأعطاه بعض النقود".
وأضاف الحورانى:" كأن هذا الشخص وضع أمامى حلا , وكان الحل ان أجلس كل يوم
على هذا الحال أمام المحلات وأحصل على بعض النقود من المارين الذين يشفقون
على حالتي وشكلي " , منوها انه يسير أمور بيته بعشرة شواكل وأحيانا لمدة
ثلاث أيام.
وطأطأ الحورانى رأسه وخفض عيونه بالأرض ، قائلا:" صدقوني مللت هذه الحالة
فأنا حالتي متعبة , ولا استحمل الجلوس هكذا من الصباح حتى المساء دون
تناول أي لقمة طعام , متسائلا :" ماذا بوسعي غير هذا المصدر للرزق ولأى
مكان اتجه؟
وبختام حديثه ناشد الحورانى عبر قدس نت كافة المؤسسات بتوفير كرسي كهربائي يعينه على قضاء احتياجاته كونه المعيل الوحيد لأسرته .
واخيرا
نقول ولن نخجل مثل خضر الحورانى ... هل بات رصيف الاسفلت هو البديل عن
المؤسسات التى تعتني بشؤون المعاقين ، وأين دور كل المؤسسات الاجتماعية
التى تتغنى بالقيام بمنح العطاء والمنح ، أليس من واجبها الاهتمام بمثل
تلك الحالات ؟ لماذا هي موجودة على ارض الواقع ولا تقدم شيئا لهذه
الحالات؟ ولماذا يزداد عدد المعاقين على أرصفة الشوارع ما بين كفيف ومقعد
وغيرها من الحالات؟ ولماذا تلبس المؤسسات طاقية الإخفاء ولا تقدم اى خدمات
لهذه الشريحة التى أصبحت تدرج بقائمة تحت عنوان متسولين ؟؟؟ أسئلة كثيرة
تحتاج الى اجابة ولكن من يلبي النداء والجواب .
تنويه / للاستفسار على عنوان المواطن خضر الحورانى الرقم متواجد لدينا في وكالة قدس نت .