معاملة سيئة يتعرض لها الأسرى الفلسطينيين
أكدت وثيقة إنسانية صادرة عن منظمة أصدقاء الإنسان الدولية أنه لا مثيل
لمعاناة الأسرى الفلسطينيين وذويهم بالنظر إلى الحصار الذي تنتهجه
السلطات السياسية والعسكرية الإسرائيلية وتفرضه على الفلسطينيين.
وأصدرت منظمة أصدقاء الإنسان الدولية وثيقة بعنوان: "معاناة الحرمان وأمل
اللقاء"، تعرض لأهم الصعوبات التي تواجه الأسرى الفلسطينيين وذويهم عند
الزيارة والإجراءات الإسرائيلية المعيقة.
وقالت المنظمة في وثيقتها: إنه لا مثيل لمعاناة الأسرى الفلسطينيين
وذويهم بالنظر إلى الحصار المقيت، الذي تنتهجه السلطات السياسية
والعسكرية الإسرائيلية وتفرضه على الفلسطينيين منذ الثامن والعشرين من
سبتمبر عام 2000 في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وأضاف التقرير أنه أصبح من الصعب على ذوي الأسرى القيام بزيارة أسراهم في
السجون ومراكز الاعتقال الإسرائيلية، مبينة أن حزمة من الإجراءات
الإسرائيلية المتبعة بحق المعتقلين وذويهم أدت إلى تعقيد عملية الزيارة
أو توقفها في حالات كثيرة.
وبينت أن عدد الأسرى الفلسطينيين الحالي يقارب تسعة آلاف أسير في السجون
الإسرائيلية؛ وهو ما يعني أن 9 آلاف عائلة فلسطينية على الأقل تعاني من
الحرمان من التواصل مع ذويها وأقاربها من الدرجة الأولى، هذا بالإضافة
إلى آلاف العائلات الأخرى التي تقرب الأسرى بدرجة ثانية، وهي ممنوعة
مطلقا من زيارة أقاربها.
وأكدت المنظمة أن حرمان الأسير من رؤية أحبائه (الوالد، الوالدة، الزوجة،
الأولاد، الإخوة)، والجلوس معهم، والحديث إليهم وتقاسم الأفراح والأتراح
معهم، وحرمانه من احتضان أبنائه الصغار بشكل خاص، يشكل معاناةً قل نظيرها
في الوقت الحاضر، وهي معاناة مركبة تثقل كاهل الأسرى وأقاربهم في آن،
وتشكل ضربة نفسية قاسية بحقهم.
"وهنا يتساءل أصدقاء الإنسان ومحبو الحرية في العالم: ما ذنب الطفل
الصغير حتى يتجرع مرارة حرمانه من لقاء أبيه؟ وما ذنب الشيخ الطاعن في
السن حتى يحرم من لقاء ولده؟".
وذكر التقرير أن كل ذي لب يستنتج أن السلطات الإسرائيلية تفرض عقوبات
جماعية انتقامية لا إنسانية وغير مبررة على قطاع واسع من الشعب
الفلسطيني، وينبغي التضامن الفعال لرفعها.
وعن صعوبة الزيارة والإجراءات الإسرائيلية المعيقة، أشارت المنظمة إلى أن
سلطات الاحتلال تشترط حصول ذوي الأسرى على تصاريح زيارة خاصة من أجهزتها
الأمنية عبر اللجنة الدولية للصليب الأحمر لزيارة المعتقلين والأسرى؛ كي
يسمح لحاملها بعبور الحواجز العسكرية، والدخول إلى قاعة الزيارة في
المعتقل.
وبينت أن هذه التصاريح تمنع في حالات واسعة عن الأب أو الأم أو الابن أو
الأخ "الأخوة فوق سن 13 ممنوعون من الزيارة مطلقا"، مشيرة إلى أنه في كل
زيارة لا يتجاوز عدد الأقارب المصرح لهم بالزيارة اثنين غالبا، وفي حالات
يتم المنع من الزيارة بالرغم من امتلاك الزائر للتصريح.
وأشار التقرير إلى أن الزيارة تمنع منعا باتا خلال مرحلة التحقيق مع
الأسير، وتمتد هذه المرحلة الزمنية إلى سبعين يوما في بعض الحالات، وأنه
عندما يستقل الزائرون الحافلة المخصصة لإيصالهم إلى السجن، تبدأ رحلة
عذاب حقيقية بالنسبة لهم؛ حيث الأعداد الكبيرة من الحواجز العسكرية التي
يجب اجتيازها، والانتظار الطويل عليها، والمضايقات والمعاملة العنصرية
والفوقية من قبل أفراد الجيش، وعملية التفتيش وتغيير الحافلات، أصبحت
عناصر تحيل الزيارة إلى معاناة حقيقية.
وحسب وثيقة المنظمة، ينطلق الزائرون في الثالثة فجرا ويعودون إلى بيوتهم
قبل منتصف الليل في أغلب الحالات، بالرغم من أن المسافة بين البيت والسجن
لا تستغرق الساعة والنصف أو الساعتين، وأن مدة الزيارة 45 دقيقة، تقصر في
حالات لذرائع متعددة.
وأضاف التقرير أنه عند الوصول ينتظر الزائرون في باحات غير مجهزة،
ويتعرضون للمماطلة في عمليات الإدخال إلى قاعة الزيارة، ويضطرون للانتظار
لمدد مختلفة تقرب من الثلاث ساعات أحيانا، ويفاجأ الأهالي في بعض الحالات
بإنكار إدارة السجن لوجود الأسير.
وتتبع إدارات السجون سياسة التفتيش بحق الأسرى وذويهم قبل وبعد الزيارة
في حالات كثيرة، وتجبرهم على خلع ملابسهم وسط سيل من الإهانات والشتائم
والكلمات النابية الموجهة للأسرى.
وتبدأ الزيارة بدخول الأهالي إلى قاعة الزيارة، واصطفافهم في الجهة
الخارجية من الشبك الحديدي والحائط الزجاجي العازلين، ويصطف الأسرى في
الجهة الداخلية المقابلة، ويبدأ الحديث؛ حيث يضطر الطرفان للصراخ من أجل
سماع بعضهما البعض، لوجود العازلين ولكثرة الأطراف المتحدثة.
في تلك الدقائق المعدودة يحاول كل من الأهالي والأسير التركيز على حركة
الشفاه ليترجمها إلى كلام، وتكون المحادثة أحيانا عبر ميكروفونات.
ووفق الوثيقة تلجأ السلطات الإسرائيلية ضمن سياسة العقاب الجماعي لمنع
زيارات الأسرى بحق محافظات كاملة، ولمدد طويلة، وتلجأ إدارة السجن لمنع
بعض الأسرى من الزيارة كإجراء عقابي لهم.
وأكدت المنظمة أن هذه الإجراءات تشكل حلقةً في سياسات السلطات
الإسرائيلية المتبعة بحق الأسرى بشكل عام، وتتضح الصورة أكثر إذا ألّم
المرء بأساليب القهر والتعذيب التي تتبعها تلك السلطات بحق الأسير منذ
لحظة اعتقاله وقذفه في السجن، مرورا بأقبية التحقيق وجلادي المخابرات
وعمليات التعذيب الرهيبة التي يتعرض لها، والمحاكم الصورية والظالمة التي
يعرض عليها، والأحكام الجائرة التي تصدر بحقه عنها، والظروف المأساوية
الأخرى التي يعيشها في السجون، المتمثلة بالازدحام في الغرف وظروف
الإقامة اللاإنسانية، وسوء التغذية والإهمال الصحي وغيرها؛ وهو ما يصعب
حصره في هذه الوثيقة.
إذن الهدف هو إضعاف الأسرى معنويا، وتدميرهم صحيا وعقابهم وذويهم، ولا بد
من تضافر الجهود لرفع المعاناة والحرمان عنهم، وتحقيق أمل اللقاء الدائم
بعائلاتهم.
_________________
تحياتي:
العقول الكبيرة تبحث عن الأفكار..
والعقول المتفتحة تناقش الأحداث..
والعقول الصغيرة تتطفل على شؤون الناس..
مدونة /http://walisala7.wordpress.com/