رجب أبو سرية
ثلاثة أسابيع، تبدو مهمة، يتم خلالها ترتيب أضلاع المثلث السياسي المحيط بالمسألة الفلسطينية، تقوم خلالها الأطراف المعنية بترتيب أوضاعها الداخلية، قبل أن تشرع بالذهاب للبحث في طبيعة العلاقات البينية فيما بينها، حيث يبدو الطرف الفلسطيني في الوقت الذي يضع فيه يده على قلبه باتجاه الحوار الشامل في القاهرة، يضع في الوقت ذاته عيناً على تل أبيب وأخرى باتجاه واشنطن. ربما كانت هي المصادفة وحدها التي جعلت من التوقيت متقارباً، بين موعد الانتخابات الأميركية في الرابع من تشرين الثاني المقبل، وتشكيل حكومة تسيبي ليفني في إسرائيل، وعقد مؤتمر الحوار الفلسطيني في القاهرة، لكن المصادفة لا تعني انعدام تداخل هذه العوامل في تأثيرها، بعضها على بعض، على الأقل وفق تقديرات صانعي السياسة المحليين.
وإذا كان انتخاب المرشح الديمقراطي باراك اوباما، الذي تمنحه استطلاعات الرأي تفوقاً مستمراً على المرشح الجمهوري جون ماكين، سيعني احتمالاً مرجحاً لتغيير السياسة الجمهورية الشرق أوسطية، خاصة ما يتعلق منها بسياسة الاحتواء المزدوج، واستخدام العصا الغليظة في مواجهة محور الممانعة الإقليمي، فإنه من شبه المؤكد أن تشرع حكومة ليفني الجديدة في مراجعة تفاهمات التهدئة، خاصة وأن السقف الزمني لهذه التفاهمات سيكون قد شارف على الانتهاء.
الربط بين مآل التهدئة والنتائج المقبلة للحوار، يبدو منطقياً ومن أكثر من زاوية، لعل أولها الرعاية المصرية، التي أهلها نجاحها في عقد تفاهمات التهدئة بين إسرائيل وحماس في غزة، إلى الانتقال للملف الآخر، الذي له صلة بحماس في غزة، نقصد ملف علاقتها بالسلطة المركزية في الضفة الغربية، خاصة أن هذا الملف كان من المفترض أن يبحث بعد أسبوعين فقط، من سريان التهدئة، بالانتقال من أول بنودها المتعلق بالوقف المتبادل لإطلاق النار (الذي تم بنجاح وعلى مدار أربعة أشهر مضت) إلى ثاني بنودها الخاص بفتح معبر رفح.
لم يتم تنفيذ هذا البند، ولا حتى البحث فيه، لأن الأمر كان سيدخل في صلب علاقة حماس في غزة بالسلطة المركزية الفلسطينية في الضفة الغربية، لأن حماس طالبت بمعبر فلسطيني - مصري، أي معبر مفتوح بينها وبين مصر، فيما مصر لم تستطع تجاوز النظام الإقليمي بكون نظام المعبر خاضعاً لاتفاقات كامب ديفيد وتفاهمات 2005، التي تعني تطبيقاتها وجود حرس الرئاسة الفلسطينية فيه.
تبدو رغم كل التفاصيل والأقاويل، عن تشكل "إعلان مبادئ" فلسطيني، سيعلن عنه في الحوار الشامل في القاهرة، بعد مرور أسبوع على بداية تشرين الثاني المقبل، تبدو صفقة الحد الأدنى على صورة "استكمال لتفاهمات التهدئة" وبشكل مختصر على شكل مقايضة فتح معبر رفح بتمرير التمديد للرئيس أبو مازن.
وحماس في غزة، في ظل مراجعة مرجحة لتفاهمات التهدئة مع إسرائيل، ومن قبل حكومة ليفني المقبلة، تبدو بحاجة إلى "غطاء" رسمي، سيكون فلسطينياً ضمن إطار العباءة العربية، عبر إعلان المبادئ المنتظر، يحميها من إعلان إسرائيلي محتمل بالتراجع عن تفاهمات التهدئة.
فيما تطبيق بقية بنود التفاهمات الفلسطينية الداخلية، سيحتاج وفق تقديرات الأوساط المعنية ذاتها، إلى فترة من 6 - 9 شهور، وهذا يعني أن تطورات سياسية إقليمية من شأنها أن تقرر مصير إعلان المبادئ المتوقع، وهذا يبرر "قبوله" لو حتى على مضض، من قبل حركة حماس بالذات، التي لا يمكنها أن تحتمل النتائج المترتبة على إعلانها كطرف معطل للحوار من قبل مصر والنظام العربي، في ظل احتمال عودة التهديد الإسرائيلي باجتياح القطاع وإسقاط سلطتها العسكرية فيه.
الجانب الرسمي العربي، بما فيه مصر، ثم وبشكل خاص الرئاسة الفلسطينية، باتت بحاجة إلى مثل هذا الاتفاق لتقوية وضعها التفاوضي مع الجانب الإسرائيلي، ثم لتمرير اتفاق الحل، الذي مُنح بذلك فترة إضافية (ستة أشهر)، إذا ما تم انجازه خلالها، يمكن الذهاب إلى انتخابات عامة في النصف الثاني من العام المقبل أو في أوائل العام الذي يليه، تكون بمثابة تصويت على الحل.
لعل إشارة موسى أبو مرزوق في مؤتمره الصحافي، عقب لقاء وفد حماس الذي ترأسه بالوزير المصري عمر سليمان، بأن حركته ستلتزم بأية اتفاقات ستوقعها السلطة (لم يقل اتفاقات "سابقة" وقعتها السلطة)، تضيء إلى حدود بعيدة هذه الصورة السياسية، التي تتجه الأطراف كافة على طريق رسمها مجتمعة.
أي أن الاحتكام للانتخابات المقبلة، سيكون في ظل متغيرات إقليمية يراهن كل طرف على أن تكون في صالحه، وبالتالي تعزز من قوته السياسية، لكن عقدة المنشار الآن التي يتمسك بها معارضو الحوار والدخول في لعبة السياسة وف
_________________
تحياتي:
العقول الكبيرة تبحث عن الأفكار..
والعقول المتفتحة تناقش الأحداث..
والعقول الصغيرة تتطفل على شؤون الناس..
مدونة /http://walisala7.wordpress.com/