مصر: ثلاثة من 'تلامذة سيد قطب' يتنافسون على رئاسة 'الإخوان'
أحمد مصطفى : في وقت تحاصر الصراعات الداخلية جماعة «الإخوان
المسلمين» في مصر، علمت «الحياة» أن الجماعة أنهت أمس إجراءات انتخاب
خليفة للمرشد الحالي مهدي عاكف، إذ بدأت عمليات فرز الأصوات تمهيداً
لتسمية مرشد عام ثامن للجماعة.
ويتنافس
على المقعد المهم ثلاثة من الجناح المحافظ الذي تمكّن من فرض سطوته على
مكتب الإرشاد في الانتخابات التي أجريت قبل أسبوعين وأحدثت جدلاً كبيراً
حول شرعيتها، وهم أستاذ الباثولوجيا (علم الأمراض) الدكتور محمد بديع الذي
يعد واحداً من أعظم مئة عالم عربي بحسب الموسوعة العلمية العربية التي
أصدرتها هيئة الاستعلامات المصرية عام 1999، ومسؤول قسم الطلبة في الجماعة
الدكتور رشاد البيومي، والمؤرخ الرسمي لـ «الإخوان» الدكتور جمعة أمين.
وينظر
إلى الثلاثة (بديع والبيومي وأمين) الذين تعدوا الخامسة والستين من العمر
على أنهم من تلامذة القيادي الأصولي الراحل سيد قطب وتمكنوا من الاستمرار
في عضوية مكتب إرشاد «الإخوان» طيلة الخمسة عشر عاماً الماضية.
وكشف
لـ «الحياة» مصدر قيادي في «الإخوان» أن الجماعة «أنهت بالفعل إجراءات
تسمية المرشد العام الثامن». وأشار إلى «أن عمليات الفرز بدأت على الفور
(أمس)». وأوضح أن الجماعة وزعت قبل يومين بطاقات الترشيح على أعضاء مجلس
الشورى العام والمخول له انتخاب مكتب إرشاد ومرشد عام الجماعة. ولفت إلى
أن «بعض الأقطار في مصر تمكن بالفعل من عقد اجتماعات للانتخاب، فيما مررت
الجماعة بطاقات الترشيح على أعضاء مجلس الشورى في الأقطار التي لم تتمكن
من الاجتماع».
وطبقاً
للمادة 9 في اللائحة الداخلية لـ «الإخوان»، يحتل المرشد العام المرتبة
الأولى في الجماعة باعتباره رئيساً لها، ويرأس في الوقت نفسه جهازي السلطة
فيها وهما مكتب الإرشاد العام ومجلس الشورى العام. ويُنتخب المرشد العام
من طريق مجلس الشورى العام ويجب أن يكون قد مضى على انتظامه في الجماعة
«أخاً عاملاً» مدة لا تقل عن خمس عشرة سنة هجرية، وبعد انتخابه يبايعه
أعضاء الجماعة. وعليه التفرغ تماماً لمهمات منصبه، فلا يصح له المشاركة في
أي أعمال أخرى عدا الأعمال العلمية والأدبية بعد موافقة مكتب الإرشاد
عليها. ويظل المرشد في منصبه مدة ست سنوات، قابلة للتجديد مرة واحدة.
ويختار المرشد العام نائباً له أو أكثر من بين أعضاء مكتب الإرشاد العام.
وفي حال وفاته أو عجزه عن تأدية مهماته، يخوّل إلى نائبه القيام بعمله إلى
أن يجتمع مجلس الشورى العام لانتخاب مرشد جديد، وكذلك يمكن لمجلس الشورى
العام أن يُنحّي المرشد إذا خالف واجبات منصبه.
ورجح
المصدر القيادي الذي رفض ذكر اسمه أن يكون هناك جولة إعادة في الانتخابات،
إذ من الصعب أن يتمكن أحد المتنافسين الثلاثة من حصد 50 في المئة من أصوات
الناخبين زائداً صوتاً واحداً.
وأشار
المصدر لـ «الحياة» إلى أن اجتماعاً سيعقد الأربعاء المقبل لمكتب الإرشاد
بهيئته كاملة «لإقرار اسم المرشد الثامن للجماعة تمهيداً لعرضه على إخوان
الخارج». وأوضح أنه بعد إقرار الاسم من قبل مكتب الإرشاد سيتم عرضه على
«الإخوان» في الأقطار العالمية، وهو الأمر الذي يأخذ فترة قد تطول إلى
أسبوع، إذ يجب أن يتم تمرير الاسم على نحو 27 دولة. وأشار إلى أنه في حال
وافق «الإخوان» في الخارج على الاسم سيتم إعلانه رسمياً في اجتماع يعقد
لمكتب الإرشاد من المتوقع له نهاية الأسبوع المقبل والذي سيتم فيه تكريم
المرشد الحالي مهدي عاكف والاحتفاء بالمرشد الجديد. أما في حال الرفض،
فيفترض أن يقوم «إخوان الخارج» بعرض اسم جديد ليعود مرة أخرى للتمرير على
مجلس شورى الإخوان في مصر، وهو الأمر الذي استبعده المصدر. إذ قال: «لم
يحدث طيلة تاريخ الجماعة أن رفض إخوان الخارج اسم المرشد الذي انتخبه مجلس
شورى الإخوان العام في مصر». وشدد المصدر على أن كل ما يطرح من أسماء داخل
وسائل الإعلام هي تسريبات قد تُخطئ وقد تصيب «فالمنافسة حامية ولا يستطيع
أحد طرح أي أسماء قبل انتهاء عمليات الفرز وظهور النتيجة».
ويتنظر
المرشد العام لجماعة «الإخوان» مهمات صعبة خصوصاً في ظل صراعات الأجنحة
التي شهدتها الجماعة طيلة الشهرين الماضيين والتي وصلت إلى تخلي الرجل
الثاني فيها الدكتور محمد حبيب عن مناصبه. وينظر المراقبون إلى الشأن
الداخلي المصري بمزيد من الترقب والقلق إلى كيفية تعامل المرشد الثامن
للإخوان مع الانقسامات الداخلية في ظل تعالي الأصوات داخل الجماعة بضرورة
إعادة صوغ اللائحة الداخلية، تمهيداً للتعاطي مع قرارات صعبة ستواجهها
الساحة الداخلية المصرية خلال العامين المقبلين بدءاً من انتخابات التجديد
النصفي لمجلس الشورى (الغرفة الثانية في البرلمان المصري) والتي تجرى
نهاية نيسان (أبريل) المقبل، وصولاً إلى انتخابات مجلس الشعب في تشرين
الأول (أكتوبر) المقبل، وانتهاء بالانتخابات الرئاسية التي ستجرى في خريف
العام 2011.