حي رباح
شكراً
لحملة التضامن الفلسطينية مع قطاع غزة، التي انطلقت من الجليل والمثلث
والنقب، ووصلت الى حاجز ايرز، أو معبر بيت حانون، بشمال القطاع، أي الحدود
الفلسطينية الاسرائيلية، والتي كان على رأسها الأخ والصديق العزيز طلب
الصانع عضو الكنيست الفلسطيني المعروف.
ورغم ما اكتنف هذه الحملة من
بعض الملابسات والتفاصيل الصغيرة، التي تجعل من الصديق طلب الصانع هدفاً
لسهام المتطرفين الاسرائيليين في الصحافة وفي المواقع الأخرى!!! ولكني
اعتقد أن الحملة الفلسطينية للتضامن مع قطاع غزة، أشـرت بقوة الى الاتجاه
الصحيح، والى الهدف الصحيح، والى المتهم الأول والرئيسي وهي دولة
الاحتلال، التي تفرض الحصار على قطاع غزة، انطلاقاً من مفهوم خاطئ وخطير
تحاول أن تروج له على نطاق واسع، وهي أنها لم تعد تحتل قطاع غزة، وبالتالي
فهي لم تعد تتحمل أية مسؤولية عنه، وهذه كما يعلم الجميع ليست مجرد أكذوبة
كبرى، ولكنها عنوان لمخطط اسرائيلي غاية في الخطورة تسعى اسرائيل لتنفيذه
منذ سنوات، وقطعت الحكومات الاسرائيلية المتعاقبة أشواطاً ناجحة في تنفيذ
هذا المخطط، ابتداء من الانسحاب الاسرائيلي أحادي الجانب من قطاع غزة الذي
جرى في خريف 2005، ثم القيام بحملة دبلوماسية واعلامية باهظة جداً تحت
شعار براق "لم نعد نحتل قطاع غزة"، ثم فرض الحصار الكامل على القطاع عشية
الانقسام، وكأن اسرائيل تريد أن تلقي مسؤولية الحصار على الانقسام، ثم
التعامل بأسلوب معين مع حملات الاغاثة الدولية التي كانت تأتي من المعابر
الاسرائيلية أو من البحر، بحيث ان المشرفين على تلك القوافل لم يعودوا
يتوجهون بالمرة الى المعابر الاسرائيلية، بل ركزوا جهدهم على معبر رفح، في
ايحاء يكتنفه الكثير من الالتباس والشك والغموض، كما لو أن الشقيقة مصر هي
التي تحاصر القطاع وليست اسرائيل.
بالنسبة لحملات التضامن مع الشعب
الفلسطيني، وقوافل الاغاثة على وجه الخصوص، تحتاج من النخب السياسية
الفلسطينية الى انتباه شديد، حتى لا تجد هذه النخب نفسها متورطة من حيث لا
تدري في تنفيذ مخططات معادية، ونكون كمن نذبح أنفسنا بأيدينا، حيث لا ينفع
الندم.
فأول خطوة في هذا الانتباه الشديد المطلوب، هو اعادة الأمور الى
نصابها، ان القضية الفلسطينية بكل تفريعاتها هي قضية سياسية وليست قضية
اغاثية، وأن الجهد الرئيسي يجب أن يتوجه الى الاحتلال، فلو لم يكن هذا
الاحتلال موجوداً بفعالياته المتعددة، المباشرة وغير المباشرة، لما كان
الوضع مأساوياً على هذا النحو الذي نراه، ويجب أن يدرك الجميع أنه في هذا
المجال بالتحديد فان بعض النوايا الظاهرية الطيبة تقود الى الجحيم، لأن
حملات التضامن وقوافل الاغاثة التي يلاحقها الاعلام المنحاز المبرمج، تخلق
وعياً زائفاً، وتسيء بشكل مقصود الى الأولويات الفلسطينية، بل ان بعض
مقدساتنا وثوابتنا الفلسطينية تهان بشدة في ضجيج هذه الحملات والقوافل،
فما نريده أولاً وثانياً وعاشراً هو الحرية، والاستقلال، واقامة الدولة،
والقدس عاصمتنا، وليس بعض المواد الغذائية التي يصرف على توصيلها الينا
أضعاف أضعاف ثمنها، والتي تستغل أبشع استغلال في الدعاية السياسية لأطراف
هي معادية لشعبنا، وتجعل من بعض الأشخاص والجهات تتكسب سياسياً على حساب
صورتنا وكرامتنا المهدورة، فنحن شعب لنا عدو واحد وهو الاحتلال الذي يحتل
أرضنا، ولسنا شعبا يريد أن يعيش على الفتات يوماً بيوم.
من هذا
المنطلق أشعر باعتزاز تجاه حملة التضامن الفلسطينية التي انطلقت من داخل
الفلسطينيين في اسرائيل، باتجاه معبر ايرز الاسرائيلي شمال القطاع، لأن
هذه الحملة صوبت الاتجاه، وكرست المعنى الحقيقي، وأشارت الى المتهم الأول
والأخير وهو الاحتلال الاسرائيلي، بعكس الكثيرين الذين يقومون بتصفية
حسابات في التشنج الاقليمي على حساب قضيتنا الوطنية الفلسطينية.
أعرف
أن السياسة هي قمة المصالح، وأن أولئك الذين ينظمون قوافل الاغاثة كثير
منهم منخرط في أحلاف سياسية، أو متورط في العمل لصالح جهات بعينها، وآخرون
يظهرون فجأة وينطفئون بسرعة بعد أن يكونوا حققوا بعض الربح المادي، ونحن
لا نستطيع أن نمنع أحداً من فعل ما يريد، ولكننا نستطيع فلسطينيا وبوعي
مسؤول أن لا نحول قضيتنا الى أشلاء يتجاذبها المتخاصمون في الاقليم من
حولنا، فهؤلاء المتشنجين اقليمياً الذين يقفون عاجزين وفاشلين عن تقديم أي
عون للقدس، لا يجب أن نمنحهم مكافأة على فشلهم وخذلانهم، ان يحولوننا الى
متسولين نكيل المدائح لمن يحضرون لنا بعض الطعام الفاسد بأكبر قدر من
الضجيج.
Yehia_rabah2009@yahoo.com
Yhya_rabah@hotmail.com
_________________
تحياتي:
العقول الكبيرة تبحث عن الأفكار..
والعقول المتفتحة تناقش الأحداث..
والعقول الصغيرة تتطفل على شؤون الناس..
مدونة /http://walisala7.wordpress.com/