"المستقلون" همهم فلسطين.. أم يتبعون لجهات أخرى ...؟!
تشهد
الساحة الداخلية الفلسطينية هذه الأيام، حالةً من المد المتزايد في تبلور
أجسام تؤطر داخلها "مستقلين"، لاسيما وأن رؤوسها اللامعة كانوا معروفين
بانتمائهم الحزبي لقوى سياسية، حيث يفسر الخبراء والمحللون وجود بعضها على
أنه "منابر لجهاتٍ خارجية".
رصدنا آراء الخبراء والمحللين حول هذه الظاهرة، لاسيما وأن عدد هذه الأجسام والتكتلات الفاعلة بلغ حتى الآن أحد عشر.
الدكتور
إبراهيم أبراش، أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر بغزة، لم يستبعد أن
يكون الهدف من هذه الظاهرة هو إحداث اختراق في الجسم الفلسطيني من الخارج.
وقال:"
هنالك أطرافاً إقليمية ودولية متعددة تسعى إلى أن يكون لها حضور في الساحة
الفلسطينية، إما من خلال الجمعيات المنتشرة بشكلٍ كبير، أو عبر تشكيل
جماعات تحت مسمى "مستقلين" لتكون منابر لها".
ولفت
أبراش النظر إلى أن مصر والأردن وفرنسا وحتى إسرائيل معنيون أن يكون لهم
حضورهم على الساحة السياسية الفلسطينية، غير أنه بيَّن أن "بعض هذه
التشكيلات انطلقت من منطلق حسن نية، وترغب بتجديد الحالة السياسية على
الساحة الفلسطينية".
وشدد
أبراش على أن هذه الظاهرة لا يمكن إيقافها ما دام هنالك انهياراً في
المشهد السياسي الفلسطيني بفعل حالة الانقسام وضعفاً في النظام السياسي
القائم، كون أن كل طرف يطرح نفسه كمنتقد، واعتبر في ذات الوقت أن الأمر
منوطٌ بالأحزاب السياسية دون غيرها من خلال قيامها بفرض حضورها عبر الخطاب
السياسي الواضح.
من
جانبه، قال الكاتب الصحفي والمحلل السياسي مصطفى الصوَّاف، :" باعتقادي أن
هذه الأجسام الجديدة تذكرنا بجوقة المستقلين في عهد الرئيس الراحل ياسر
عرفات الذين كان يضعهم ضمن مؤسسات م.ت.ف، وجمعيهم يتبعون السياسة التي كان
يرسمها".
وأضاف:"
واليوم هذه الأجسام أدوات يستخدمها السيد محمود عباس وحركة "فتح"، فعلى
سبيل المثال فإن ياسر وادية هو محسوب على "فتح" ولكن بقدرة قادر أصبح
شخصاً مستقلاً، أما منيب المصري فهو شخصية اقتصادية ومنذ عرفنا السياسة
فهو محسوب على حركة "فتح"، حتى أن أحمد قريع عندما انتخب في اللجنة
التنفيذية لـ م.ت.ف فقد انتخب على بند مستقل "فهل قريع شخص مستقل؟!" وهذا
هو سؤال يطرحه الجميع وكل العقول".
وأوضح
الصواف أن "هذه الأجسام ما هي إلا أدوات من هذه الجهات، أجندتها مرتبطة
بأجندة الأدوات التي تستخدمها وليست لها أي أجندة خاصة، حيث تعتمد على
برامج التمويل وهي منفذة لسياسات، ولكنها تدعي الاستقلالية".
على
صعيدٍ متصل، يشير أحد الكتاب المعروفين أن صديقاً له دعاه قبل أيام
للانضمام إلى جسم جديد من أجسام المستقلين الفلسطينيين، لافتاً إلى أن
رئيس هذا الجسم المستقل الجديد هو وزير سابق، ويتمتع بشبكة علاقات واسعة
جداً مع كثير من الشخصيات في العالم.
ويقول
الكاتب تحسين أبو عاصي:" لم تفاجئنِ الدعوة بسبب أنها من بنات أفكار وزير
سابق تحوّل وبقدرة قادر بين عشية وضحاها من تبني خط سياسي ما إلى خط يدعي
فيه استقلاليته في رؤيته وطرحه، لأن الغالبية العظمي ممن ينعتون أنفسهم
بـ"المستقلين الفلسطينيين" هم يتبنون نهجاً سياسياً واضحاً كل الوضوح من
حيث التوجه والرؤية، بعيدين كل البعد عن الاستقلالية بالمفهوم السياسي،
ومع الأسف يعتبرون أنفسهم مستقلين".
ويشير
أبو عاصي إلى أنه جسماً مستقلاً بارزاً كان قد دعاه قبل شهور قلية لإجراء
حوار - وعندما طلبت منه الاطلاع على أوراقه لكي أعرف توجهاته السياسية،
وجدت أنها نسخة طبق الأصل عن جسم سياسي فاعل ومؤثر على مجريات الحدث،
فاعتذرت رافضاً الحوار معه.
ويضيف
:"إذ من غير المقبول للمستقل الفلسطيني أن يتلون بصبغات سياسية وفق الزمان
والمكان والمعطيات والأحداث ، ويضع نفسه تحت عباءة قوة ما أو تنظيم ما ،
متلاعباً بشعارات وأفكار وأطروحات يمكن أن نشم من ورائها رائحة ما".
ويتابع:"
إن المستقل هو الذي يجب أن ينتقد بأدب كبير، وبدون تجريح ولا تشهير بأحد ،
ينتقد كل القوى على الساحة الفلسطينية خاصة القوى الفاعلة منها ، وهو أكثر
ما يدعو إلى الوحدة الوطنية ومناقشة مشكلات وهموم الشعب الفلسطيني ، ويطرح
البديل ضمن رؤية علمية تحليلية وعملية واقعية ؛ لأنه لا يستظل تحت جناح
أيٍّ من القوى ، وهو يجب أن يتفاعل بحراك سياسي له الحضور المتميز".
ويرى
أبو عاصي أن كثيراً من المستقلين الفلسطينيين المغمورين على درجة عالية من
الإبداع، ولكنهم مغمورون وربما لا يعلم بهم أحد، وهم يملكون قوة كبيرة في
الإقناع والتأثير ولكنهم مغيبون، وهم على غزارة من الوعي ما يؤهلهم لدخول
معترك العمل السياسي بنزاهة وشفافية وحراك مبدع وكبير.
ويمضى
في القول:" لقد شاءت الظروف أن يعتلي منصة الأضواء شخصيات تدعي
الاستقلالية دفعت بهم المعطيات السابقة إلى ساحة الفعل السياسي، شخصيات
تدعي الاستقلالية وهي قريبة كل القرب من صناع القرار السياسي ، وهم يدلون
بدلوهم من هنا وهناك على استحياء، وكأنهم يريدون أن يقولوا لمن يرغبون
أننا نحن هنا .... من أجل تحقيق أهداف ومصالح مكشوفة !!!".
"الوادية" يؤكد استقلالية التجمع
وبعد نشر التقرير على وكالة فلسطين اليوم الإخبارية رد الدكتور ياسر الوادية ممثل الشخصيات المستقلة في المصالحة على تصريحات
للكاتب مصطفى الصواف رئيس تحرير صحيفة فلسطين السابق وردت في سياق التقرير
حيث أكد أن يعمل هو وتجمع الشخصيات الفلسطينية المستقلة انطلاقا من
المصلحة الوطنية العليا للشعب الفلسطيني ، وأضاف :" نكن الاحترام والتقدير
للفصائل الفلسطينية ولا نطرح أنفسنا كبدائل عنها لكن لا تربط أي من أعضاء
تجمع الشخصيات الفلسطينية المستقلة أي انتماءات لهذه الفصائل ولم يسجل
يوما علينا ارتباطاً تنظيميا مع أيا من الفصائل الفلسطينية .
وذكر
الوادية أن الجهد المبذول من قبل الشخصيات المستقلة الفلسطينية يأتي في
إطار الدافع الوطني وليس شغل فراغ كما يتصور البعض ، لافتا الانتباه الى
أن تجمع الشخصيات المستقلة يضم مجموعة واسعة من علماء المسلمين ورجال
الدين المسيحيين والأكاديميين ورجال الأعمال ورجال الإصلاح وممثلي عن
مؤسسات المجتمع المدني في الضفة الغربية وقطاع غزة والشتات الفلسطيني .
وبين
الوادية أن الشخصيات المستقلة تبحث حاليا في ملفين أساسيين الأول المساهمة
في رأب الصدع الداخلي وترتيب البيت الداخلي الفلسطيني بالإضافة إلى البحث
عن آليات تعمل على تخفيف معاناة الشارع الفلسطيني . والمح الوادية إلى
إمكانية بحث بعض الأطراف إلى تشتيت جهد الشخصيات المستقلة من خلال طرح
فرقعات إعلامية وإظهار أجسام تدعي الاستقلالية على الرغم من تحفظ
المستقلين على هذه الوجوه .
_________________
تحياتي:
العقول الكبيرة تبحث عن الأفكار..
والعقول المتفتحة تناقش الأحداث..
والعقول الصغيرة تتطفل على شؤون الناس..
مدونة /http://walisala7.wordpress.com/