تعبير ' الآخر ' عند حماس
كتب
حسن عصفور / تتمتع حركة حماس ببعض من صفات تميزها عن غيرها من الفصائل
العاملة على ' الساحة السياسية ' تستند بها للبقاء كلاعب هام في '
المعادلة المتحركة اقليميا ' بتوافق دولي ، يساعدها في ذلك استخدامها '
الدين ' كغطاء لعملها وخطابها ، كما استغلت بشكل مرن وحذق أيضا ' تعطش
الانسان العربي أولا والمسلم ثانيا ' للانتقام من اسرائيل سواء كان الشكل
مقبولا أو غير مقبول ، وبهما مع بعض تكتيات أخرى تمنكت من الوصول لما حدث
عام 2006 من انقلاب كامل في مكانتها على الخريطة السياسية ، وتعمل بكل
السبل الشرعية وغير الشرعية كي تحتفظ بها الى ابعد حد ممكن ، منتظرة كما
بعض ' حلفائها' حدثا اقليميا كبيرا يمكنها من التسلق به وعليه ..
وحركة
حماس ، ومنذ نجحت في خطف المجلس التشريعي ' ديمقراطيا ' بتهيئة المناخ لها
بحرب شارون على السلطة الوطنية وضغط أمريكي هائل على الرئيس عباس لاجراء
انتخابات ليس زمنها سياسيا له ولحركته ولشعبه المصاب بانهاك عام جراء
سياسة اسرائيل العدوانية ، وهي تعمل على ترسيخ وجودها بالقوة
'متعددة الأشكال' ، ومرورا بما فعلت منذ حكومتها الاولى وحتى الآن سنجد
أنها لم تسع لفعل وحدوي واحد له قيمة سياسية يمكن العودة لها كمثال في
التاريخ السياسي الفلسطيني ، بل أن جل ممارساتها انصبت لاستخدام الغير
بيافطات متعددة التعابير وصولا لتحقيق غايتها الذاتية ،ثم تبدأ رحلة
الانقلاب ، بل أن ما تسميه حماس ليل نهار بـ ' وحدة المقاومة ' ضد المحتل
الاسرائيلي لم يعرف طريقا أو شكلا وحدويا أو تنسيقيا أو تعاونا يمكن
تسجيله ، وينطبق ذلك على مجمل القوى والفصائل التي اعتقدت بأنها جزء من
تعاون محتمل ، من ' الجهاد الاسلامي ' الى فصيل ' أحمد جبريل ' كثير
الحديث مؤخرا عن المقاومة والممانعة من دمشق دون أثر في القطاع المحكوم
لحماس ( اي ليس تحت الملاحقة والمطاردة ) وطريق التهريب على أوسع أبوابها
للوصول الى ارض المواجهة ، لكن لا حضور ولا فعالية لفصيله الا عند حاجة '
مهاجمة' الشرعية الوطنية ..
سلوك
حماس هذا ليس ' جهلا ' أو ' نقص خبرة حكم ' بل هو مستند الى جوهر نظرتها
للعلاقة مع الآخر ، لا شريك ولا حليف ولا تعاون الا بما يخدم مصلحتها
وهدفها ، ولا يهم اسم الآخر مادام يخدم تلك الأهداف ، والتجربة والذاكرة
حية جدا لاستعادة ذلك السلوك قبل تاسيسها و' انطلاقتها ' نهاية العام 1987
بعد انطلاقة الانتفاضة الوطنية الكبرى وظروف العمل الذي حكم منهج '
الاخوان المسلمين ' في الضفة والقطاع منذ العام 1967 .. العودة لمقارنة
سلوك حماس ونظريتها لمنطق ' التعاون ' و' التحالف' بما يحدث راهنا كي يمكن
ادراك طبيعة سلوكها لرفض المصالحة الوطنية ما لم تمنح الريادة المسبقة
ودون انتخابات واستخدام تعابير ' التوافق الوطني ' بديلا 'للاستحقاق
الوطني ' مادام ذلك يخدم مصلحتها ، وهو ما يتعاكس كلية بعد خطوة شارون
بالخروج من قطاع غزة ، وما تبعها من بحث أمريكي عن سبيل ' استيعاب حماس '
وفقا لما قاله د. ابو مرزوق في اعتراف نادر بمخطط أمريكا للانتخابات
الفلسطينية السابقة ، فبدأ الاستحقاق الانتخابي هو قاعدة الموقف اليومي
لحماس ..
ونجحت
أمريكا وحماس وبالطبع اسرائيل فيما أرادوا في حينه ، وراهنا ربما نجد بعض
من ملامح تلك المرحلة ولكن بمظهر مختلف ، دون فقدان جوهر المسألة المستندة
الى ضرب الشرعية الوطنية الفلسطينية ، وما يحدث للرئيس عباس والموقف من
العملية التفاوضية والارتقاء للحديث عن الاستعداد التفاوضي المتبادل بين
حماس واسرائيل ( تصريحات مشعل والزهار وغيرهم حول أن المشكلة ليس التفاوض
بل ما سينتج عنه ) تبعها صياعة مشاريع اسرائيلية لا تبتعد عن ما تم
التفاهم عليه في 'وثيقة جنيف ' العام 2007 بين حماس ودول اوروبية وحضور
اسرائيلي ، جوهرها مفهوم ' الهدنة طويلة الأمد ' وهو
ما لم يتم نقاشه بشكل جاد في الساحة الفلسطينية رغم خطورته السياسية والتي
تبرز راهنا في مشاريع موفاز وبيريز – براك المستند الى تلك ' الفكرة –
الهدنة ' كخيار تتيح الامكانية لحل انتقالي ..
هكذا
تتحرك حماس مع ' الآخر ' اي آخر .. وعليه لن يكون هناك غرابة في سلوك كان
أو سيكون مع اي ' حليف ' لها مهما كان المسمى .. فمن لم يحتمل مسجدا
للجهاد الاسلامي في قطاع غزة ( الصديق) وخاضت معركة مسلحة للسيطرة عليه ..
هل ستحتمل شريكا سياسيا لها ..
ملاحظة: نفت حماس خلال الـ48 ساعة الماضية عددا من الأخبار .. تراجعت عن بعضها
بعد ساعات .. ولا زلنا بانتظار نفي النفي ' الدويكي – الرمحي' .. الأيام
قادمة ..
تنويه خاص : ماذا يحدث فوق الساحة اللبنانية بين فتح وفتح .. كلام متناثر وبيانات لا تريح متابع وطني ..
hasfour@amad.ps