خريجي غزة يروون تفاصيل استغلال وسرقة المؤسسات لمجهودهم
-ابتسام مهدى
انتشرت في السنوات الاخيرة العديد من المؤسسات الأهلية في قطاع غزة التي
تخدم المجتمع بكافة مناحي الحياة ،وساهمت بشكل واضح فى تنمية المجتمع
فكريا وثقافيا وتنمويا إضافة إلى مساعداتها مئات الأسر المحتاجة وهى
بالمناسبة كثيرة وفى هذا التقرير سنتعرض لبعض المؤسسات التي شذت عن
القاعدة وحاولت أن تستغل معاناة المحتاجين ,وبالتحديد المؤسسات الأهلية
التي تخدم فئة واحدة وهي فئة الخريجين لان الخريجين هم أكثر الفئات التي
تعاني في قطاع غزة بسبب الظروف الخاصة والتي منها الحصار وأقفال اغلب
المؤسسات الربحية الخاصة وقلة الوظائف الحكومية مقارنة مع أعداد الخريجين
المتزايد من كل التخصصات التي تخرجها الجامعات فكلنا نعرف بان قطاع غزة هو
اكبر تجمع للخريجين من جميع التخصصات ،وحسب بعض الإحصائيات في الفترة
الأخيرة فان قطاع غزة سيصبح خلال الفترة القادمة من اكبر المناطق التي
تحتوي علي خريجين من حملة الشهادات العليا بالإضافة إلي توجه الخريجين
للدراسة العلمية والبعد عن الدارسات المهنية والتي نفتقدها في مجتمعنا .
تجربة خاصة
اجتمعنا في قاعة للاجتماعات عددنا لا يقل عن 100 خريج من كلا الفئتين شباب
وفتيات ومن جميع التخصصات حتى نتعرف علي ماهية المشروع الذي قبلت طلباتنا
فيه كمنفذين لمشروع مدعم من الاتحاد الأوربي وتشرف علية مؤسسة "ت.ج" بدأ
يتحدث المدير العام للمؤسسة وفي البداية بارك لنا قبول طلباتنا ثم عرف عن
نفسه وعن المؤسسة وكيف بدأت وماذا سوف ينجز للخريجين وكم دفع من أموال حتى
يفتتح هذه المؤسسة وأنها من مجهوده ومن ميزانيته الخاصة مللنا من كثرت ما
تحدث عن هذه المؤسسة وعن نفسه ثم بدء يتحدث عن المشروع وفترات الدوام
وطبعا الراتب وهو 300 دولار لكل خريج لفترة ثلاث شهور رجع للحديث عن
انجازاته العظيمة وعن الوضع الذي يعيشه قطاع غزة وعن صعوبة الحصول علي
مشاريع تمويلية للمؤسسات ثم قال كل من يريد الاستمرار في هذا المشروع
والتوقيع علي العقد أن يوقع مع العقد إقرار ملزم بأن يتبرع للمؤسسة
200دولار كل شهر ,نزلت كصاعقة علي رؤوس الخريجين جميع من في القاعة سكت
والذهول علي وجوههم المتعبة من كثرة الانتظار للحصول علي مثل هذه الفرصة
,كيف ادفع ثلثي راتبي من اجل المؤسسة أنا اخرج ب 100 دولار والمؤسسة تخرج
ب 200 دولار أنا اتعب من الساعة 8 صباحا حتى الساعة 3 مساءاً لأحصل في
النهاية علي 100 دولار بدل 300 دولار في الأساس المبلغ قليل علي التعب
الذي سابذلة أثناء تنفيذ المشروع ,قال لنا الذي يحتاج يبقي والي مش عاجبه
علي كيفه في غيره برضي وبوعدكم إني راح أوفر لكم مشاريع أخرى ,لعب علي
الوتر الحساس لدي الخريجين قلة العمل وكثرة البطالة ,أنا احترم نفسي
كخريجة ولا اقبل أن يسلب مني حقي والقليل من خرج معي رافضا هذا الابتزاز
ولكن الكثير من رضي وقبل .وانوه أن الشرطة في قطاع غزة قد وصل لها معلومات
عن هذه الجمعية وتم إقفالها وتحقيق جاري مع صاحبها بسبب استغلال الخريجين
,هذا ما حدث معي خلال الأسبوع ,وهذا ما سأتطرق له خلال تقريري هذا .
اعترف انه يوجد بعض المؤسسات التي لا يمكن أن ننكر ما قدمته لخدمة
الخريجين من صقل لقدراتهم التعليمية والمهنية لجعلهم قادرين علي فرض
وجودهم في المجتمع وإعطائهم الفرض للعمل وفتح أبوابها من خلال العديد من
المشاريع التمويلية الهادفة التي تعود علي الخريج بالمنفعة المهنية وكذلك
المادية بل يوجد بعض أصحاب المؤسسات يضطر لدفع من ماله الخاص من اجل أتاحت
العمل للخريج حتى لو كان كراتب رمزي ,كما يوجد العديد من المؤسسات التي
ساعدت الخريجين الموهبيين في صقل موهبتهم ومساعدتهم علي تعريف المجتمع به
من خلال عرض انجازات لهم مثل الرسومات أو الكتابات أو الأبحاث العلمية
وغيرها العديد من الانجازات.
أعود للحديث عن المؤسسات الأهلية الخاصة بالخريجين أو بالمعني المتداول
لنا الجمعيات أن اغلب الجمعيات لا تفيد الخريجين بل بالعكس هي من تستفيد
من الخريج بكل شي لدرجة أيضا الناحية المادية قليلة جدا هي الجمعيات التي
تعود علي الخريج بالفائدة لدرجة أنها لا تذكر فاغلب الجمعيات تعتمد علي
إعطاء الدورات التعليمية وليس المهنة وتكرارها فتجد الخريج يمتلك عدد من
الدورات تحت مسمي واحد أو مضمون واحد وباقي الجمعيات تفتح أبوابها
للخريجين " لطق الحنك"كما يقال عندنا أو حتى تجمعهم مع بعض من اجل تفريغ
همومهم والشكوى والاعتراض علي الحال الذي وصل له حالهم .
بالإضافة إلي وجود بعض الجمعيات التي يتطلب انضمامك لها أن تدفع مبلغ من
المال حتى تصبح عضوا فيها وهي قد تتفاوت من جمعية إلي أخري من 30 شيكل إلي
50 أو أكثر و بعضهم حتى تصبح عضوا يجب أن تدفع أما بالدولار أو حتى
الدينار ولا يكفي حتى بالعملة المحلية من اجل أن تتمتع بحصولك علي أي
وظيفة أو مشروع مؤقتا وطبعا ليس كل من يصبح عضوا سوف يحصل حتى لو علي
مشروع واحد ممكن أن يمر عليه أعوام والخريج يدفع بدون أن يحصل علي أي
وظيفة أو مشروع .
والموضوع الأصعب هو عند حصول الخريج علي مشروع من جمعية ويطالبه رئيس
الجمعية بان يكون له نسبة من الراتب الذي سوف يحصل علية وقد تتفاوت هذه
النسبة من جمعية لآخري لا نعترض لأنه يوجد بعض الحق للجمعيات أن تحصل علي
فائدة وخاصة أنها فاتحة أبوابها للخريجين وأنها تحاول أن تحصل للخريجين
علي مشاريع حتى تساعدهم علي الاستفادة من شهادتهم لكن الاعتراض علي أن تصل
النسبة إلي أكثر من 70 في المائة من نسبة الراتب الذي سوف يحصل علية
الخريج من وراء عملة في مشروع وطبعا كلنا نعرف أن أطول مشروع لا يتعدي
السنة , هنا يأتي استغلال الخريج وهنا أيضا اعتراضنا, لا يحدث دائما في
الجمعيات التي تستغل الخريج أن تعلم الشرطة عنهم مثلما حدث معي لتوقف هذا
الاستغلال .
كما انه يوجد بعض الجمعيات تصرف للخريج كابونات بدل جلوسهم في الجمعية أو
بدل حصولهم علي الدورات أو حتى كبديل لفتح الجمعية والعمل فيها .
خريجين يرون حكاياتهم مع المؤسسات الاهلية
"محمود " خمسة وعشرون سنة خريج هندسة كمبيوتر متطوع في احدي الجمعيات
يحدثنا عن تجربته " أنا متطوع منذ ثلاث سنوات ويوجد لي اسم في اغلب
الجمعيات لا أنكر إني قد استفدت من بعضها ولكن الأغلب لم استفد منهم حيث
إنني عملت بأربع مشاريع اثنين منهم شهرين وواحد ثلاث شهور والأخر خمس شهور
يعني أنا عملت فقط خلال الثلاث سنوات 12 شهر ولقد حصلت علي راتب بقيمة
مختلفة منها 150 دولار والآخرين 300 دولار وفترات الدوام لا تقل عن 8
ساعات أو أكثر.طبعا هذا العمل ليس مجدي يادوب أنوا يكفيني مصاريف شخصية
واني أساعد أهلي بعد ما تكلفوا بدراستي يعني علي هذا الوضع لن أتزوج أبدا
,رغم أن تخصصي مطلوب في كل العالم بس قطاع غزة ليس مطلوب فيه .
وأضافت "ل.ن" وهي خريجة باحثة اجتماعية " بعد تخرجي جلست في البيت لمدة
عام كامل وكنت ابحث علي وظيفة عن طريق الجرائد أو عن طريق معارفي وصديقاتي
ولكن لم أجد أي وظيفة أو حتى مشروع لكي اعمل به فبدأت أتطوع بالجمعيات كل
يوم أنا تقريبا في جمعية لا اخفي عليك باني مسجلة بعشرة جمعيات كل أسبوعين
بمر علي جمعية وهكذا حتى أمر علي جميع الجمعيات وبعد الانتهاء أعاود الكرة
بس بصراحة لم استفد حتى ألان غير كبونات من الجمعيات وهذه مصيبة كبرا أنا
الخريجة اخرج من البيت لكي احصل علي كبونه ".
وقال "عماد.و" واحد وثلاثون عاما من خريجي المحاسبة "عملت كمتطوع لمدة لا
تقل عن 6 السنوات لا اخفي إني أصبت باكتئاب أكثر من مرة حيث إني كنت في
بعض الأشهر اعجز عن أن أوفر لنفسي المصروف الشخصي وعائلتي لا تستطيع أن
تدفع لي بعد تخرجي بدل ما أنا أساعدها أضيف عليها حمل جديد ,قبل سنتين
استطعت الحصول علي وظيفة حكومية وأنا الحمد الله ألان أصبح وضعي أفضل ولكن
لا استطيع أن انسي أيام التطوع والتنقل من جمعية إلي أخري ومن مؤسسة خاصة
إلي أخري حيث كانت بعض المؤسسات تستغلنا تجعلني اعمل لديها مدة 3 شهور
كإثبات جدارة ومن ثم تستغني عني وتأتي بشخص يعمل مدة ثلاث شهور من ثم
تستغني عنة وهكذا عنينا كثير بس في النهاية بقول الحمد الله وربي يساعد
باقي الخريجين "
"كريمة .ح" خريجة إدارة أعمال أول ما طرحت عليها الموضوع قالت لي استني
اطلع لكي في كم جمعية أنا مقدمة طلبات وبدأت تعدد لي مسجلاهم حتى لا
تنساهم من كثرتها علي دفتر خاص لها"وأضافت والله تعبت كثير لازم إني أكون
خريجة تربية حتى اشتغل في التعليم لان التعليم يستوعب اكبر عدد من
الموظفات أما نحن ما بنلاقي شغل لنا وخاصة في تخصصنا نحن يعتبرونا
سكرتيرين ويفضلوا الشباب علينا لأنهم مستعدين يقعدوا لوقت متأخر في
المؤسسات الخاصة بعكسنا نحن الفتيات ,بس بصراحة أكثر شي مزعجني إني قدمت
طلب قبل فترة وقبل ما أقدم الطلب فرضت علي الجمعية "أ.ن"أن ادفع 30 شيكل
ولحتى ألان لم يتصل علي احد دفعت علي الفاضي بس ما بدي إني أضيع أي فرصة
حتى ما أندم .
قابلت الكثير من الشباب والفتيات اغلبهم أوضاعهم جدا سيئة تري فقدان الأمل
علي وجوههم ويتساءلون إلي متى سيبقي الحال علي هذا الوضع إلي متى سيبقي
الخريجين بدون وظائف أين وزارة العمل من حالنا لماذا لا يوجد تشريع قانوني
يحمي الخريجين من استغلال الجمعيات لماذا لا يوجد سياسة وطنية لمعاجلة
مشكلة البطالة ,في أخر دراسة حول الشباب أظهرت 46%من الشباب يعيشون تحت خط
الفقر و30%يعانون من البطالة و12%يعملون بوظيفة جزئية .
في الختام ادعوا صناع القرار من اجل التحرك لوضع الخطط لمشكلات الخريجين
في ظل غياب قانون الشباب الذي يشكل الضمان الوحيد لحقوق الشباب الفلسطيني
ومنهم فئة الخريجين بالمجتمع وينظم العلاقة بين الشباب والسلطة والحكومة
والمؤسسات الأهلية, فهل هناك من يجيب ؟؟؟؟.