مسكين يا شعبي ..!!!
تقرير إخباري : عاد الصراع الإعلامي الداخلي الى نقر الديكة ، واتسعت
رقعة الخصام ، حتى اشترك فيها الرقاص والطّبال ، وأهل البدع والحنجل
والمنجل ، وترك قطاع غزة على حاله ، بينما انشغل محمود الزهار ومن هم خارج
الحصار برمي النار في بيت السلامة ، أن تركوا للسلامة بيتا في بلادنا ،
وليلة الأمس لم تكن ليلة طيبة على ابناء شعبنا في الضفة ولا في القطاع ،
ولا على عموم شعبنا في الشتات ورقاع الارض ، بل كانت ليلة رهن الشيطان ،
ولعبت فيها أباليس الفتن ، فبعد خطاب الرئيس محمود عباس الذي خصه شارحا
ملابسات تأجيل تقرير غولدستون في جنيف وهذا الخطاب بحد ذاته ، فيه
استسماحا لخواطر الناس في قطاع غزة والشعب الفلسطيني كله، بمجرد أن يظهر الرئيس ويوضح أمرا وقع فيه لبس ما ، هو اعتراف منه بكرامة شعبه واعتذار منه له . وفي
عرف السياسة تعتبر الخطوة احتراما لإرادة الشعب ، ولكن حركتي حماس والجهاد
الاسلامي تناولتا الخطاب بعيدا عن المصالح الوطنية العليا ، وكل منهما شد
وتره كسكين على رقبة الرئيس ابو مازن والقيادة الفلسطينية ، والغريب في
المواقف المستجدة لحركتين إسلاميتين ' تقاومان' الاحتلال من منظور عقائدي
وديني ، انهما المرة رجحتا كفة القرارات الشرعية ، وكأنهما اعترفاتا بها
وهي القرارات التي كانت في ابجدياتهما ، قرارات ظالمة ومجحفة بحق القضية
الفلسطينية ، وكأنهما انساقا وراء شهوة التخريب المتعمد للداخل الفلسطيني
، ارسلتا رسالة واحدة الى الامم المتحدة مفادها أننا اعترفنا بك ونقاتل من
أجل تقرير غولدستون من خلالك !!!
ولم
يكن الغريب بما صرح به خالد مشعل ومحمود الزهار وسامي ابو زهري والبقية
الباقية من قيادات ورجالات حماس ، فالكل فيهم يرقص على طبل واحد ، ولكن
الغريب في موقف الجهاد الاسلامي هذه المرة ، الذي تسرع جدا في موقفه ،
فدائما كان الموقف متزنا ومعتدلا الى درجة أن يصلح أنه يكون وسيطا بين
الاطراف لتقريب وجهات نظرهم وخفض حدة الاحتقان بينهما ، ولكن المرة خرج
موقف الجهاد الاسلامي عن سياقه الطبيعي ، وربما شح ارصدته وضيقه المالي
حتم عليه اتخاذ هذا الموقف ، ويتطلع الى مساعدة من ايران او حتى حركة حماس
، ولكن هذا ليس موقف من كان دوما حمامة سلام في النزاعات الداخلية ،
والحري بالدكتور رمضان شلح الذي نعى المصالحة الوطنية وهو أول من نعى ، أن
يقدم المصلحة الوطنية العليا على وضع حركته المادي .
وربما
الجبهة الشعبية وعلى لسان خالدة جرار ، انجرت وراء الضجيج الأصطناعي الذي
اثارته حركة حماس ، وافتعلته لتنفيذ اغراض ما ، بعيدة عن الوضع الفلسطيني
وقد يكون على رأسها ، ارضاء مجلس الشورى الايراني واسترضاءهم بل والاعتذار
لهم عن استخدام مصطلح ( الخليج العربي ) بدل ( الفارسي ) بتنفيذ رغبتهم
النارية ، التي تمثلت دوما بإبقاء الوضع الداخلي الفلسطيني مشتعلا
وملتهبا، ولا نريد أن نمد القول الى أن ايران تريد ذلك من أجل صفقات كبرى على غرار ( ايران غيت) التي
تتم عادة بسرية تامة ويديرها رجال أمن من الطراز النادر ، فإيران التي
تطمع بإفتراس المنطقة من شمالها عبر العراق وأوسطها عبر حزب الله وحماس
والجهاد الاسلامي وجنوبها الشرقي عبر اليمن بيد الحوثيين ، اثبتت أنها رجل
اعمال مقتدر لأمريكا واسرائيل في تمرير كبرى الصفقات في المنطقة العربية ،
وربما صفقة الاستيطان الاسرائيلي وإبتلاع القدس وتدمير الأقصى ، هي من
أكبرالصفقات التي سيكشف يوما عنها التاريخ ليبين أن ايران من وراء تهيئة
الظروف الملائمة لإسرائيل في تنفيذ مشروعها التوسعي من
خلال تأمين الغطاء اللازم باستمرار التناحر الفلسطيني الداخلي، سيكتشف
المنساقين وراء ايران انهم كانوا اشد عداوة على أنفسهم من عدوهم نفسه ،
بغباء مستطير وجهل مريض ، ولم يعد العقل العربي والوطني قادر على تفسير
الواقع الفلسطيني الداخلي بتمسك حماس وتشبثها في الانقسام وفصل القطاع عن
الضفة واستعداء الجميع من أجل تأمين وضعية سياسية ما لها وتركيز نفوذها في
إطار ضيق لهذه الدرجة ، إلا بأنها تدار من قبل جهة إقليمية كإيران ،
وإيران تغّيب حماس وتضللها كما يضلل الشيطان النفس لإخراجها من دائرة
الفضيلة الى الرذيلة بسواس يحشوه النفس بقوله' أفعل .. والله غفور رحيم '
ولكن الجهالة في السياسة ترمي الى الهلاك وتضيع الحقوق .
ما
اثارته حركة حماس من رد فعل وما قبله من اجراءات استعداء للقيادة
الفلسطينية بحجة تأجيل قرار غولدستون لم يكن للصالح الوطني بأي شكل ولو
كان الوطن ودماء الشهداء والجرحى والمشردين وضحايا الحرب الأخيرة هم
مصلحتها ، لذهبت الى المصالحة ووفرت الاجواء المناسبة لها ، وانجاحها ،
ومن ثم قبلت بانتخابات رئاسية وتشريعية بتاريخ وطني محدد ، وعند
الانتخابات اثارت كدعاية انتخابية لها موضوع غولدستون ، وعندئذ لا أحد
سيلومها ، ولكن أن تثير الضجة حول تقرير في هيئة دولية لا تعترف فيها أصلا
حماس وتتهمها دوما بأنها ظالمة ومجحفة بحق الشعب الفلسطيني ، لتضلل الناس
بمواقف مزيفة وراءها اهداف لدول ابعد ما يكونوا عن معاناة شعبنا في الضفة
والقطاع والشتات !!!.
باليقين
من أراد الخير لوطنه ناضل من أجله ، والصبر على الاخطاء لتصويبها نوع من
أنواع النضال ، ولكن استثمارها لتنفيذ مصالح ضيقة ، خيانة ، ولا مبرر
لحماس وغير حماس في تأجيج الوضع الداخلي وتطويل عمر الانقسام ، واطلاق
العنان ليد المأجورين في استنزاف خيرات شعبنا ، وتحويله من شعب مناضل
وصاحب قضية عادلة الى متسولة على ابواب الهيئات الدولية والانسانية ، الى
شعب مقهور ومطحون وذليل ، لا بنية تحتية له ولا تنمية له ولا عمل لعّماله
متوف ،ر ولا بناء لدمار واسع فيه ولا ممر لخارجه مفتوح ولا سرير نظيف في
مستشفى شبه مدمر موجود ولا ولا ولا....
لماذا
تتبجح حركة حماس ولا يريد رأسا من رؤسها أن يسلم على أبو مازن ، وكأن
الوطنية تنزف من وريده محمود الزهار ، وهل غيره من أدخلنا دائرة الشرذمة
والإنقسام وأمثاله من الذين أخرجوا القضية الفلسطينية عن سكتها ، واشغلوا
بخصوماتهم ومصالحهم الدنيا ، حتى بلعت اسرائيل الارض ومدت الجدار وطردت
أهل القدس من منازلهم ، والغريب في رد مشعل على تمسكه بالمقاومة ما يعيشه
أهل المقاومة اليوم في قطاع غزة ، وقول الله فيه حق ' ومن الناس من يعجبك
قوله فى الحياة الدنيا ويشهد الله على ما فى قلبه وهو الد الخصام واذا
تولى سعى فى الارض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل '. ومن الفساد تفريق
الأمة وتمزيقها كل ممزق ، ومنع رجال المقاومة من ممارسة دورهم ، وعلى
الذين نسوا ، نذكر أن حماس أول حركة تتجرأ على دماء شعبها فتقتل منه
المئات ، وتعيق منه الألأف ، وتذل منه بلا حصر وأول حركة تعطل شعيرة من
شعائر الله وأركان الدين إلا وهو الحج ، وأول حركة تقسم الوطن ، وتزرع
الفتن ، وهي مازالت تمارس العنف بحق ابناء شعبها، فمن هو الوطني ومن هو
اللاوطني ؟
وهنا
لا ندافع عن تأجيل تقرير غولدستون بل ندين التأجيل ، ولكن ما يفيد
المشردين من بيوتهم والذين نستهم حركة حماس ووزعتهم على الخيام مدار
الفصول الاربع ، دون إنهاء وضعهم المأساوي لدليل واضح انهم ليسوا إلا مجرد
وسيلة أهانتها حماس بسوء استغلالها لتنفيذ مآرب أخرى !!!وليوم الخلاص نقول .. مسكين يا شعبي .