يشدون الرحال إلى جامعة الأقصى بدلاً من المسجد الأقصى.!
بقلم:محمد حسن
في
الغالب هي ثقافة تبنتها حركة حماس منذ نشأتها عام 1988م عقب اندلاع
الانتفاضة الفلسطينية المباركة "انتفاضة الحجارة" فبدأت بتشكيل نفسها
واكتساب العناصر من خلال التشهير والبحث عن عيوب الفصائل الأخرى، فتارة
تهاجم قوى اليسار وتارة أخرى تهاجم أقرب التيارات الإسلامية منها كـ"حركة
الجهاد الإسلامي" وجيش الإسلام وتنظيم جند الله الذي قتل من عناصرها قبل
شهرين على الأقل أكثر من 30 عنصراً بما فيهم قائد التنظيم بعد تدمير مسجد
أبن تيمية.
وفي
صريح العبارة تبين أن الحركة لا تؤمن بالشراكة السياسية ولا بالشراكة
الاجتماعية إذ أصبح المجتمع الفلسطيني متفسخ النسيج والعلاقة، كما لا تؤمن
بالشراكة الاقتصادية التي أفرزت واقع اقتصادي منهار عنوانه الغش والخداع
والتزييف وقتل النفس من أجل المال كما يجري في الأنفاق وهوان النفس للحصول
على الكابونة ولقمة العيش، أما الشراكة الدينية فكانت بارزة وقد رأينا
معارك دامية من أجل السيطرة على المساجد واحتكارها؛ حتى الشراكة التنظيمية
تعرضت للقمع وقتلت وجرحت وأقصت كما جرى مع حركة فتح في قطاع غزة، بحظر
نشاط الحركة واعتقال وتعذيب المئات في سجونها، وهكذا مع بقية التنظيمات
التي تخضع لإمرتها، أيضاً مسلسل رفض الشراكة مستمر ووصل الأمر بالقضاء على
الشراكة الإقليمية التي سعت من خلال انقلابها بفصل إقليم قطاع غزة عن شطره
الآخر الضفة الغربية.
إن
مسلسل الانقلاب لم ينتهي بل هو مستمر ويشتد شراسة عقب نجاح الرئيس "محمود
عباس" في عقد المؤتمر الفتحاوي السادس، وانتخاب النائب الفتحاوي "محمد
دحلان" عضواً في اللجنة المركزية ومن ثم توليه مسؤولية الإعلام، رغم
محاولات حماس منع أعضاء فتح القطاع من المشاركة في المؤتمر السادس، وقامت
بزجهم في سجونها والاعتداء عليهم، وفي محاول للبحث عن الذرائع للتهرب من
استحقاق المصالحة الوطنية الفلسطينية تسعى "حماس" جاهدةً لإفشال هذه
المصالحة، فتارة تعتقل أبناء فتح، وتمارس شتى أنواع القمع والمصادرة
للحريات ولكرامة المواطن الفلسطيني، بهدف خلق ردود فعل مضادة، وتارة ثانية
تتذرع بالتنسيق، في لحظة كشفت التقارير الصحفية عن اجتماعات سرية يجريها
فرسان الحركة في سويسرا وقطر وأحيانا بوسيط عربي، بحثوا خلالها فتح
المعابر وإطلاق سراح الجندي شاليط، والتهدئة ومنع الفصائل من إطلاق ال
صواريخ على المستوطنات الصهيونية. واليوم وجدت مخرجاً جديداً هو تقرير
جولدستن الذي يدين حركة جرائم حماس أكثر من جرائم العدو الصهيوني، ولكن
الحقيقة واضحة وضوح الشمس أن الهدف هو استمالة العقول والتغطية عن جريمة
أكبر تورطت فيها حماس فأسقطت شعبيتها، وتبحث عن مخرج ووجدت حجتها عند
الرئيس عباس والسلطة.
هذه
باختصار لبعض نماذج الديمقراطية التي تتمتع بها حماس وحكمها الرشيد أو كما
يبرر قادتها هذا السلوك بالقول "من يسب الحكومة الربانية فهو يسب الإله"
إذاً فهل تستوي مع ديمقراطية فتح التي لم ولن تمارس لحظة هذا الأسلوب، بل
إنها ناضلت من أجل حماية الفصائل الفلسطينية وحافظت عليهم من الاندثار،
وقد وقفت منظمة التحرير والرئيس الشهيد ياسر عرفات شخصياً من أجل فض عدة
اشتباكات وصراعات دامية بين قوى اليسار "الجبهتين" في بيروت، وحتى بين
القوى اللبنانية، وساهمت فتح ومنظمة التحرير في بناء ميثاق وطني اصطف خلفه
جميع الفصائل المقاومة في خندق واحد عنوانه "الكفاح المسلح" وكانت معركة
الكرامة ومعارك بيروت وضواحيها فخراً لفتح ومنظمة التحرير الفلسطينية، سجل
التاريخ في أروع صفحاته، رغم محاولات سلب القرار الفلسطيني والسيطرة على
استقلاليته والتي أستطاع الرئيس عرفات في النهاية من أن يجعل من القضية
الفلسطينية قضية حق وتقرير مصير ووطن ودولة، بعد أن كانت مجرد حق إنساني
للاجئين.
هذه
الديمقراطية التي تقودها حركة فتح في البيت الكبير عنوانه "م.ت.ف" والسلطة
الفلسطينية ودعوتها للشراكة مع الفصائل بما فيها حماس التي رفضت المشاركة
في الانتخابات التشريعية واعتبرتها من إفرازات أوسلو وأصدرت الفتاوي التي
تحرم المشاركة بها. وهكذا أثبتت فتح أن مسارها حقق التقدم للقضية
الفلسطينية ورسخت ثقافة الديمقراطية حتى داخل التنظيم والأطر والأقاليم
وهو مبدأ الشورى والرأي والدعم المتبادل السياسي والمعنوي والمادي
والعسكري، فكانت قدوة لحركات التحرر في العالم وليس مبدأ التدمير ونفي
الآخر أو مقايضته والذي اتبعته حركة حماس في قطاع غزة من تدمير وانقلاب
لمحو أثار حركة فتح، ولكنه في الحقيقة هو تدمير للنظام السياسي الفلسطيني
ومؤسساتنا الوطنية برمتها، فمن السلطة السياسية والأمنية إلى مؤسسات الوطن
الخدماتية "الصحة والتعليم والبلديات والاتصالات والمواصلات والإعلام....
ال خ" جميعهم يعيشون أزمة وجود وبقاء نتيجة تخلف الساسة بعد أن مرضت
قلوبهم بالحقد الحزبي الدفين والأعمى نسأل الله أن يشفي قلوبهم من هذا
المرض لإنقاذ مشروعنا الوطني .
وعلى
عجالة لابد من الإشارة لما جرى في جامعة الأقصى – غزة؛ منارة العلم ومربية
الأجيال هذا الصرح العلمي الشامخ الذي شيده الدكتور علي أبو زهري طوال
ترأسه للجامعة؛ والتي شهدت افتتاح أقسام وكليات عديدة ونوعية، وتوفير
المنح الدراسية والدعم المادي والتكنولوجي للجامعة فكانت النتيجة إقبال
كبير من الطلبة الجدد.
ولكن
هذا الاستقرار والتقدم العلمي في جامعة الأقصى يقض مضاجع المخربون
الحاقدون، فكان الاعتداء الإجرامي بانتهاك حرمة الجامعة والاعتداء على
رئيس الجامعة ومجلس الإدارة وعزلهما وتعيين رئيس حمساوي وهو يندرج في إطار
الانقلاب على ما تبقى من رموز الشرعية الفلسطينية في القطاع، وفي عدة
مشاهد سابقة تم الاعتداء على الطلبة والعاملين وتحطيم وسلب ممتلكات
الجامعة كما حدث من قبل بالاعتداء على جامعة الأزهر بغزة، وحرق وتدمير
للمعامل، وهذا يكشف عن مدى الحقد الذي تكنه هذه العصابات المنفلتة، من
طلبة الكتلة الإسلامية الذين جاءوا في الغالب من الجامعة الإسلامية
المجاورة بعد تعليمات قادة سياسيون، وبمساندة من عناصر القسام وقواتها
التنفيذية، التي سعت خراباً وتدميراً في ممتلكات الجامعة، آملين بأن ينعكس
هذا السلوك على جولات الحوار وإفشال جهود المصالحة الفلسطينية في القاهرة
والمرتقبة بعد عدة أيام .
فهذا
السلوك قامت به منذ انقلابها على الشرعية الفلسطينية في الرابع عشر من
حزيران 2007، قتل وأصيب خلاله المئات وخلق واقع أمني منفلت، ومنذ ذلك
الحين قامت حماس أثناء سيطرتها على قطاع غزة بالعديد من الجرائم ومهاجمة
العائلات والاحتفالات وتقتل وتصيب وتعتقل، وتارة أخرى تفسد مقدرات الشعب
ومؤسساته الخدماتية، عملاً ببرنامجها "الإصلاح والتغيير" التي طالما تغنت
به منذ زمن، فأفرزت واقع سياسي واجتماعي واقتصادي وأمني مأزوم عنوانه
الانقسام والحصار والقتل والفقر والضياع للقضية وللوطن وللشعب، انقساماً
خلق واقع جغرافي مجزأ ونسيج اجتماعي مفكك، في لحظة تشتد الهجمة
الاستيطانية الإسرائيلية واعتداءات قطعان المستوطنين في القدس والمسجد
الأقصى الذي يتعرض لاقتحام والطمس.
لذلك
ندعو حركة حماس وعناصرها وجناحها المسلح "القسام" أن تشد الرحال للمسجد
الأقصى وتستجيب لدعوة فتح وفصائل منظمة التحرير ومصر من المصالحة بدلاً من
أن تشد الرحال لجامعة الأقصى وتغليب المصلحة الوطنية عن المصلحة الحزبية
والشخصية، كما ندعو إدارة الجامعة وكل العاملين في جامعة الأقصى الوقوف
خلف رئيسها الشرعي د.على أبو زهري رمز الإصلاح والتقدم العلمي
والأكاديمي.فمهما سعى العابثون والمخربون ستبقى فتح حامية المشروع الوطني.
_________________
تحياتي:
العقول الكبيرة تبحث عن الأفكار..
والعقول المتفتحة تناقش الأحداث..
والعقول الصغيرة تتطفل على شؤون الناس..
مدونة /http://walisala7.wordpress.com/