أسرار تكشف لأول مرة خاطف الطائرات وديع حداد كان عميلا لـ «كي جي بي»
اسم الكاتب : د . سمير محمود قديح ولد
الشهيد وديع حداد في مدينة صفد في العام 1927 ، وكان والده يعمل مدرساً
للغة العربية في إحدى المدارس الثانوية في مدينة حيفا ، وبحكم وجود والده
في مدينة حيفا فقد تلقي تعليمه الابتدائي والاعدادي والثانوي في هذه
المدينة ، وأثناء وجوده على مقاعد الدراسة بمراحلها المختلفة تميّز الشهيد
وديع بذكائه المتقد ونشاطيته المميزة وتفوقه في مادة الرياضيات ، كما أنه
كان شابا رياضياً يمارس رياضة الجري وأنشطة رياضية أخري. ونتيجة للمأساة
التي حلت بالشعب الفلسطيني نتيجة النكبة عام 48 ، اضطر الشهيد وديع للهجرة
من وطنه ولجوئه مع عائلته ووالده إلي مدينة بيروت حيث استقر بهم المآل
هناك ، وفي هذه الأثناء التحق وديع بمقاعد الدراسة في الجامعة الأميركية
ليدرس الطب. لقد ولّدت النكبة داخل الشهيد وديع شعوراً عالياً بالمسؤولية
تجاه شعبه وقضيته التي إزدادت مأساوية علي ضوء النكبة ، الأمر الذي عكس
نفسه علي اهتماماته وتوجهاته المستقبلية ، ودفعت به باتجاه الإنخراط
الفعلي في الفعل الوطني الكفاحي للشعب الفلسطيني ، وقد تجلّت بواكير هذه
التوجهات خلال انخراطه وهو ما يزال علي مقاعد الدراسة في اغاثة أبناء شعبه
المشردين جراء النكبة ، ولاحقاً عبر انخراطه في جمعية 'العروة الوثقي'
التي بدأت بلعب دور سياسي بعد انخراط الشباب القومي المتحمس للعمل السياسي
بها ، وتولي الشهيد وديع موقعاً قيادياً في هذه الجمعية. وما أن أعلن عن
تشكيل 'هيئة مقاومة الصلح مع اسرائيل' والتي تم تشكيلها من قبل 'الشباب
العربي القومي' تصدّر الشهيد وديع الأنشطة السياسية التي كانت تقوم بها
هذه الهيئة كعضو قيادي فيها ، وكانت هذه الهيئة تقوم بأنشطة عديدة لمناهضة
الصلح تمثلت بالمظاهرات والمنشورات ، الى جانب دورية 'الثأر' ، ويمكن
القول أن الشهيد وديع بدأ عمله السياسي كمحترف وقائد سياسي وجماهيري بعد
تخرجه كطبيب من الجامعة الأمريكية وانتقاله الى ساحة الاردن والتحاقه
برفيق دربه الدكتور جورج حبش الذي كان قد سبقه الي هناك ، ليشكلا معاً
العيادة المجانية إلي جانب عيادتيهما ، معتبرين نشاطهما الأساسي والرئيسي
، النشاط الوطني والقومي وليس الطبي.
وفي سبيل تعميق وتجذير التوجه الذي
اختطّاه في العيادة الطبية ، قاما بإنشاء صفوف تدريس لمحو الأمية لكبار
السن ، كما استطاعا وعبر رفاق اردنيين أعضاء في الحركة النفاذ إلي نادي
'المنتدي العربي' واعتباره أحد المنابر التي إنطلق نشاط الحركة من خلاله.
وقد تتوجت تلك التوجهات ببلورة نواة كحركة القوميين العرب في الأردن ،
استطاعت وبزمن قياسي أن تساهم بشكل أساسي في المواجهات التي خاضتها الحركة
الوطنية الأردنية في مواجهة 'تمبلر' ومشروع حلف بغداد واسقاط حكومة هزاع
المجالى وتالياً تدريب قيادة الجيش رحيل كلوب باشا ، وقد مثلت هذه
التوجهات بداية نهوض وطني عام في الأردن. وعلي ضوء هذه المعارك والمواجهات
والدور الملموس الذي لعبته الحركة خلالها ، أصبحت تحظي بدور وسمعة
جماهيرية عالية وكبيرة ، وبرز الشهيد وديع بوصفه الدينامو المحرك والموجه
لفعلها الميداني المتنامي. لكن النظام الأردني لم يسلم بالهزيمة التي لحقت
به ، وقام بهجوم معاكس تمثل بانقلابه الأسود في نيسان عام 1957 ضد حكومة
النابلسي الوطنية ، واتبعها بحملة اعتقالات واسعة طالت رموز وقيادات
الحركة الوطنية ونشطائها ، وكان من ضمن الذين ألقي القبض عليهم الدكتور
وديع الذي أودع في المعتقل الصحراوي المعروف 'بسجن الجفر'. ومكث الدكتور
وديع حداد ثلاث سنوات في معتقل الجفر الصحراوي ، وبعد جهود مكثفة افرجت
السلطات الاردنية عنه ، وخلال وجوده في المعتقل مثل الدكتور وديع نموذجاً
وقدوة لكافة القوي ، ولم ينس رسالته الانسانية والجماهيرية ، حيث قام
وخلال سجنه باغاثة وعلاج أبناء العشائر البدوية المقيمين في المنطقة بشكل
طوعي ومجاني. التحق الدكتور وديع فوراً بمقر الحركة في دمشق بعد تحرره ،
وهناك وعلي ضوء العلاقة الجيدة بين الحركة وقيادة الجمهورية العربية
المتحدة وعبد النصار ، ونظراً لاندماجه في المواضيع العملية ، انخرط في
دورة عسكرية في دمشق وكان المسؤول الأول عن هذه الدورة ، ولاحقاً أسندت له
الحركة مسؤولية العمل الفلسطيني والذي كان حتي ذلك الوقت ممثلاً برأس
قيادي في إطار الحركة ولم يكن فرعاً متكاملاً. وعلي ضوء عملية الانفصال
التي حصلت بين مصر وسوريا ، انتقل وديع الى بيروت واستمر في تولي مسؤوليته
القيادية للجانب الفلسطيني ، وفي مرحلة لاحقة تولي مسؤولية العمل العسكري
لكل فروع حركة القوميين العرب حيثما تواجدت ، حيث أسندت له مهمة الإعداد
للعمل الفدائي فلسطينياً وعربياً (اليمن - ليبيا - وأقطار أخري) وعلي
المستوي الفلسطيني كان الشهيد وديع من أكثر المتحمسين لبدء العمل المسلح
ضد الكيان الصهيوني. وجاءت هزيمة حزيران 1967 لتزيد اندفاعته وحماسه في
ممارسة الكفاح المسلح ، خصوصاً وبعدما تأكد عجز الأنظمة العربية وقصور
برامجها ، وكان الشهيد وديع مشدوداً لانشاء جبهة فلسطينية كاملة تضم كل
القوى المسلحة على الساحة الفلسطينية علي شاكلة الجبهة التي تشكلت في
الجزائر ، ولاخراج هذه الفكرة إلي حيز الوجود الفعلي ، قام الشهيد وديع
مندوباً عن الحركة بفتح حوار مع كل من حركة فتح وجبهة التحرير الفلسطينية
، و 'طلائع حرب التحرير الشعبية' (الصاعقة) وفشلت المحاولة بسبب موقف
قيادة فتح من مسألة الجبهة الوطنية.
وفي ظل الأجواء الملبدة بغيوم الهزيمة
العربية الرسمية في حزيران 67 ، وفي ظل الشعور المتزايد لدي قيادة حركة
القوميين العرب أن النضال القومي قد غيّب الخاص الفلسطيني ، فقد اتجهت
الجهود نحو تشكيل أداة فلسطينية تكون مهمتها النضال من أجل تحرير فلسطين ،
عبر تبنيها لأشكال نضال ووسائل كفاحية تتخطي وتتجاوز الأشكال والأساليب
التى اتبعتها الأنظمة العربية الرسمية ، والتي ثبت عجزها علي مواجهة
التوسع الصهيوني واسترداد فلسطين ، وتم تشكيل الجبهة الشعبية لتحرير
فلسطين من شباب الثأر وأبطال العودة وجبهة التحرير الفلسطينية وعدد من
الشخصيات والرموز الوطنية القومية الناصرية.
ومنذ التأسيس تولي الدكتور وديع مهمات
قيادية أساسية جداً في الجبهة حيث أسندت له مهمتان رئيسيتان هما المالية
والعمل العسكري الخارجي ، وأثبت الرفيق الشهيد من خلالهما قدرات قيادية
وعملية جديرة بالاحترام والتقدير ، حيث جسد شعار 'وراء العدو في كل مكان'
بطريقة فاعلة. ومهما تكن وجهات النظر التي طرحت سابقاً وربما تطرح الآن
بخصوص هذا الشكل الكفاحي ، فإن العمليات العسكرية التي نفذتها الجبهة ،
والخط التكتيكى العسكري الذي قاده الرفيق الشهيد وديع كانت في حينه ضرورة
من ضرورات اشهار القضية الفلسطينية وتعريف العالم بقضية هذا الشعب
ومعاناته جراء الغزوة الصهيونية الغاشمة التي شردته من أرضه ووطنه ورمت به
في شتات الأرض ومخيمات اللجوء المختلفة. لسنوات مضت قبل استشهاد وديع عاشت
قيادة الجبهة مع الشهيد خلافاً تنظيمياً تلمس رفاق الشهيد د. وديع حداد
الدور الكفاحي الذي لعبه علي المستويين الوطني والقومي ، وأعاد المؤتمر
الوطني الخامس الإعتبار التنظيمي له ، باعتباره رمزاً وطنياً وفلسطينياً
فذاً قدم كل شئ في سبيل فلسطين التي حلم وعمل دائماً من أجل الوصول إليها
بأقرب الآجال وبأقصر الطرق. استشهد في عام 1978 في ألمانيا الشرقية.
- هل كان البطل القومي وديع حداد عميلا للمخابرات الروسية ؟
هذه إحدى المفاجآت المثيرة التي كشف عنها
«أرشيف ميتروخين ـ الاصدار الثاني». وحوى الكتاب وثائق سرقها فاسيلي
ميتروخين، وهو محلل استخباراتي سوفياتي انسلخ من كي. جي. بي، وتحول إلى
الاستخبارات البريطانية في 1992. وقد أمضى ميتروخين أكثر من ثلاثين عاما
في تصنيف وثائق الـ «كي جي بي». وبعد سنوات قليلة، بدأ يحتفظ بنسخ لنفسه
خبأها في بيته الريفي بالقرب من موسكو.
وكان الكتاب الأول من أرشيف ميتروخين،
الذي وصفته الاستخبارات الأميركية، الـ «سي أي.إيه.» بأنه أكبر ذخيرة من
الوثائق السرية من الاتحاد السوفياتي على الأطلاق، كان قد نشر منذ عقد
مضى، وتسبب في نوع من الاثارة عن طريق الكشف عن عدد ليس بالقليل من عناصر
الـ «كي. جي. بي»، بما فيهم مسؤولون كبار ومثقفون ذاعت شهرتهم في أوروبا
وشمال أميركا.وتعاطى الكتاب الثاني مع عمليات الـ «كي. جي. بي» في العالم
الثالث، وعلى الأخص منطقة الشرق الأوسط، وكشف عن كثير من الأسرار. وفي
هذه القائمة، استناداً إلى الكتاب، كانت هناك شخصية وديع حداد، التي شكلت
رمزاً للمقاومة الفلسطينية نتيجة عملياتها الشهيرة في السبعينات، والتي لم
تكن تقوم بأية عمليات دون الحصول على الضوء الأخضر من موسكو. وكان لتجنيد
حداد أهمية كبيرة إلى الحد الذي جعل يوري أندروبوف، رئيس الـ «كي. جي. بي»
آنذاك، يكتب شخصيا إلى الزعيم السوفياتي، ليونيد بريجينيف، كي يزف له
الخبر.
( القائد القومي والشهيد البطل وديع حداد
كان يتعاون مع السوفيت كقائد لحركة تحرر وان كان هناك تبادل للمعلومات فهي
لخدمة فلسطين وتحريرها من الصهاينة ، فقد كان وديع حداد امة في رجل ، فهو
قائد فذ لم ولن ينساه التاريخ .. د . سمير قديح ) .
- إغتيال الموساد لقائد الجبهة الشعبية وديع حداد بواسطة الشكولاتة المسمومة .
كشف النقاب عن أن الموساد الاسرائيلي هو
الذي قام باغتيال القيادي في الجبهة الشعبية وديع حداد بواسطة شوكولاته
مسمومة.فقد ذكرت صحيفة 'يديعوت احرونوت' نقلا عن كتاب جديد للصحافي
الاسرائيلي 'اهارون كلاين' ان اسرائيل قررت تصفية حداد في اعقاب تدبيره
اختطاف طائرة 'اير فرانس' الى عنتيبي في اوغندا في عام 1976.واضافت
الصحيفة ان حداد كان مسؤولاً عن سلسلة من العمليات الفدائية، مضيفة انه
كان شغوفاً بالشوكولاتة البلجيكية التي كان يصعب الحصول عليها في بغداد
مقر اقامته انذاك، فقام خبراء الموساد بادخال مادة سامة بيلوجية تعمل ببطء
الى كمية من الشوكولاتة البلجيكية وارسلوها الى حداد بواسطة عميل فلسطيني
لدى عودة هذا العميل من اوروبا الى العراق.وبعد ان تناول حداد هذه
الشوكولاتة تدهورت حالته الصحية مما ادى في نهاية المطاف الى وفاته في
مستشفى في المانيا الشرقية عام الف وتسعمائة وثمانية وسبعين.وبذلك يضاف
حداد الى قائمة التصفيات والاغتيالات التي قام بها الموساد الاسرائيلي ضد
كودار وقادة الثورة الفلسطينية في الخارج .
- ومن ضمن الاسرار قيام الـ «كي. جي. بي»
أيضا بتجنيد شخص قريب من رئيس عربي راحل وأعطته اسم «منذر»، كاسم حركي،
فضلا عن شخص قريب من الرئيس جمال عبد الناصر. وكان هناك «مصدر قوة» آخر
قدير وهو شخصية فلسطينية كان يعتبرها ياسر عرفات «أكثر زملائه ثقة». وكانت
الـ «كي. جي. بي» قد زرعت عنصراً دائماً آخر لها ومنحته اسما حركيا
«جيدار» إضافة إلى هذا القائد الفلسطيني.
ميتروخين ـ 2
وعمل لحساب الـ «كي. جي. بي» «أحد
الاقرباء الحميمين» لأمير عباس هويدة الذي كان يشغل منصب رئيس وزراء إيران
لمدة اثني عشر عاما. وكانت اكبر النجاحات التي شهدتها الـ «كي. جي. بي»،
في الجزائر ومصر ولبنان وسورية والعراق. وفي أغلب الأحوال، كان يتم اغواء
العناصر المرشحة بالمال والنساء. أما هؤلاء الذين وافقوا على العمل لحساب
الـ «كي. جي. بي» لأسباب أيدولوجية صرفة فكانوا أعضاءً لأحزاب شيوعية في
المنطقة. وبعض القادة الشيوعيين، كانوا ضمن قوائم الـ «كي. جي. بي»
الاعتياديين. وآخرون كانوا يتلقون أموالاً بصفة غير دورية، بينما كان بعض
القادة الشيوعيين في جنوب اليمن يحصلون على أموالهم عن طريق ابرام عقود
تجارية مع الاتحاد السوفياتي وحلفائه.
ويعد أحد أكثر الأجزاء إبهارا في هذا
الكتاب ذلك الجزء الذي يتعاطى مع رئيس العراق المعزول صدام حسين، الذي كان
مدعوما في البداية من البريطانيين. إلا أنه كان يحب جوزيف ستالين،
الدكتاتور السوفياتي، وحاول تقليده الأمر الذي مكن الـ «كي. جي. بي» من
تشجيع صدام على العزوف عن البريطانيين. والشخص الذي لعب دورا رئيسا في كل
هذا هو يفجينى بريماكوف، أكثر العناصر عملا لصالح الـ «كي. جي. بي» في
العالم العربي .