ما العمل؟ سؤال مطروح فلسطينياً وعربياً
بقلم / عثمان أبو غربية
· الأمين العام للمؤتمر الوطني الشعبي للقدس
· وعضو اللجنة المركزية لحركة فتح
أصبحت
مجموعة من العوامل المتداخلة تتطلب إثارة زوابع حراك سياسي يتعلق بقضية
فلسطين وواقعها الإقليمي المحيط، ويستدعي إدراك حقائقه وحقيقة الأهداف
منه. وهو الأمر الذي يتطلب مواجهة بعض الأسئلة وبعض المضامين السياسية
وغير السياسية للمواقف في كل الاتجاهات. وأولها مجمل مسلمات وحقائق تنطلق
منها مؤسسة الأمن الاستراتيجي للاحتلال حيال المستقبل الفلسطيني. وفي
مقدمة هذه المسلمات:
أولا:
هناك خط أحمر يقضي بعدم قبول أية سيادة أخرى سوى سيادة الاحتلال في
المنطقة الواقعة بين البحر والنهر أي في حدود فلسطين التاريخية كلها، وهو
ما يعني أنه ليس في التصور قبول أي سيادة عربية تمتد إلى أي شبر في هذه
الحدود.
ثانيا:
إن واقع الاستيطان المتواصل والإصرار على مواصلته، وحتى حيال الاضطرار
للتعاطي مع بعض العوامل الدولية، فإن هذا التعاطي لا يخرج عن حدود التعاطي
الجزئي والمؤقت والمتزامن مع استمرار استكمال مخططات استيطانية تم إقرارها
سابقا، بمعنى أنه حتى الفترة المؤقتة لن تكون خالية الوفاض من مواصلة
العملية الاستيطانية. وكذلك الاستمرار في تهويد القدس بمختلف الوسائل
والتفاصيل، وهذان أمران ينهيان عمليا مقومات حل الدولتين الذي تصاعد
الحديث عنه دوليا.
ثالثا:
كذلك فإن فكرة حل الدولة الواحدة هي فكرة مرفوضة كليا بسبب الحرص على ما
يسمى النقاء اليهودي وأساسيته في التفكير العنصري الاحتلالي.
وهنا
يتوجب السؤال: إذا كان الاحتلال في حقيقة الأمر لا يريد حل الدولتين ولا
حل الدولة الواحدة، ولا حضور أية سيادة أخرى بين البحر والنهر، فما هي
حقيقة أهدافه من التعاطي مع الحراك السياسي الذي يلوح في الأفاق؟؟
إن الاستنتاج الوحيد وكذلك مدلولات الوقائع وحقائقها تؤكد أن هذه الأهداف تنطوي على ما يلي:
الهدف
الأول: وهو هدف تعامل إيجابي ظاهري مع تحرك الولايات المتحدة لابد منه
لاعتبارات السياسة الدولية وطبيعة العلاقات الخاصة في إطارها، وحتى
لضرورات منح غطاء لأية ميوعة أو مناورة محتملة أو مطلوبة في الموقف
الأمريكي.
الهدف
الثاني: وهو هدف استثمار حراك سياسي بضرورة وضع سراب سياسي للحصول على
تنازلات عربية، ولتغطية هذه التنازلات في حالة الاستجابة أو الوقوع في
الشباك، وقد ظهر بعض من ذلك على سطح المطالب، مثل السماح بعبور الطائرات
للأجواء العربية أو لبعضها، وعودة المكاتب التجارية مع الدول العربية التي
أقامت تلك المكاتب وهي في حقيقة الأمر أبعد من أن تكون مجرد مكاتب تجارية،
وفتح مكاتب من هذا القبيل مع دول عربية جديدة حيث تلوح في الأفاق بعض
الاستعدادات. وهنا لا بد من ملاحظة التركيز على النطاق الخليجي.
كل ذلك إضافة لخطوات تطبيعية أخرى مطلوبة على المدى الأبعد قليلا، وكله أيضا قبل زوال لاحتلال عن أي من الأراضي العربية المحتلة.
إذن
مطلوب تنازلات عربية ثمنا لحراك سياسي هو في حقيقته مجرد إقامة سراب جديد
أمام الشعب الفلسطيني وكفاحه من أجل الحرية والكرامة ولاستقلال.
الهدف الثالث: وهو هدف استثمار الوقت لمزيد من خطوات الأمر الواقع وخاصة في القدس وفي الضفة الغربية عموما.
إن
ما يجري في القدس هو أمر غاية في الخطورة والتدهور وقد تفاقم التضييق،
والغرض منه هو إحداث جلاء طوعي لسكان القدس منها نحو الضفة الغربية أو نحو
الخارج وعندما يشكل هذا الجلاء حجومه المطلوبة من قبل الاحتلال فإنه لا
يوجد ما يمنع انتقال التضييق والمناخات الطاردة بما فيها التوتر الأمني
لبقية الضفة الغربية لإحداث ترحيل طوعي في ظاهره على المدى البعيد، يترافق
مع استمرار التهويد والاستيطان. علما أن عدد المستوطنين في الضفة الغربية
أصبح يساوي ربع عدد سكانها.
الهدف
الرابع: هو الحصول على أية تنازلات فلسطينية ممكنة وخاصة في قضية القدس
واللاجئين وما يتطلبه ذلك من انفصام عرى التوحد والترابط بين أجزاء تواجد
الشعب الفلسطيني داخل وطنه وخارج وطنه.
إذن
ما هو المقبول لدى الاحتلال..؟ المقبول المؤقت هو حكم ذاتي يسمى دولة
مؤقتة الحدود أشبه (بقن دجاج في باحة البيت الإسرائيلي) على حد تعبير
إيهود باراك، ويتم تسليمه لأدوات وآليات تابعة.
ومن
الواضح أن هذا القن لا يقف في وجه التطور المستقبلي للاحتلال، وإنما يمكن
أن يكون من عوامل مساعدته، ومساعدة قفزاته المستقبلية والتي لها مدى أبعد
من التصورات التي تطرأ على أذهان بعضننا اليوم، وتكمن فيها مخاطر أكثر
تفاقما في التوطين ووضعية اللاجئين خارج الوطن، وهنا يجدر الانتباه الشديد
لما يمكن أن يواجهه تواجد اللجوء في الخارج من عوامل تفتيت وتهجير وتخلص.
كما تكمن فيها مخاطر خيار الوطن البديل والترانسفير وبقية الإجراءات.
_________________
تحياتي:
العقول الكبيرة تبحث عن الأفكار..
والعقول المتفتحة تناقش الأحداث..
والعقول الصغيرة تتطفل على شؤون الناس..
مدونة /http://walisala7.wordpress.com/