هل يريد العراقيون رئيس وزراء حراسه لصوص؟
اثارت محاكمة مجموعة من المتهمين في حادثة سرقة فرع لبنك الرافدين في
منطقة الكرادة في شهر تموز (يوليو) الماضي السريعة والتي حكم فيها على
اربعة من المنفذين بالاعدام، التساؤلات من جديد حول الفساد المستشري في
العراق وطريقة تطبيق القانون وتدخل السياسة فيه. ففي قضية سرقة البنك سيتم
تعليق المنفذين على حبال المشانق لكن قادة العملية والمخططين ممن لهم
علاقات قوية بالنخبة الشيعية الحاكمة في العراق خرجوا منها 'مثل الشعرة من
العجين'.وتمثل حالة سرقة البنك اشكالا للاعلام وللساسة وللقضاء لتوجيه
اصابع الاتهام بدون خوف من تداعيات الامر عليهم.
فالقضية كما تقول صحيفة 'نيويورك تايمز' تمثل ضربة في مجال العلاقات
العامة لحزب المجلس الاسلامي الاعلى وأحد قادته عادل عبدالمهدي، الذي يطمح
لأن يتسلم منصب رئيس الوزراء في الانتخابات القادمة، ذلك ان المتهمين
بالسرقة من حرسه. وفي الوقت الذي لا علاقة للمهدي بالعملية الا ان الامر
سيجعل الكثيرين يفكرون قائلين: هل نريد رئيس وزراء حراسه لصوص، كما نقلت
عن احد الصحافيين العراقيين.
وتقول الصحيفة ان المحاكمة للجناة وان كانت مفتوحة الا ان الانتهاء من اجراءاتها تم بسرعة كبيرة اي خلال يومين ونصف اليوم.
ومن هنا تشير الى تداخلات السياسة والمصالح داخل الاحزاب الشيعية الحاكمة
والكيفية التي تمت فيها ادارة قضية السرقة، فبعد ثلاثة ايام من السطو سارع
وزير الداخلية جواد بولاني، وهو يطمح برئاسة الوزراء ايضا، بالقول ان
قواته قد استطاعت الكشف عن المتورطين واستعادة المال المسروق مشيرا باصابع
الاتهام لاحزاب مؤثرة.
اي ان من ارتكب الجريمة مرتبط بقوات لها علاقة بعادل عبدالمهدي لان
المنطقة كلها هي منطقة فرقة مرتبطة بالحرس الرئاسي التي تقوم بحراسة نائب
رئيس الجمهورية.
وقد قامت العصابة في البداية باخفاء المال في بيت تابع لصحيفة الحزب لان
احدا لن يتجرأ ويفتش المكان. وعلى الرغم من ثقة بولاني بان علاقاته مع
الجماعات المؤثرة في المنطقة ستؤدي الى تسليم المتهمين الا ان تصريحاته
اثارت معضلة سياسية. فبعد يومين من اعلان بولاني عن الكشف عن الفاعلين تم
الاعلان عن القبض على اثنين من اللصوص، مما ادى بعبدالمهدي للتحرك والدفاع
والاتصال بنوري المالكي، رئيس الوزراء.
واعلن عبدالمهدي ان حراسه الملتزمين بالقانون قد استعادوا المال المسروق
وحلوا المشكلة متهما بولاني بتحويل الامر الى قضية سياسية، مما ادى
ببولاني لإصدار بيان يشكر فيه عبدالمهدي على دوره في العملية مؤكدا ان
واحدا من التسعة هو احد حراسه، لكن الذين حوكموا في المحكمة تبين ان منهم
خمسة من حراس نائب الرئيس، من بينهم اثنان اتهما بانهما مدبران لعملية
السطو من اعضاء فريق حراسة عبدالمهدي.
والمتهمان رئيسان لمراكز قوى الامن المشتركة في الكرادة، وهو المكان الذي
حدثت فيه عملية السطو. وحسب مصادر امنية فإن المدبرين يظهر انهما خرجا من
الحجز، ويقول موقع 'كتابات' العراقي الذي يعلق على الاخبار العراقية ان
المسؤولين تم اطلاق سراحهما بناء على صفقة تمت بين نائب الرئيس ووزير
الداخلية وخرجا من البلاد. ويقول الموقع ان احد المتورطين كان لا بد من
خروجه نظرا لعلاقاته المؤثرة مع الحزب، ولخوف المسؤولين من قوله انه كان
يقوم بالسطو نيابة عن الحزب لجمع اموال تدعم حملته الانتخابية.
وكانت منظمة العفو الدولية 'امنستي انترناشونال' قد انتقدت بشدة احكام
الاعدام. فيما اشار مراقبون الى ان عملية السطو كانت من اكثر العمليات
حماقة لان الفاعلين قاموا بتقييد حرس البنك الثمانية ممن كانوا يعرفونهم،
خاصة انهم، اي المتورطين، هم الشرطة التي تحرس المنطقة، وقاموا باعدامهم.
ثم قاموا بملء سيارة بحمولة من النقد (4.3 مليون دولار). لكن مشكلة اللصوص
انهم لم ينتبهوا او تناسوا وجود الكاميرات، وبزوغ الشمس التي ظهرت قبل ان
ينتهوا من عمليتهم في يوم 28 تموز (يوليو)، وعندما خرجوا من البنك كان
هناك ضوء كاف يمكن السكان في الحي من التعرف عليهم وعلى زيهم وهم يغادرون
البنك.
_________________
تحياتي:
العقول الكبيرة تبحث عن الأفكار..
والعقول المتفتحة تناقش الأحداث..
والعقول الصغيرة تتطفل على شؤون الناس..
مدونة /http://walisala7.wordpress.com/