المفرقعات تهاجم حياتنا وتقتلنا في غزة .. !
كتب : محمد داود
الألعاب
النارية والمفرقعات هي من أكثر الظواهر المنتشرة في المجتمع الفلسطيني،
وتهدد صحة أفراده وتستنزف أمواله، لا سيما وأنه يعاني أصلاً من الفقر
والحصار الخانق في ظل ظروف معيشية صعبة للغاية، فرغم التهديدات والتحذيرات
من خطورة وتداعيات هذه ألألعاب من قبل الأطباء والأجهزة الأمنية، إلآ أن
بيعها لا يزال مباحاً ومنتشراً بلا حساب أو رقيب لدرجة أنها أصبحت تباع
داخل بعض المدارس، وتطلق أحياناً داخل قاعات الفصل أو في فناء المدرسة،
ووصل قمة الاستهتار أن تلقى أثناء صلاح التراويح دون أي احترام لمشاعر
المصلين الخاشعين الساجدين والمرضى .
لقد
بلغ التنافس على هذه السلعة التي أصبحت تنافس السلع الأخرى من مأكولات
ومشروبات، وبات التسابق على إطلاقها في أي مكان كان، وللصغار والكبار، دون
مراعاة أو احترام حتى في هذا الشهر الفضيل، بعد أن كان استخدامها مقصوراً
على الاحتفالات والأعياد الخاصة وبعض المناسبات التي اعتبرت بديلاً عن
إطلاق الرصاص .
وما
يثير الحفيظة أن بعض الشباب والأهالي للأسف الشديد يشجعون أبنائهم على
شرائها ويقومون هم بمساعدة أبنائهم على شراء وإشعال فتيل هذه المفرقعات
التي تتميز بقوتها الانفجارية لأنها محكمة بغلاف من الأوراق الكرتونية
والبلاستيكية ومعبأة بمواد متفجرة خطيرة، وهي تأخذ ألواناً وأحجاماً
وأسعاراً وأشكالاً مختلفة وعند تفجيرها تنبعث منها شرارة نارية وأصوات
مدوية، وإفرازات دخانية مشتعلة. تؤدي لنشوب الحرائق، نتيجة اتحاد ثلاثة
عناصر بها وهي : المادة القابلة للإشعال والحرارة الكافية والهواء ولكون
هذه العناصر متوفرة في المفرقعات فان استخدامها يعرض النفس والممتلكات
والآخرين لخطر الحرائق.
كان
غاية هؤلاء الفتية هو التسلية والترفيه والسعادة والبهجة بإشباع رغباتهم
للحظة نظراً لما تحدث هذه المفرقعات من أصوات جذابة وألوان خيالية فاتنة
قد تثير انتباه الآخرين، ... ولكنها سرعان ما
تتحول هذه البهجة لا قدر الله بوقع ضرر يصل لحد الإعاقة أو على الأقل
بافتعال مشكلة مع طرف آخر كما حدث بالأمس في حي الشيخ رضوان والتي أدت إلى
شجار عائلي ومقتل مواطنين، نتيجة لما تسببه من فزع وإزعاج وللأسف فإن
الكثير من مستشفياتنا لا يسعها إلا أن تستقبل الكثير من الحالات نتيجة سوء
استخدام هذه الألعاب وخطورتها، والتي قد يفقد الطفل نعمة البصر لتنقلب هذه
المتعة إلى حزن ومأساة متسببة في حدوث تشوه في الجسد أو إعاقة للعين، ومن
يريد أن يطلع على حجم الأضرار وكوارث استخدام المفرقعات فليذهب إلى مشافي
القطاع وأقسامها التي تعاني نقص شديد في المعدات والأدوات والأدوية
الطبية.ولينظر ما سببته من أحزان ومآسي. وفي أبسطها فإنها تسبب تلوث
ضوضائي وكيميائي وفيزيائي للبيئة نتيجة ما تفرزه من رائحة كريهة تمس
البيئة وتلحق الأذى بصحة الإنسان، والحيوان، والطيور، والنبات، بسبب
الرماد الناتج عن عملية الاحتراق مما يضر بالجلد والعين، فيصاب عين الطفل
مباشرة بحروق في الجفن والملتحمة وتمزق في الجفن أو دخول أجسام غريبة
"شرارة" في العين أو انفصال في الشبكية وربما يؤدي الأمر إلى فقدان كلي
للعين.
حقاً
إنها عادة سلوكية سيئة تلحق الأذى بالآخرين وتعكر صفو حياتهم مما تقوض
راحة الناس وسكينتهم وأمنهم وتثير الرعب والفوضى والشغب في الطرقات
والأسواق، والأماكن العامة والمزدحمة، فتؤدي إلى ترهيب الآمنين والنائمين
الذين يستيقظون على أصوات هذه المفرقعات التي تسبب لهم حالة من الهلع
والخوف والانزعاج وبالتالي تترك آثاراً نفسية عليهم، كما أنها تولد العنف
والعدوان في طريقة استخدامها، وتترك تأثيرات سلبية من الناحية العضوية
والنفسية تنعكس على تصرفات الإنسان وسلوكه، وتضعف أداءه وكفاءته وتصيبه
بالتوتر والكآبة، كما يعد سبباً في إضعاف مناعة الأطفال، ويعزز إصابتهم
بأمراض الحساسية ويضعف قدراتهم على التعليم والاستيعاب والانتباه، حيث
تحدث مضاعفات على طبلة الأذن وبالتالي تسبب خللاً وظيفياً في عمل المخ،
مما تترك بكاءً وأحزاناً وندما ًتبقى جروحها وندباتها مؤثرة في النفس
والمال طوال الدهر.
ورغم
أن استيراد هذه المفرقعات وبيعها وتداولها واستخدامها ممنوع قطعاً بحكم
القانون العام، إلا أنها موجودة وتباع في الأسواق بغزارة، في ظل غياب كامل
لهذا القانون الضابط بل وبتشجيع من السلطات والتجار لأنها تجني أرباح
كبيرة. الأمر الذي يستوجب بان تقوم وزارة الصحة بحملة إرشاد للمواطنين
وتعريفهم بمخاطر هذه المفرقعات وتداعياتها ومحاولة الحد من وجودها من خلال
تنظيم ورش عمل واللقاءات ونشرها عبر وسائل الإعلام المختلفة، وإتاحة
المجال لأصوات الأطباء ونشر تصريحاتهم في الصحف والإذاعة والتلفاز حول هذه
الآفة، أو من خلال الإذاعة المدرسية، وبأساليبها المختلفة في طريقة العرض،
بمساعدة المحيط الاجتماعي والأُسريّ لهم. والعمل على محاسبة ألأطفال
وتوعيتهم على كيفية إنفاق النقود التي تعطى لهم ومراقبة مشترياتهم بشكل
تام،
لذلك
لابد من محاسبة المحلات التي تبيعها وكذلك من يقومون بجلبها وبيعها
للأطفال والفتية، الذين لا يعنيهم سواء الكسب المادي دون التفكير في الضرر
الذي قد ينتج من جراء ذلك على المجتمع والأفراد وهي مسئولية الشرطة وقوى
ألأمن والجهات المختصة الأخرى، وهو ما يدعونا للتساؤل كغيري عن تواجد هذه
المفرقعات في وطننا، وهل أصبحت فعلاً للتسلية؟ وهل تكون التسلية على أعصاب
الناس من مصلين وكبار سن ومرضى وحتى جالسين في منازلهم اعتيادياً أو مارين
بالشوارع بل وصل الحد بإلقاء المفرقعات في ساحة المساجد وأثناء صلاة
الترويح، وتحت أقدام النسوة والشيوخ المارة... أنني على استغراب من هذا
الصمت عن هذه الآفة الكبرى التي غزت قطاعنا وكأنها الشيء الذي
ينقصنا،...أستحلفكم أما يكفي استفزازات الاحتلال وحالة الرعب التي يسببها
لنا ولأطفالنا؟ فمن المسؤول تحديداً عن إدخال هذه الحمولات وأطنان
المفرقعات التي تنخر جيوب الناس وصحتهم وعقولهم التي تجر عبر الأنفاق،
بدلاً من السلع الأخرى الأكثر حاجة وعوز ...؟!، ومهما يكن فالمسؤولية
الأولى تقع على عاتق الأسرة، لأن المستورد لو لم يجد من يشتري فلن
يستوردها من الأساس ولتراكمت لديه وخسر وما استطاع إحضارها مرة أخرى لكن
هؤلاء البائعون الذين للأسف همهم الربح والكسب دون مراعاة للمعايير
الإسلامية سواء كان "حلالً أم حرامً". فأين هو حق المسلم على المسلم؟ أين
الابتعاد عن الإسراف والتبذير؟ أين الابتعاد عن الشبهات، وخلق القلاقل
وإرهاب الآمنين؟ ... أما تستحوذ فتوى ؟
فالإسلام
جاء ليحقق سلامة الإنسان المعنوية والحسية والمادية فكل ما من شأنه أن
يوقع الضرر بالآخرين حرمه الإسلام بل يحرم دواعيه كما أنها إضاعة للوقت
فيما لا ينفع بدلا من الانشغال بما يجلب المعرفة والتعلم والاستفادة.
_________________
تحياتي:
العقول الكبيرة تبحث عن الأفكار..
والعقول المتفتحة تناقش الأحداث..
والعقول الصغيرة تتطفل على شؤون الناس..
مدونة /http://walisala7.wordpress.com/