ستدخل سباقاً عالمياً عام 2011.. إختراع سيارة إلكترونية في غزة
في تحداً جديد للأوضاع المعيشية الصعبة
التي يعيشها الفلسطينيون في قطاع غزة بفعل الحصار الإسرائيلي، تمكن مجموعة
من طلاب قسم هندسة إلكترونيات السيارات بــ " بكلية تدريب خانيونس "
التابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين "الأنروا" ، من تحقيق رقماً قياسي
عالمياً بإختراع سيارة الكترونية تشبه إلي حداً كبير سيارات السباق
العالمية في اقل من عام ، وبأقل وابسط الإمكانيات المتوفرة ...
فكرة الاختراع ..
بمدينة خانيونس جنوب القطاع " هاني الشاعر" سلط الضوء على هذا الحدث الهام
، حيث التقى بالمهندس الميكانيكي أحمد صيدم خريج الجامعة المستنصرية
ببغداد والمشرف على تصميم هذه السيارة ، وبدأ صيدم حديثه حول فكرة هذه
السيارة قائلاً " بأن هذه الفكرة كانت منذ الأساس فكرة الدكتور "غسان أبو
عرف " عميدة الكلية، عندما قام بطرح فكرة اختراع سيارة كمشروع تخرج لطلاب
قسم هندسة الكترونيات السيارات وعددهم " ستة طلاب " عند إتمامهم دراستهم
بالكلية خلال العامين الدراسيين ، وذلك على غرار مشاركة بعض الجامعات أو
المعاهد بالمسابقة السنوية التي تُقام في بريطانيا لمجموعة سيارات يقوم
طلاب معاهد او جامعات من مختلف أنحاء العالم ، من خلالها بتجميع سيارة ضمن
مواصفات معينة حتى تدخل المسابقة ومن ثم تُقيم هذه السيارة ..."
قلة الإمكانيات..
وأضاف بعد ذلك جائتنا الفكرة من خلال سؤال " لماذا لم نشارك بمثل هذه
المسابقة طالما يوجد بعض الإمكانيات وبعض العقليات ؟ " ، مشيراً بأن بداية
فتح قسم هندسة الكترونيات السيارات قبل عامين لم يكن يتوفر أي إمكانيات
بالقسم ، موضحاً بأن العمل الفعلي بصنع السيارة بدأ في شهر نوفمبر/تشرين
ثاني من العام المنصرم، بعدما قام الطلبة بتفكيك سيارة " فيت 98 "
وتجميعها في غضون خمسة أيام أو اقل، حيث بدأ الطلبة بعد ذلك بتجميع بعض
معدات السيارة " كالمحرك ، والماتور ، وبعض المعدات الأساسية بالسيارة "،
وتابع استمر التجميع بالسيارة حتى شهر مارس/آذار من العام الحالي حيث بدء
العمل الفعلي بإنشاء السيارة ..
عمل دؤب للوصول للنجاح ..
وتطرق صيدم إلي مراحل سير العمل التي استغرقتها صناعة السيارة حتى انحزت
قائلاً " كان الطلاب يعملون بإنشاء السيارة كُل يوم خلال ساعة استراحة
تمنحهم إياها الكلية ، إضافة إلي عملهم أحياناً ما بعد ساعات الدوام حتى
وصلت أحياناً أوقات عملهم للساعة الثانية عشر فجراً ، وأحياناً أخرى
يبيتون بالكلية وهم يعكفون على انجاز العمل بالسيارة ، موضحاً بأن الطلبة
الستة انهوا تصميم الإطار الخارجي للسيارة ، والمحرك ، والإطارات ، وناقل
الحركة ( القير ) بعد شهر واحد من بدء عملهم الفعلي بها .
وتابع بعد ذلك بدأ الطلاب يعملون على الأنظمة الكهربائية بالسيارة " من
بطارية على سبيل المثال ، سلف ، اطرنبت البنزين ، الدينمو ، بالإضافة
لإيصال الأسلاك الكهربائية الخاصة بتشغيل السيارة ببعضها البعض "، منوهاً
بأن المهندس على أبو شرخ قام بإعطاء الطلبة مادة قياس وتحكم نظرياً ، كان
الهدف منها تعليم الطلبة على كيفية تكوين وتصميم دوائر الكترونية داخل
السيارة ، مثل " تحويل محرك السيارة من نظام تقليدي لنظام الكتروني ، وهذا
الشيء يعتبر الشيء النوعي الأبرز بهذه السيارة .. "
صعوبات وتحديات ..
وأشار المهندس أحمد صيدم أن عدة صعوبات وتحديات واجهت الطلبة في بداية
عملهم ، وتمثلت أولى هذه التحديات بفكرة صناعة السيارة نفسها حيث كان من
الصعب نوعاً ما بأن تطرح فكرة صناعة سيارة على طلبة جدد وليس لديهم أي
خبرة بهذا المجال قبل ذلك ، ولكن في البداية كان هناك إحباط إلي حداً ما
لدي الطلبة وتلاشى هذا الإحباط يتلاشي تدريجياً مع بدء العمل حيث بدأ
الطلبة يشعرون بأنهم أنجزوا شيئاً لم يتوقعوه ، والتمسنا فيهم الروح
المعنوية المرتفعة والتفاؤل وقدر من المسؤولية الذي بموجبه أوصلنا لهذه
المرحلة..
أما التحدي الأخر تمثل في كيفية توفير الموارد المادية لكي نتمكن من شراء
المعدات اللازمة للعمل ، مشيراً بأن إدارة الكلية ساهمت بجزء مادي كبير
بهذا المشروع ، ملفتاً بأنهم(الطلبة) واجهوا صعوبة أيضاً في كيفية توفير
بعض القطع اللازمة للسيارة والضرورية في ظل الحصار، منوهاً بأنهم اقتنوا
معدات مستعملة حصلوا عليها بصعوبة من أماكن مختلفة بالسوق..
وأضاف بأن عامل الوقت كان له تأثير على الطلبة حيث كانوا يعملون بعد
انتهاء فترة دوامهم لساعات طويلة وأحياناً يبيتون، مشيراً أيضاً بأن أهم
صعوبة واجهتهم أثناء عملهم كانت في كيفية " بناء وتصميم البدي أو الشكل
الخارجي للسيارة "، حيث كان بمقدرة الطالب عمل هيكل بسيط ليس شكل نهائي
لعدم وجود إمكانيات متوفرة لديه ، مُلفتاً بأن الطلبة الستة استعانوا بشخص
متخصص من خارج الكلية لمساعدتهم على انجاز شكل نهائي مناسب للسيارة صنع من
مادة "الفيبر جلاس"، مضيفاً بأنه كان صعوبة في توفير مجمع سحب جاهز
للسيارة ، حيث يكون بالعادة جاهزة ويتم تركيبة بالسيارة بشكل مباشرة في
مثل هذه المشاريع ، ولكن نحن تمكنا من إحضار جهاز سحب وأحدثنا عليه بعض
التغيرات والتعديلات بالمخرطة حتى أصبح صالح للاستخدام .. ، قائلاً" بأن
عمل المهندسين كان دورهم بمثابة عمل إرشادي للطلبة ، بإستثناء بعض
التدخلات الضرورية .. "
الحصار وتأثيره على العمل ..
وقال صيدم بأن الحصار أثر على طبيعة عملهم (الطلبة)" من ناحية عدم توفر
كافة الإمكانيات اللازمة التي كانت من المفترض أن تكون متوفرة لديهم ،
فإضطروا للبحث عن بدائل من خلال العمل الحثيث على توفير بعض قطع الغيار
المستخدمة في الورش والمحال .. ، ملفتاً بأن الطلبة الذين يتخرجون من هذا
القسم من الممكن أن يعملوا مشرفين على صناعة سيارات أخرى لأن الأمر أصبح
بالنسبة لهم ساهل ، بالإضافة لان مهمتهم الأساسية بعد التخرج هي صيانة
السيارات الحديثة وإصلاحها .
تكلفة صناعة السيارة ...
بلغت تكلفة صناعة السيارة حتى الآن ما بين " 3500ـ4000دولار " وتسعى إدارة
الكلية لإدخال بعض التحسينات على السيارة ، بما يتطابق مع المواصفات
المطلوبة لتدخل ضمن السباق العالمي ، كأول انجاز فلسطيني بل لربما كأول
انجاز على المستوى العربي يشارك في المسابقة التي من المقرر أن تُقام عام
2011م في بريطانيا .. ، وأشار المهندس صيدم أن إدارة الكلية وخصوصاً قسم
هندسة الكترونيات السيارات يسعى من خلال الدفعات القادمة من الطلاب إلي
اختراع سيارة أصغر من هذه السيارة حجماً وأكثر تقنية وتطوراً من حيث
التركيب بما يُشابه المواصفات العالمية ، لتتمكن من دخول السباق العالمي
..
تثمين جهود وإثناء ...
وعبر المهندس صيدم عن سعادته البالغة وفخره لانجاز طلابه هذا العمل ،
لأنهم بالفعل اثبتوا قدرتهم على العطاء وان لديهم عقول تستطيع أن تُنجز
وتخترع ، قائلاً "بأنه لم يتوقع من الطلبة بأن يصلوا إلي هذا الانجاز "،
موجهاً الشكر لعميد الكلية د.غسان أبو عرف كونه صاحب هذه الفكرة وهو من
أقنع وشجع الطلبة على العمل ، وهو من وقف بجانب الطلبة مادياً من حساب
الكلية ومن حسابه الخاص ومعنوياً ... ، مثمناً جهود كافة المهندسين الذين
وقفوا بجانب الطلبة حتى أنجزوا هذا العمل المتواضع .
بعد الإحباط إنجاز ...
من جهته قال الطالب وصفي مزروع من سكان دير البلح وأحد الطلاب المشاركين
بتصنيع السيارة ، وتحديداً الشق الكهربائي منها " بأنهم كانوا مُحبطين
للغاية قبل البدء بعملية التصنيع عندما طُلب منهم المباشرة بتصنيع سيارة
كمشروع تخرج بعد إنهاء عامين من الدراسة " ، مشيراً بأن أبرز العوامل التي
ولدت لديهم الإحباط هي عدم توفر المواد اللازمة للعمل من معدات وأدوات ...
الخ ، إضافة إلي كونهم طلاب جدد ليس لديهم الخبرة الكافية لمثل هذا العمل
، مضيفاً إلي " أنهم باشروا ببداية عملهم باستخدام مواد قريبة من المواد
المطلوبة للعمل بالسيارة نظراً لعدم توفرها بشكل كبير بسب الحصار " ،
قائلاً بأنه عندما التحق بهذا القسم للدراسة لم يكن بمُخيلته بأن يُطلب
منه تصنيع سيارة كمشروع للتخرج من القسم ، معبراً عن سعادته البالغة كونه
شارك بصناعة السيارة ووصل لهذه المرحلة المتقدمة التي لم يكن يتوقع أن يصل
اليها خلال فترة وجيزة ، موجهاً شكرة لادارة الكلية التي كانت تسمح لهم
بالعمل بعد فترة الدوام ، مُثنياً في الوقت ذاته على دور المهندسين
المشرفين الذين وقفوا بجانبهم طيلة فترة العمل ..
من جهته قال عبيدة رزق من سكان مدينة غزة والطالب الحاصل على المرتبة
الأولي على قسم هندسة إلكترونيات السيارات بالكلية " بدأنا العمل بشكل غير
جيد بعدما طرح علينا عميد الكلية فكرة صناعة سيارة لتدخل سباقاً عالمياً،
وذلك لأن الفكرة نوعاً ما غريبة وصعبة في آن واحد ، وبعد ذلك وجدنا تشجيع
من قبل إدارة الكلية على ضرورة إنجاز هذا العمل ، وقامت إدارة الكلية
بتوفير أشياء كثيرة من لوازم السيارة ، وهذا بحد ذاته كان دافعاً هاماً
لجعلنا ننجز الفكرة ، وأشار " قبل مباشرتنا العمل قمنا بتفكيك سيارة
وتجميعها من جديد ، وكان الهدف من وراء ذلك هو التعرف على طبيعة القطع
المتواجدة بداخل السيارة حتى لا نواجه صعوبة بصناعة السيارة ، مشيراً بأن
مسألة توفير الدعم وتوفير القطع اللازمة للسيارة كانت من أهم العوائق التي
أعاقت عملهم أثناء التصنيع ، حيث لا تتوفر كثير من القطع اللازمة للعمل ..
الدافع وراء نجاحنا رفع اسم فلسطين ...
وأشار الطالب رزق بأن الدافع الأساسي وراء نجاحهم بإنجاز هذا العمل ، هو
رفع اسم فلسطين بين دول العالم التي تشارك سنوياً بمثل هذه المسابقات ،
سيما وأن الهند هي الدولة الوحيدة بالشرق الأوسط التي تشارك بمثل هذه
المسابقة ، فلماذا لا تعتبر فلسطين الدولة الثانية بعد الهند لتشارك في
المسابقة ، موضحاً بأن عملهم الجامعي كفريق واحد ساعد بشكلاًً كبير على
إنجازهم للسيارة ، إضافة إلي الروح المعنوية العالية التي كانت تنتابهم
أثناء العمل .. ، معبراً عن سعادته البالغة وفخره لانجازه هذا العمل ،
قائلاً بأنه لم يكن يتوقع هو ومن حوله الوصول لهذه المرحلة في ظل هذه
الأوضاع .. ، منوهاً بأنه وزملائه الطلبة لم يجدوا تشجيع كبير من ذويهم
قبيل مباشرتهم العمل ، مشيراً بأن وجهة نظر ذويهم هذه بدأت تتلاشي
تدريجياً مع بدء الانجاز الفعلي للسيارة ، موضحاً بأن طموحه بعدما سيتخرج
من الكلية " بأن يُكمل دراسته خارج الوطن ومن ثم سيعود ليعمل مدرساً بوطنه
.. ، مؤكداً بأن لديه القدرة هو ومن معه على الإشراف على تصنيع سيارات
أخرى ..