الجهادية السلفية وعملية الزائدة في رفح
بقلم : عدلي صادق
ـــــــــ
قبل نحو عامين، كتبنا عن الحاضنة التي تُنتج التطرف، وقلنا إن ألف مؤشر
ومؤشر، يدلنا على أن هناك عملية استخبارية معقدة، قوامها الدفع في اتجاه
إغلاق مناطق، وتحويلها الى حاضنات لانتاج التطرف، مع مشاتل لتخليق الفتن،
بضمانة أن يظل اذاها داخل إطارها الجغرافي والمجتمعي ولا يتجاوزه، وأن
تتعدد أهداف ومرامي هذا الملعوب الجهنمي، ومن بينها، فتح بطن الحاضنة في
الوقت المناسب، وتأثيم القضية التي يدافع عنها الماكثون في الحاضنة،
وتسويغ صب النيران على المجتمعات والشعوب المظلومة، بذريعة أنها تُضمر
الشر للآخرين وللإنسانية وللحضارة!
* * *
أرادوا لغزة، من خلال حماس، أن تكون حاضنة لانتاج التطرف والجنون وأشكال
الاستبداد، مثلما أرادوا لها، من خلال السلطة، بعد أوسلو، أن تكون حاضنة
لانتاج أنماط الفساد والبذخ والاستهتار بمهام البناء الحضاري والمجتمعي،
والرقاعة السياسية، لكي تُصاب فكرة فلسطين الحرية والاستقلال، في مقتل.
وفي ذلك السياق، لم يكن ثمة مستهتر أو فاسد أو متجاوز، إلا ولديه كل
تسهيلات الحركة والتنقل ورسوخ الدور والصداقة مع جهات التنسيق الإجرائي!
أما الإخوان المسلمون فقد ابتلعوا الطُعم، وظنوها شكلاً من التمكين
للمؤمنين، وغاصوا في أوحال الاستبداد والقمع، وعندما حاولوا التشاطر لكي
يلعبوا بورقة الوسطية والتطرف، عملوا على تنمية خط جهادي سلفي، ظنوه سيظل
تحت السيطرة، بحيث يستفيدوا منه في ترهيب الجوار العربي وإيهامه بأنهم
الأنسب والأفعل والأقدر على اجتثاث جذوره، على أن يقوموا بهذه المهمة
مقابل تلبية متطلبات لوجستية. عندما بدأ هذا الخط في الداخل الحمساوي،
يتطاول على أمرائه "الوسطيين" لم تجد حماس وسيلة لكبح جماحه سوى تصعيد
الصراع مع فتح العزلاء من السلاح في غزة. ولما وقع تفجير سيارة تُقل
محازين لحماس، اتهمت حماس فتح بالتفجير ونقلت المعركة الى خارجها، وكذلك
الأمر بالنسبة لمحاولة لتفجير في منزل أحد متعاطي الفتوى. غير أن هذا
التحايل على بذور الصراع الكامنة، لم يُجد نفعاً، فظلت السلفية الجهادية
تنمو، ثم راحت تجاهر بالإعلان عن وجودها، وتحدث العدو عن هذا الحضور
الملعوب أصلاً، لكي يبرر هجوماً دموياً على أهلنا، في حال فشلت المفاوضات
للوصول الى صفقة للتبادل، وإطلاق أسرى مقابل شاليط!
* * *
من يلعب بالنار تحرقه. لقد خرجت السلفية الجهادية من قمقمها في الثنايا
الحمساوية، وتبدت كل عناصر انتاج الجنون والتطرف داخل الحاضنة التي
يسمونها في مراكز الفتن الأمريكية: المناطق المبوّبة Gated Areas . وربما
لا يتوقف أحد، وسط هذا اللغط، عند حقيقة مريرة، وهي أن الضحايا كلهم من
أولادنا، وأن الأمهات الثكلى من أمهاتنا، وأن الأطفال الذين تيتموا هم من
أطفالنا. وبالطبع سوف يستزيد الحمساويون من الرقص فوق جثث الضحايا وأسرّة
الجرحى، ومن التغني والتذكير بالوسطية المعتدلة الرشيدة التي لا تتسامح
حيال التطرف (وإن تطرفت حيال فتح استثناءً). وستكون أم جرير الجزيرة،
جاهزة لأداء دورها في التعمية على المآسي وفي تبرير "الحسم" وفي التأكيد
على أن منزل عبد اللطيف موسى انفجر من تلقاء نفسه، وليس بفعل برميل
ديناميت دحرجه أحدهم تحت البناية لتنهار على من فيها.
إن هذه هي بعض عيّنات الانتاج، في الحاضنة التي توافرت لها مناخات العمل
الشرطي والتحشيدي والتدريبي الآمن، لكي تنزلق الى كل اشكال الفساد
والاستبداد، توطئة لفتح بطن المكان، في الوقت المناسب. وليست فظائع
المجزرة التي وقعت، في كارثة الجامع والجهادية السلفية في رفح؛ إلا مجرد
عملية بسيطة، قياساً على المخاطر الكامنة، وهي بحجم الزائدة، بمقاييس
الجراحة السريرية!
www.adlisadek.net
adlishaban@hotmail.com
_________________
تحياتي:
العقول الكبيرة تبحث عن الأفكار..
والعقول المتفتحة تناقش الأحداث..
والعقول الصغيرة تتطفل على شؤون الناس..
مدونة /http://walisala7.wordpress.com/