طموح أب وابنه
في يوم من الأيام لفت نظري أحد موظفي الجامعة قائلاً: أنظري ما أجمل منظر الأب وابنه خارجين من قاعة الامتحان معاً"، ومن شدة انفعالي وإعجابي بالمشهد حددت على الفور مقابلة معهما لأعرف أكثر عن قصتهما، وإليكم التفاصيل عن هذين الدارسين:
اسم الأب: عيسى محمد عيسى معالي
اسم الابن: علاء عيسى محمد معالي
الأب يبلغ من العمر 52 عاماً، أما الابن فيبلغ من العمر 26 عاماً، وعندما تحدثت إلى الأب قال :كانت أمنيتي أن أتعلم في الجامعة، ولكن الظروف لم تسنح، فترك المدرسة بعد الإعدادية، غير أنه كان يتحلى بشخصية طموحة، وبقدرة على التصميم. فقد تقدم لامتحان التوجيهي سنة 2006 ونجح، وقد سألت ابنه عن شعوره عندما عرف أن أباه سيتقدم لامتحان التوجيهي، فقال لي أنه ضحك ولم يكن يتوقع النجاح لأبيه، ولكن أباه بعزمه وتصميمه أنهى التوجيهي بنجاح وأذهل كل من حوله.
ثم قرر أن يحفظ القرآن الكريم بالتعاون مع موظف في جامعة القدس المفتوحة، وفعلا حفظ القرآن الكريم كاملاً، ثم أصبح إمام مسجد،،،، ولكن طموحه لم يقف عند هذا الحد، فقد قرر أن يدخل الجامعة، وشكر ربه على وجود جامعة القدس المفتوحة التي تتيح للعامل أن يتعلم، وتقدم له كل التسهيلات كي يوفق بين عمله ودراسته.
أما الابن الذي ضحك عندما عرف أن أباه سيدرس للتوجيهي فقد شجعه كثيراً على دخول الجامعة، وساعده كثيراً لمعرفة قوانينها، إذ إنه كان قد سبقه في الدراسة، ولكن في البداية واجه مشاكل كثيرة منها نظرة بعض أفراد المجتمع له، وحاول بعضهم أن يثنيه عن عزمه هذا، ويقول له اترك المجال لأولادك، ولكن أفراد عائلته وقفوا إلى جانبه حتى يكسر حاجز الحرج والرهبة، وقدموا له الدعم المتواصل ،وخصوصاً ابنه الموجود في الجامعة.
وقد صمم الدارس عيسى معالي على مواصلة للتعليم بالرغم من ظروفه الصعبة، فلديه أولاد في السجون الإسرائيلية، وهو متزوج من امرأتين يتكفل بإعالتهما مع أولادهما.
أما بالنسبة للابن فقد قال أنه فخور بوجود والده إلى جانبه في الجامعة، وأن ذلك لا يؤثر عليه ولا يحد من حريته، فالأب يدرس التربية الإسلامية، وهو إمام مسجد، والابن عضو في جبهة العمل الطلابية في الجامعة، فهو يعطيه الحرية الكاملة، ولا يتدخل في تصرفاته.
إن العلاقة بين الأب وابنه يسودها الانسجام، وفي نهاية اللقاء شكرا جامعة القدس المفتوحة لأنها تساعد كثيراً من الناس الذين لم تتح لهم الفرصة أن يتعلموا كي يحققوا أمانيهم، وأثنيا على الجامعة لما تمتاز به من مرونة في التعامل، الأمر الذي يشجع الجميع على الدراسة وتلقي العلم.