الديمقراطية الدستورية وسلطة الفصيل

الديمقراطية الدستورية وسلطة الفصيل
بقلم/فارس
فارس...

ان الشواهد الواقعية لاحترام الدستور وسيادته تتجلى في حدث
مميز وفريد خلال ولاية الرئيس الأميركي السابق جورج بوش الأب حصل خلاف بينه وبين
الكونغرس حول الميزانية، وعلى اثرها أضطرت بعض السفارات والبعثات الدبلوماسية
الأميركية إلى إقفال أبوابها لعدم وجود ميزانية، إلى أن انتهت الأزمة بين الرئيس
الجمهوري والكونغرس الديمقراطي .
في ذلك حين لم يبعث الوزراء الأميركيين " في
الحقيقة هم ليسوا وزراء بل يطلق على احدهم سكرتير دولة " بكتاب عدم تعاون إلى
الرئيس الأميركي يطلبون فيه حل الكونغرس الأميركي (" لا يستطيع الرئيس فعل ذلك"،
ولم يقولوا ان التعاون بات مستحيلا مع أعضاء الكونغرس ولم تتحرك فرق حسب الله
الفضائية والصحافية الصفراء، وتهاجم النواب الأميركيين وتجرحهم وتقذفهم بنعوت
الخيانة والردة، وتحاول أن تضعف من موقفهم الانتخابي في دوائرهم الانتخابية ولم
تخرج مظاهرات مأجورة ومدفوعة من قبل أصحاب المصالح من فصائل ووسائل الإعلام ومن قبل
أطراف متنفذه يهمها أن تعيش خارج إطار الدستور .

ولم تعيش أميركا القلق
والتشاؤم والإحباط ليس لأن الأزمة غير حقيقة، بل فقط لأن هناك دستور يتبع منذ مئات
السنين .

إتباع الدستور في أي دولة هو عامل الضبط والتنظيم المؤسسي الرئيسي،
وفيما عدا ذلك كل شيء قابل للحصول من فوضى وفلتان واحتراب، أي أن كل ما نعتقد أن
محرم قد يحصل إما نتيجة للإحباط أو نتيجة للشعور بأن الوضع لا يقبل الصمت وعدم
الثقة.
الدولة الدستورية دستورية ومن يطالب بالعمل خارج إطار الدستور هو إنسان
سفيه بكل ما تحمل هذه الكلمة من معنى أكرر إنسان سفيه نائبا كان أو متنفذا جبان
يعمل خلف الستار أو رئيس تحرير جريدة عفا عليه الزمن وشرب أو ناطق باسم حركة أو
عصابة أخذ يهذي بعد أن شبع مناقصات دفاعية .
الدولة الدستورية ليست لعبة أو نزهة
أو تجربة أو ملكية عائلية او اقطاعية فصائلية، بل هي دولة عمادها أرواح ودماء شهداء
بالملايين، وعذابات شعب ضحى بالغالي والنفيس، الذين لا يريدون من هذه الحياة سواء
الحرية والديمقراطية والتنمية .
الدولة الدستورية لا تقوم فقط على قوة الجيش
والشرطة بل على الإيمان المطلق بالدولة ومكوناتها المؤسسية جميعا، واهمها ميراث امة
وشعب عبر سنين البناء والعطاء التاريخي المتجذر في الاجيال، ومنظومة الشرائع
والقوانين المنظمة، ولهذا فالجيش والشرطة مجرد أرقام لا تسمن أو تغني من جوع إذا لم
تلتزم بعقيدة مفادها أن الدستور مقدم على ما سواه شاء من شاء وأبى من أبى
.
باختصار لا يستحق أن ينتمي لوطنه من لا يدافع عن بقاء الدولة الدستورية
دستورية .
أما من يقدم مصالح فئته أو عائلته أو مذهبه أو قبيلته على مصلحة بقاء
الدولة الدستورية دستورية فهو صفر لايستحق القيمة والحساب، وهو ليس سوى فاه (فم) لا
يفتح إلا للبلع ,وفي وضعنا الفلسطيني هذا نقول للأخوة في حركة حماس، إما أن
تتراجعوا عن انقلابكم أو إما أن تلحقو بركب المتنفذين أصحاب ألفاه الذي لا يفتح إلا
للبلع.