استفاضت كثير من المؤلفات لكبار العلماء والأئمة ، في ذكر المهدي وسيرته ، وأكدت على حتمية خروجه آخر الزمان ، ومن هؤلاء على سبيل المثال لا الحصر ، ابن حجر والشوكاني والسيوطي والصابوني وغيرهم ، وهناك من أفرد له بابا ، أو كان له مقالا في كتاب ، كالذهبي وابن تيميه وابن القيم والقرطبي والبرزنجي وغيرهم . وهناك الكثير من الكتب المتخصصة الحديثة ، جمعت أقوال أولئك العلماء والأئمة في المهدي وأحداث آخر الزمان ، فمن رغب بالاستزادة فليرجع إليها ، فهي متوافرة بكثرة في المكتبات هذه الأيام ، والإلمام المسبق بالأحاديث الواردة في المهدي ، سيساعد كثيرا في فهم ما استخلصته من أفكار في هذا الفصل .
وأما من ينكر أحاديث المهدي ، فلا التفات لقوله ، فالأحاديث الصريحة وغير الصريحة ، التي أتت على ذكر أخبار المهدي ، بلغت حد التواتر المعنوي ، وقد ورد فيها ما يُقارب الأربعين حديثا . وما سنتناوله منها ، هو ما يخص موضوع هذا الكتاب فقط . وأود أن أشير إلى أن ذكر المهدي قد جاء في التوراة ، حيث أن الترجمة العربية للنص التوراتي ، تُسمّيه ( بالقدّوس ) في موضع ( وبالغصن ) في موضع آخر ، وهذا النص موجود مع التعليق ، في فصل النبوءات التوراتية . وقد تنبأ بظهوره ( نوستراداموس ) مفسّر النبوءات التوراتية ، وأشار إليه بألفاظ صريحة ، سنوردها في فصل لاحق .
وللحقيقة ، ومن خلال اطلاعي على الكثير ، من دراسات وأبحاث الغربيين ، التي تتناول النبوءات التوراتية والإنجيلية ، الخاصة بأحداث النهاية ، تبيّن لي بأن اليهود والنصارى ، أكثر إيمانا ويقينا ، من عامة المسلمين ، بحتمية ظهور المهدي ، وانتصاره في كافة حروبه ، واتخاذه للقدس عاصمة لملكه ، وامتداده لمساحات شاسعة من الأراضي . ولأنهم يعلمون بأن النهاية قد اقتربت ، ويعتقدون بأنه سيقود تحالفا عسكريا ضد الغرب ، ينجم عنه دمار الحضارة الغربية برمتها ، فهم يتوقعون ظهوره في أي لحظة ، ويخشون أن يظهر وأن تقوى شوكته ، وهم في غفلة من أمرهم ، فلذلك تجدهم يُحاولون تجنيد العالم بأسره ، ضد ما يُسمّونه بالإرهاب الإسلامي ، خوفا من ذلك المصير المشؤوم الذي ينتظرهم ، عند ظهور أمره .
غربة الإسلام :
عَنْ ثَوْبَانَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( يُوشِكُ الْأُمَمُ أَنْ تَدَاعَى عَلَيْكُمْ ، كَمَا تَدَاعَى الْأَكَلَةُ إِلَى قَصْعَتِهَا ، فَقَالَ قَائِلٌ : وَمِنْ قِلَّةٍ نَحْنُ يَوْمَئِذٍ ، قَالَ :بَلْ أَنْتُمْ يَوْمَئِذٍ كَثِيرٌ ، وَلَكِنَّكُمْ غُثَاءٌ كَغُثَاءِ السَّيْلِ ، وَلَيَنْزَعَنَّ اللَّهُ مِنْ صُدُورِ عَدُوِّكُمْ الْمَهَابَةَ مِنْكُمْ ، وَلَيَقْذِفَنَّ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ الْوَهْنَ ، فَقَالَ قَائِلٌ : يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا الْوَهْنُ ؟ قَالَ :حُبُّ الدُّنْيَا وَكَرَاهِيَةُ الْمَوْتِ ) رواه أبو داود وأخرجه أحمد ، وصحّحه الألباني .
عَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( إِنَّ الْإِسْلَامَ بَدَأَ غَرِيبًا ، وَسَيَعُودُ غَرِيبًا كَمَا بَدَأَ ، وَهُوَ يَأْرِزُ بَيْنَ الْمَسْجِدَيْنِ كَمَا تَأْرِزُ الْحَيَّةُ فِي جُحْرِهَا ) رواه مسلم ، وأخرجه الترمذي وابن ماجه وأحمد والدارمي .
قبل ظهور المهدي ستشهد الأمة الإسلامية ، عصرا حالك السواد ، من كثرة الظلم والجور والفساد ، يتميز بوجود قلة مؤمنة صابرة متمسكة بدينها ، لا حول لها ولا قوة ، تنتظر حتى يأتي الله بأمر من عنده ، وكثرة طاغية فاسدة ومفسدة متمسكة بدنياها ، هم غثاء كغثاء السيل .
جيش يغزو الكعبة بداية ظهور أمر المهدي :
رواية البخاري _ عَنْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ، ( قَالَتْ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : يَغْزُو جَيْشٌ الْكَعْبَةَ ، فَإِذَا كَانُوا بِبَيْدَاءَ مِنْ الْأَرْضِ ، يُخْسَفُ بِأَوَّلِهِمْ وَآخِرِهِمْ ، : قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ يُخْسَفُ بِأَوَّلِهِمْ وَآخِرِهِمْ ، وَفِيهِمْ أَسْوَاقُهُمْ ، وَمَنْ لَيْسَ مِنْهُمْ ، قَالَ : يُخْسَفُ بِأَوَّلِهِمْ وَآخِرِهِمْ ، ثُمَّ يُبْعَثُونَ عَلَى نِيَّاتِهِمْ ) رواه الشيخان ، وأخرجه والترمذي والنسائي وابن ماجه وأحمد .
رواية مسلم _ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا ، قَالَتْ : عَبَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَنَامِهِ ، ( فَقُلْنَا : يَا رَسُولَ اللَّهِ صَنَعْتَ شَيْئًا فِي مَنَامِكَ لَمْ تَكُنْ تَفْعَلُهُ ، فَقَالَ : الْعَجَبُ إِنَّ نَاسًا مِنْ أُمَّتِي يَؤُمُّونَ الْبَيْتِ ، بِرَجُلٍ مِنْ قُرَيْشٍ قَدْ لَجَأَ بِالْبَيْتِ ، حَتَّى إِذَا كَانُوا بِالْبَيْدَاءِ خُسِفَ بِهِمْ ، فَقُلْنَا : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ الطَّرِيقَ قَدْ يَجْمَعُ النَّاسَ ، قَالَ: نَعَمْ فِيهِمْ الْمُسْتَبْصِرُ وَالْمَجْبُورُ وَابْنُ السَّبِيلِ ، يَهْلِكُونَ مَهْلَكًا وَاحِدًا ، وَيَصْدُرُونَ مَصَادِرَ شَتَّى ، يَبْعَثُهُمْ اللَّهُ عَلَى نِيَّاتِهِمْ ) ، رواه الشيخان ، وأخرجه الترمذي والنسائي وابن ماجه وأحمد .
رواية أحمد _ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( جَيْشٌ مِنْ أُمَّتِي يَجِيئُونَ مِنْ قِبَلِ الشَّامِ ، يَؤُمُّونَ الْبَيْتَ لِرَجُلٍ يَمْنَعُهُ اللَّهُ مِنْهُمْ ، حَتَّى إِذَا كَانُوا بِالْبَيْدَاءِ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ خُسِفَ بِهِمْ ، وَمَصَادِرُهُمْ شَتَّى ، فَقُلتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ يُخْسَفُ بِهِمْ جَمِيعًا وَمَصَادِرُهُمْ شَتَّى ، فَقَالَ : إِنَّ مِنْهُمْ مَنْ جُبِرَ إِنَّ مِنْهُمْ مَنْ جُبِرَ ثَلَاثًا ) رواه أحمد بهذا النص ، ورواته ثقات ، إلا واحدا وثقه البعض وضعفه آخرون .
بداية ظهور المهدي ستكون في مكة بإذن الله ، وفور معرفته تسارع قلة من تلك القلة ، لمبايعته على الإمارة ، فيلجأ إلى الحرم تهرّبا ويعتصم به . ويظهر أمره شيئا فشيئا ، فيُبعث إليه بجيش يغزو الكعبة ، فيخسف به في الصحراء ما بين المدينة ومكة .
هذه الأحاديث الثلاثة متوافقة من حيث النص والمضمون ، غير أن الحديث الثالث ، أضاف عبارة توضّح مخرج ذلك الجيش ومكان الخسف . ومع أن أحد الرواة ضعفه البعض ، إلا أن تلك الإضافة ( من قبل الشام ) تتفق والتفسير المنطقي ، للأحداث الموصوفة في جملة أحاديث هذا الفصل .
لنخلص إلى ما يلي :
1. أن جيشا سيغزو مكة .
2. وهذا الجيش من أمة محمد عليه الصلاة والسلام ، ويعجب رسول الله ويحق له العجب ، فما آل إليه أمر أمة الإسلام هذه الأيام ، يثير ما هو أكثر من العجب والشفقة ، حتى في نفوس أعدائنا .
3. ومقصد هذا الجيش رجل من قريش يلجأ إلى الحرم ، وغايته وأد بؤرة الخلافة الإسلامية في مهدها ، خوفا من أن تزلزل أركان عبدة الحياة الدنيا .
4. يُخسف بهذا الجيش في الصحراء قبل وصوله إلى مكة .
5. ومخرج هذا الجيش من قبل الشام ؟!
عمران بيت المقدس يعقبه خراب المدينة المنورة :
عَنْ مُعَاذٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( عُمْرَانُ بَيْتِ المَقْدِسِ خَرَابُ يَثْرِبَ ، وَخَرَابُ يَثْرِبَ خُرُوجُ الْمَلْحَمَةِ ، وَخُرُوجُ الْمَلْحَمَةِ فَتْحُ الْقُسْطَنْطِينِيَّةِ ، وَفَتْحُ الْقُسْطَنْطِينِيَّةِ خُرُوجُ الدَّجَّالِ ، ثُمَّ ضَرَبَ بِيَدِهِ عَلَى فَخِذِ الَّذِي حَدَّثَهُ أَوْ مَنْكِبِهِ ، ثُمَّ قَالَ إِنَّ هَذَا لَحَقٌّ كَمَا أَنَّكَ هَاهُنَا ، أَوْ كَمَا أَنَّكَ قَاعِدٌ يَعْنِي مُعَاذًا ) . رواه أبو داود ، وأخرجه أحمد ، وصححه الألباني .
تعمر بيت المقدس في آخر الزمان ، برجوعها إلى الحكم العربي ، واتخاذها عاصمة للحكم ، فيرسل حاكمها جيش إلى الكعبة ، عند ظهور أمر المهدي ، فيخرب المدينة المنوّرة في طريقه إلى مكة ، ومن ثم يُخسف بجيشه ، قبل أن يصلها بالقرب من ذي الحليفة ، وهي ميقات إحرام أهل المدينة ، بينها وبين المدينة ستة أميال أو سبعة ، وبينها وبين مكة مسيرة عشرة أيام .
المهدي لا يغزو العراق وبلاد الشام :
عَنْ نَافِعِ بْنِ عُتْبَةَ ، قال : قَالَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( تَغْزُونَ جَزِيرَةَ الْعَرَبِ فَيَفْتَحُهَا اللَّهُ ، ثُمَّ فَارِسَ فَيَفْتَحُهَا اللَّهُ ، ثُمَّ تَغْزُونَ الرُّومَ فَيَفْتَحُهَا اللَّهُ ، ثُمَّ تَغْزُونَ الدَّجَّالَ فَيَفْتَحُهُ اللَّهُ ، قَالَ : فَقَالَ نَافِعٌ : يَا جَابِرُ لَا نَرَى الدَّجَّالَ يَخْرُجُ حَتَّى تُفْتَحَ الرُّومُ ) رواه مسلم ، وأخرجه ابن ماجه وأحمد .
وتجمع جزيرة العرب لقتال المهدي وصحبه ، فيغزونها فيفتحها الله فتدين لهم ، ومن ثم يخرجون إلى إيران فيفتحها الله فتدين لهم ، ومن ثم يغزون الروم فيفتحها الله ، ومن ثم يخرج الدجال ، فيغزونه بمعية عيسى عليه السلام ، فيفتحه الله .
ولو تدبرت هذا الحديث ، ستجد أن البلدان التي سيغزوها المهدي ، عندما يمسك بزمام الأمور ، هي بالترتيب ؛ أولا : جَزِيرَةَ الْعَرَبِ ثانيا :فَارِسَ أي إيران ،ثالثا : الرُّومَ أي روسيا وأوروبا الشرقية ، رابعا : الدَّجَّالَ ، والملاحظ في هذا الحديث ، عدم ورود ذكر فتح بلاد الشام والعراق ، التي لا بد للمهدي من المرور بها ، عند خروجه لفتح فارس ، ولفتح الروم الذين سيُلاقونه بالقرب من مدينة دمشق .
فلو كانت دولة إسرائيل قائمة في فلسطين ، أليس من الأحرى بالمهدي ومن معه تحريرها ، فور خروجه من جزيرة العرب ؟!
يظهر بوضوح في هذا الحديث ، أن كل واحد من هذه الأمور ، أمارة لوقوع ما بعده ، كما هو الحال في الحديث السابق ، وكل منهما يتقاطع مع الآخر في نقطتين ، هما ؛ أولا : غزو الروم ويقابلها خروج الملحمة ، وثانيا : غزو الدجال ويقابلها خروج الدجال ، ويضيف الحديث الأول ثلاثة أحداث ، هي عمران بيت المقدس ، وخراب يثرب ، وفتح القسطنطينية .
حتمية نزول الخلافة في بيت المقدس :
عن ابْنُ حَوَالَةَ عن رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( يَا ابْنَ حَوَالَةَ إِذَا رَأَيْتَ الْخِلَافَةَ قَدْ نَزَلَتْ الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ ، فَقَدْ دَنَتْ الزَّلَازِلُ وَالْبَلَايَا وَالْأُمُورُ الْعِظَامُ ، وَالسَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ إِلَى النَّاسِ ، مِنْ يَدَيَّ هَذِهِ مِنْ رَأْسِكَ ) رواه أحمد ، وأخرجه أبو داود والحاكم ، وصححه الألباني .
عند خروج المهدي إلى بلاد الشام ، سيتخذ القدس عاصمة لخلافته ، تنعم الأمة الإسلامية خلال سنوات حكمه ، بإقامة الحق والعدل ورفع الظلم والجور عن أمة الإسلام .
نستخلص من هذا الحديث ما يلي :
1. لا بد للخلافة من النزول في بيت المقدس آخر الزمان .
2. ونزولها هناك يعني بدء ظهور الفتن والكوارث الطبيعية ، ومن ثم علامات الساعة الكبرى ، بداية بظهور الدجال ، ونزول عيسى عليه السلام ، في نهاية حكم المهدي .
3. وهنا لا بد لنا من أن نشير ، إلى أن عبارة ( نزول الخلافة ) ، ربما تشمل الحكم العربي للقدس ، الذي تكثر فيه الفتن والحروب والاقتتال ، والموصوف بالظلم والجور ، قبل ظهور المهدي .
نطق الحجر والشجر :
رواية مسلم _ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : ( لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُقَاتِلَ الْمُسْلِمُونَ الْيَهُودَ ، فَيَقْتُلُهُمْ الْمُسْلِمُونَ ، حَتَّى يَخْتَبِئَ الْيَهُودِيُّ مِنْ وَرَاءِ الْحَجَرِ وَالشَّجَرِ ، فَيَقُولُ الْحَجَرُ أَوْ الشَّجَرُ : يَا مُسْلِمُ يَا عَبْدَ اللَّهِ ، هَذَا يَهُودِيٌّ خَلْفِي فَتَعَالَ فَاقْتُلْهُ ، إِلَّا الْغَرْقَدَ فَإِنَّهُ مِنْ شَجَرِ الْيَهُودِ ) . رواه الشيخان ، وأخرجه أحمد والترمذي والنسائي وأبو داود وابن ماجه ، بنصوص أخرى .
هذا الحديث روي بعدة نصوص ، وهذا النص أشهرها وأكثرها تداولا بين العامة ، أما نطق الحجر والشجر ، فهو أمر خارج عن المألوف والعادة ، ولا يُعقل أن تحصل تلك المعجزة في آخر الزمان ، قبل بدء ظهور أشراط الساعة الكبرى على الأقل ، حتى بظهور المهدي . فنطق الحجر والشجر ، أكثر إعجازا من نطق عيسى عليه السلام في المهد صبيا . فمن المنطقي ألا يحدث هذا الأمر ، قبل ظهور الأحداث غير المألوفة للناس ، كأشراط الساعة الكبرى . ومن الأرجح أن يتزامن هذا الحدث ، مع وجود عيسى عليه السلام ، لكي يستقيم الأمر ، فالمعجزات غالبا ما تأتي على أيدي الرسل ، وهذا ما تؤيده سورة الإسراء كما سيتبين لنا لاحقا .
أما عبارة ( شرقيّ النهر وهم غربيه ) ، فقد وردت في حديث آخر ، وهذا نصه ، عن نهيك بن صريم السكوني ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لتقاتلنَّ المشركين حتى يُقاتل بقيّتُكم الدَّجالَ على نهرِ الأردن ، أنتم شرقيّه وهم غربيّه ، ولا أدري أين الأردن يومئذٍ ) رواه الطبراني والبزار ، وقيل رجال البزار ثقات وضعفّه الألباني .
ولم ترد هذه العبارة بأي من نصوص الحديث السابق على اختلافها ، وعلى ما يبدو لنا أن كلا من الحديثين آنفيّ الذكر ، يصفان حدثا واحدا هو مقاتلة المسلمين للدجال ومن تبعه من اليهود آخر الزمان ، عند نزول عيسى عليه السلام ، حيث يُقتل الدجال على أبواب القدس ، وهو حدث سيقع بعد نفاذ وعد الآخرة ، بزوال العلو اليهودي في فلسطين والأرض عموما بسنوات عديدة .
خلاصة القول :
وبناءا على ما تقدم ، نقول أن زوال دولة إسرائيل أمر حتمي ، يتبعه زوال حلفائها من الغرب بالضرورة ، قبل ظهور خلافة المهدي ، وأن من سيقوم بتحريرها هو جيش عربي ، وأن صاحب هذا الجيش سيتخذ مدينة القدس عاصمة لملكه ، ومن ثم تدين له بلاد الشام والعراق ، وأن فترة حكمه أو حكم من يخلفه ، ستكون حافلة ،بالظلم والجور ، وعند ظهور أمر المهدي في مكة