الصعود إلى السماء :
إن الصعود وهو العروج للسموات العلا أمر أباحه الله لأمره الذى ينزله من السماء ثم يصعد مرة أخرى من الأرض للسماء مصداق لقوله بسورة السجدة "يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه فى يوم كان مقداره ألف سنة مما تعدون "وكان قبل بعثة محمد(ص)قد أباح للجن الصعود للسماء الدنيا ليجلسوا منها مجالس للسمع والمراد سماع أخبار الغيب دون عقاب على الجلوس ولكنه بعد بعث محمد(ص)جعل لكل من يحاول الاستماع لأخبار الغيب عقاب هو أن يرسل خلفه شهاب يحرقه وفى هذا قال تعالى على لسان الجن بسورة الجن "وإنا لمسنا السماء فوجدناها ملئت حرسا شديدا وشهبا وإنا كنا نقعد منها مقاعد للسمع فمن يستمع الآن يجد له شهابا رصدا "وقد بين الله لنا أن الإنسان لو صعد للسماء سيحدث له ضيق شديد فى الصدر بسبب عدم وجود المادة التى تساعد على التنفس الهادىء وفى هذا قال تعالى بسورة الأنعام "ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا كأنما يصعد فى السماء "وأما لو سمح الله للإنسان بالصعود للسماء فإن صدره لا يتضايق ويصعد ويفتح له باب يظل سائرا منه مبهورا متعجبا مما يرى حتى يقول :لقد سكر بصرى بل أنا رجل سحرنى السحرة وفى هذا قال تعالى بسورة الحجر "ولو فتحنا عليهم بابا من السماء فظلوا فيه يعرجون لقالوا إنما سكرت أبصارنا بل نحن قوم مسحورون "والحرف لو فى أول الآيات يفيد أن الإرادة الإلهية ممتنعة عن إحداث ما فى الآيات وأما إذا اخترع الإنسان وسيلة للصعود للسماء وعبر من أبواب السماء فإنه يعاقب بالهلاك عن طريق قذفه بالنار والنحاس وفى هذا قال تعالى بسورة الرحمن "يا معشر الجن والإنس إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السموات والأرض فانفذوا لا تنفذون إلا بسلطان فبأى آلاء ربكما تكذبان يرسل عليكما شواظ من نار ونحاس فلا تنتصران "