بفعل العمليات الإرهابية مائة زوجة شابة تتعرض للترمل يوميا بالعراق

نشرت وكالة الأنباء الفرنسية تقريرا أكدت فيه أن معدل الأرامل في العراق ارتفع إلى أعلى مستوياته في السنوات الخمس الأخيرة، حيث تحدث التقرير عن ترمل مائة امرأة عراقية يوميا من الشابات اللواتي يفقدن أزواجهن بفعل العمليات الإرهابية، فيذهب هؤلاء الضحايا تاركين وراءهم عائلة من زوجة وأبناء وإخوة تكون حالة فقدان العزيز موزعة عليهم، لكن الزوجة التي فقدت العائل والكفيل والرفيق في آن واحد هي صاحبة المصاب الأكبر، خاصة مع عجز الدولة عن تقديم أي عون أو مساندة لتذليل الصعوبات على هؤلاء النساء المنكوبات.
أشار التقرير إلى أن وزارة شئون المرأة في العراق أعلنت أن عدد الأرامل في بغداد وحدها وصل إلى 300 ألف أرملة، إضافة إلى 3 ملايين أرملة أخرى في بقية محافظات العراق، وهي أرقام قابلة للارتفاع بفعل العنف اليومي الذي تتعرض له البلاد.
كما أشارت إحدى الدراسات التي أجرتها وزارة التخطيط العراقية إلى أن أكثر من نصف الأرامل في العراق فقدن أزواجهن خلال السنوات الخمس الماضية، وأن غالبية الأرامل مسئولات عن إعالة طفل واحد إلى ثلاثة أطفال، وذكرت الدراسة أن المستوى التعليمي للنساء الأرامل يتباين بين الابتدائي والمتوسط والجامعي، وأن عدد الأرامل اللواتي يحملن الشهادات العليا ضئيل جدًّا.
وهو ما دفع وزارة الشئون الاجتماعية إلى تنفيذ مشروع يقضي بمنح إعانات مالية للأرامل تقدر بمبلغ 150 ألف دينار شهريا (120 دولار أمريكي ) بهدف رعاية الأرملة اقتصاديًّا واجتماعيًّا، ومنح الأرملة التي لديها أولاد نسبة 20% من المبلغ المقترح عن كل طفل بما لا يزيد على خمسة أطفال، وهي مهمة إنسانية تتوخى تعويض المرأة عن ظروف الحرمان والفقر والإهمال التي تتعرض لها نتيجة فقدان الزوج والعائل.
وجاء في المشروع كذلك تخصيص منحة مالية للراغبين في الزواج من الأرامل، بالإضافة إلى شمول الأرملة ببرنامج القروض الميسرة لإقامة المشاريع الصغيرة المدرة للدخل، والذي تنفذه دائرة العمل والتدريب المهني التابعة للوزارة، فضلا عن إدخالهن في دورات تدريبية لتنمية مهاراتهن لزيادة فرص العمل المتاحة أمامهن، وهي خطوة إنسانية متقدمة على طريق الارتقاء بواقع المرأة العراقية.
لم تكتف وكالة الأنباء الفرنسية في تقريرها باستعراض الإحصائيات والأرقام الرسمية التي تعبر عن الظاهرة، بل دعمته بحكايات لفتيات شابات وجدن أنفسهن بين عشية وضحاها بين صفوف الأرامل.. توحدن باللقب واختلفن في الظروف التي يعشنها بعد فقدان الزوج والرفيق في رحلتهم الصعبة مع الحياة.
فحينما تزوجت "سعاد ناجي" (21 سنة) قبل ثلاثة أعوام كانت تحمل في مخيلتها حلمًا ورديًّا عن حياتها الزوجية التي دخلتها في وقت مبكر قياسا بقريناتها الأخريات، لكن هذا الحلم تحول إلى كابوس مفزع بعد فقدانها زوجها في انفجار مفاجئ وقع قرب المطعم الذي يعمل فيه، بعد مرور قرابة عام واحد على زواجها وقبل أن يرى طفلهما الأول نور الحياة.
"سعاد" لا تحمل مؤهلا علميًّا يساعدها في الحصول على فرصة عمل مناسبة؛ لأنها تركت مقاعد الدراسة قبل إكمالها المرحلة الثانوية، وتخلت عن الشهادة مقابل العريس الذي اشترط عليها هذا الأمر؛ لأنه هو الآخر لم يكمل تعليمه، ومن غير المعقول أن يتزوج بامرأة تفكر في إكمال تعليمها وتجرح شعوره السلطوي داخل المنزل؛ ولذلك قبلت العمل كعاملة نظافة في إحدى المدارس القريبة من بيت عائلتها، الذي غادرته وعادت إليه وهي تحمل طفلا يتيما أضاف عبئا جديدا على كاهل الأسرة الفقيرة.
تقول الأرملة الصغيرة إنها تشعر بالخوف من كل المحيطين بها؛ لأنها سمعت أشقاءها يتحدثون قبل أيام عن عريس منتظر سيتقدم لخطبتها، في الوقت الذي تفكر بالتفرغ لتربية الصغير وعدم تكرار التجربة.
"رشا عبد علي" أرملة أخرى في منتصف العشرينيات، توجت قصة الحب التي عاشتها في الجامعة بالزواج، لكنها فقدت زوجها في حادث محزن كاد أن يودي بحياتها وحياة طفلها، فبعد أن قررت وزوجها زيارة عائلته في مدينة كركوك شمال العاصمة، وفي طريق خروجهم من بغداد تعرضت إحدى القوافل الأمريكية التي كانت تسير أمامهم إلى هجوم مسلح، فردت قوات الاحتلال بإطلاق العيارات النارية بشكل عشوائي على السيارات التي تسير خلفهم، وأصيبت "رشا" التي كانت تحمل طفلها، وتجلس بالقرب من زوجها بطلق ناري في ساقها، فيما فارق زوجها الحياة على الفور إثر إصابته بطلق ناري في رأسه، لتنضم العروس إلى قائمة الأرامل التي بدأت تتسع عاما بعد آخر في البلاد.
تعترف "رشا" بأن عملها في إحدى الدوائر الحكومية خفف الكثير من أعباء حياتها اليومية والتزاماتها إزاء طفلها الذي تزداد حاجاته كلما كبر، وتقول إن الأرامل الشابات اللواتي يحملن مؤهلات علمية أو شهادات جامعية لديهن فرص أكبر في الاعتماد على النفس في تنشئة أطفالهن وتلبية حاجاتهن، على العكس من الأرامل اللواتي اكتفين بالتعليم المتوسط، حيث غالبا ما يعتمدن على الإعانات التي تقدمها المنظمات الاجتماعية، أو يضطررن إلى العمل في مهن بسيطة ذات دخل محدود، وتؤكد أن تجربتها القاسية دفعت شقيقتها إلى العزوف عن الزواج خوفا من فقدان زوجها في المستقبل.
أما "ذكرى مصطفى" التي فقدت زوجها في حادث خطف جماعي بعد أسبوعين من زواجهما.. فتقول إن حياة الأرملة من دون أطفال أفضل بكثير مما لو كانت أُمًّا، وتؤكد أنها تشعر بحرية أكبر في التعاطي مع حياتها الجديدة؛ لأنها لم تنجب أطفالا من زوجها، برغم انهيار الكثير من أحلامها التي كانت تود تحقيقها بعد الزواج، وتشير إلى أن تفهم الأهل واحترامهم رغبة ابنتهم الأرملة يسهم في التخفيف من حدة الشعور بالفشل لدى المرأة بعد وفاة الزوج.
"أزهار الشيخلي" وزيرة الدولة لشئون المرأة أكدت وجود أكثر من نصف مليون أرملة عراقية من الشابات تنحصر أعمارهن بين 19 و30 سنة، مشيرة إلى أن مسألة فقدان الزوج ليست حديثة في المجتمع العراقي، وأنها بدأت منذ مطلع الثمانينيات من القرن الماضي، لكنها تفاقمت بشكل كبير في السنوات الخمس الأخيرة؛ بسبب الأحداث الأمنية التي يعيشها الشارع العراقي، وتشير إلى أن أكثر من نصف الأرامل لم يكملن الدراسة الجامعية، ولا يحملن مؤهلا علميًّا يساعدهن في الحصول على وظائف مناسبة، الأمر الذي يجعل منهم عائلا على الأهل الذين غالبا ما يلجئون إلى البحث عن فرص زواج أخرى لبناتهم.
وتنهي وكالة الأنباء الفرنسية التقرير برأي " جهاد قاسم " اختصاصية علم النفس بجامعة بغداد التي ترى أن الصدمة التي تأتي من جراء فقدان الزوج خصوصا لدى النساء الشابات تكون عادة صدمة قوية قد تؤدي إلى نتائج غير متوقعة ومؤلمة في نفس الوقت.
وقد يستغل بعض الرجال مرحلة الصدمة التي تمر بها الأرملة وحاجتها للمال بإجبارها على ممارسة الدعارة، فتتحول الأرملة إلى عاهرة تدريجيا سعيا لإعالة أطفالها بجسدها، غير مبالية بما ينتظرهم من مستقبل مظلم مع أمٍّ عاهرة؛ لذلك تحاول بعض الأحزاب الدينية بين فترة وأخرى الإعلان عن حملات للزواج من الأرامل تتكفل بجميع تكاليف الزواج حفاظا على النساء الفاقدات للعائل من الجنوح في هذا الطريق.

مشكورة كتير لتواصلك بالنتدي ومشاركاتك الحلوة وموفقه يارب:: ربنا يزوجك هههههههههه