/ خذوا راتبي وامنحوه جوازاً... 00بقلم / عماد سليم محسن
لم أتوقع يوماً أن الأقدار ستصطحبني إلى هذه الخانة، وأن أقف هذا الموقف، لعل القلم الذي عهدته يسيل سريعاً بأحباره عندما أعتزم الكتابة يجاوزني وأنا أتناول شأن الأخ والصديق وصاحب رحلة الكفاح المرير في عالم الصحافة الفلسطينية أيمن سلامة، وتأتي الوقفة هذه المرة فيما يصارع أيمن عجلات الوقت وعقارب الساعة بحثاً عن منجاة من مرضٍ عضال أصابه وهو يكابد الشباب بحثاً عن بصيص أملٍ في مجهول يترصد هذا الوطن الذي ضاق بأيمن حتى يكاد لا يقوى على منحه حق المرور إلى الموعد مع حياة جديدة وأملٍ جديد أو التعثر في المسعى والانتهاء إلى مصير من سبقوه من ضحايا الحصار الظالم الذي يعيشه قطاعنا المحاصر من أعوامٍ عدة.
أيمن الذي كفر بتنظيمات هذا الوطن التي يزيد عددها عن الأربعين وهي بسلوكها لا تقوى إلا على فعل "أم أربعة وأربعين"، يكافح اليوم بطش السياسة وذهنية المتصلبين على مواقف تغيرت منذ سنوات طوال، يقيمون المرء على وجهة نظر سبق أن عبر عنها قبل أكثر من عقدين، ففي العرف القانوني تسقط التهم بعد كل هذه المدة وفي العقيدة الدينية فإنه بمجرد أن ينقل المرء باللفظ يصبح في دار غير داره وديانة غير ديانته، أما في بلادنا فالتهمة دامغة تلازمك من المهد إلى اللحد، وهذا ليس بفعل الانقسام كما يعتقد البعض، وإنما بفعل "الهبل الأمني" الذي يلازم المهووسين الذين لا يترددون في قطع اللقيمات التي يتناولها أطفالنا إذا ما عنّ لهم أن فلانا فارق مذهبهم "أقصد هواهم" أو حاد عن دربهم "حتى لو كان دربهم هو الاعوجاج بعينه".
أيمن لا يطالب إلا بأبسط ما كفلته كل شرائع الدنيا، حتى أكثرها دكتاتورية وقسوة وبطشاً، فالأنظمة القمعية على سبيل المثال تمارس كل بطش متوقع وغير متوقع بحق معارضيها، لكنها لا تحرمهم في الحق في التداوي والبحث عن سبيل إلى استشفاء، وهو أمر لمسناه في الربيع العربي مع رؤساء ذبحوا شعوبهم لكن إرادة الحياة كانت أقوى من العدالة فأتيحت لهم فرص البقاء في المشافي قبل أن ينشطوا لمواجهة استحقاق جرائمهم.
إنني أعرض على أجهزتنا الأمنية في الضفة الغربية صفقة مربحة لا ريب، وتحقق غاية هي أحوج ما تكون لها في ظل ظروف "القحط المالي" التي ألمت بسلطتنا الوطنية مؤخراً، والصفقة بإيجاز تقضي بأن يتم قطع راتبي "وهو راتب متواضع لموظف بدرجة رئيس قسم" مقابل السماح بحصول المتبرع بكليته للمصابر أيمن على جواز سفر، وبذلك يكونوا قد اصطادوا عصفورين بحجرٍ واحد، فمن جهة استراحوا من "هم" الراتب الذي يدفع لنا "برغم كونه من الفتات" ويكونوا قد ضمنوا أن أحد معارضيهم قد خسر كليته، ولا ضمانة لأيمن بالشفاء التام إلا من الله عز وجل، راجين منهم التكرم بإفادتنا بقبول الصفقة في أقرب وقت ممكن، قبل أن تستقيم الحياة يوماً أكتشف فيها أن غزة أصبحت بلا أيمن، ساعتها سأكون خصيمهم يوم الدين وسأجعل دم أيمن في أعناقهم جميعاً.
والله يهدي إلى سواء السبيل
_________________
تحياتي:
العقول الكبيرة تبحث عن الأفكار..
والعقول المتفتحة تناقش الأحداث..
والعقول الصغيرة تتطفل على شؤون الناس..
مدونة /http://walisala7.wordpress.com/