غسل العقل
بقلم د.مراد وهبة 25/ 6/ 2011
أريد لهذا المصطلح الوارد فى عنوان هذا المقال أن يشيع كما شاعت مصطلحات أخرى، روجتُ لها على مدى نصف قرن، وهى فى مجملها تشكّل «حزمة» كفيلة بتحليل ونقد كل ما نواجهه من إشكاليات فى هذا الزمان. ومصطلح «غسل العقل» مثل غيره من المصطلحات ليس فى الإمكان فهمه من غير إدخاله فى تلك «الحزمة».
والسؤال إذن:
ماذا يعنى غسل العقل؟
يعنى أن ثمة عقلاً ملوثاً تستلزم إزالته، كما يستلزم «غرس» عقل آخر يخلو من التلوث سلباً ويتسم بالنقاء إيجاباً.
والسؤال بعد ذلك:
ماذا يعنى لفظ «غرس»؟
يعنى تثبيت العقل النقى بحيث لا يعود العقل الملوث إلى ما كان عليه قبل غسله. وإذا كان لفظ «الغرس» ينطوى على التثبيت، فالسؤال إذن: كيف يتم تثبيت العقل المغسول؟
للجواب عن هذا السؤال يلزم أولاً تفكيك عملية الغسل، فالغسل يستلزم آلة للغسل كما يستلزم مادة الغسل وهى العقل، ومن البيّن أن عملية الغسل هذه تدور كلها حول «العقل» وحول ما يفعله «تنظيم القاعدة» بالعقل على سبيل المثال.
والسؤال إذن:
ما «هوية» تنظيم القاعدة؟
هويته من هوية مؤسسيه، وهما اثنان: بن لادن والظواهرى. الأول من إفراز الوهابية والثانى من إفراز جماعة الإخوان المسلمين. ولا فرق بينهما ولا خلاف لأن أصلهما واحد وهو ابن تيمية (مات 1328) أبوالأصولية فى العالم الإسلامى، إذ هو يلتزم التفسير الحرفى للنص الدينى، أى يلتزم إبطال إعمال العقل، ومن ثم يرفض التأويل للنص الدينى لأن التأويل، فى رأيه، يعنى صرف اللفظ عن ظاهره والبحث عن باطنه، وهذا أمر لا لزوم له لأن آيات القرآن كلها واضحة فى معناها وليس فيها باطن. ثم إن التأويل، فى رأيه أيضاً، يعنى تحريف الكلام، وبالتالى يكون مخالفاً لما أجمع عليه سلف الأمة.
وبناء عليه فان المِغسلة (بكسر الميم) المكلفة بغسل العقل هى من إنتاج مصنع أصولى يملكه بن لادن والظواهرى معاً. والمغسلة تقع داخل كهوف أفغانستان حيث يقيمان، أما الجماعات الإسلامية فهى المسؤولة عن توريد الشباب إلى ذلك الموقع المكلف بممارسة غسل عقل هؤلاء.
وإذا كان الغسل يستلزم وجود مادة ملوثة فما نوع هذا التلوث الذى يستهدف عقول هؤلاء الشباب لكى تتم إزالته؟
أظن أن الجواب عند ابن تيمية، وهو أن التلوث يكمن فى إعمال العقل، وإذا انتفى إعمال العقل أصبح العقل مهيأً لكى يصبح أصولياً، وإذا أصبح أصولياً أصبح مفعولاً به وليس فاعلاً، بل لن يكون فاعلاً حتى لو أراد صاحبه، لأن الإرادة، فى هذه الحالة، تكون منزوعة من سلاح النقد، وبالتالى منزوعة من سلاح التغيير.
والسؤال بعد ذلك:
كيف يوظف ذلك العقل المغسول؟
يوظف فى كراهية حضارة الغرب، أو بالأدق فى كراهية النصارى واليهود لأنهما أساس الحضارة، على حد قول «بن لادن» فى إحدى رسائله إلى العالم والمنشورة فى كتاب عنوانه «رسائل بن لادن إلى العالم» (1999)، ومن هنا هو يحرص على عدم مصادقتهم لأن مَنْ يصادقهم ولو بكلمة واحدة فإنه يقع فى الكفر. والنتيجة اللازمة من ذلك أنك إما أن تكون مع الإسلام وإما أن تكون مع الكفر، ولا وسط. وبناء عليه يرى بن لادن أن المعركة الحقيقية هى ضد أعداء الاسلام، وستظل هذه المعركة قائمة إلى يوم القيامة.
والسؤال فى الخاتمة هو على النحو الآتى:
هل من تيار آخر فى العالم الإسلامى قادر على منع توريد الشباب إلى المِغسلة فيمتنع دورانها، وبالتالى يمتنع سلب العقل؟
_________________
تحياتي:
العقول الكبيرة تبحث عن الأفكار..
والعقول المتفتحة تناقش الأحداث..
والعقول الصغيرة تتطفل على شؤون الناس..
مدونة /http://walisala7.wordpress.com/