البنك العربي ..إجراءات تفوق الحد وترهق ذو الجلد
محطة أخرى من محطات المعاناة التي تلاحق أبناء قطاع غزة، وتلبسهم حتى يعيشون تحت ظلالها ، هم الذين يحيطون بالحصار ، إحاطة الليث بفريسته ، الليث همُّ ولكن الفريسة جيفة نتنة ، ولا خلاص منها ، وما يؤسف المواطن في قطاع غزة ، إجراءات البنك العربي – فرع الرمال ، التي أصبحت غير معقولة ولا منطقية ، وتدخل في باب الإذلال والإهانة ، رغم أن مرتدي البدلة الأنيقة وحليقي اللحية والمتعطّرين بأفخر أنواع العطور ، من سلالة المراجعين ، ولم يستوردوا من بلاد ما وراء الشمس والشمواه .
وواحدة من المستفزات التي جعلت للكتابة طعم الصرخة ، لعلها تصل إدارة البنك العربي ، وإرشاد الموظفين الى تهدذيب المعاملة ، وضبط المصطلح وإحترام المراجع ، الإنسان الذي يحمل معاناته كما يحمل رئتيه ، هي ما تعرضت له طالبة دراسات عليا في الخارج الفلسطيني ، والتي تغربت تحصيلا لعلم قد يفيد ، وينبت في أرض تشتاق للحرية .
القصة .. أن الطالبة حصلت على منحة دراسية من جهة دولية لنشاطها في مجال الإعلام ، ولأنها السنة الأولى لها ، طلبت الجهة المانحة ، رقم حساب لتساندها ماليا وتدبّر شئونها ، وكان من البديهي أن تتوجه الطالبة إلى البنك الذي فتحت فيه حسابا لها منذ سنوات ، وتتأكد إن كان حسابها نشطاً ام أن اجراءات لا بد منها لتقوم بها من أجل تنشيطه .
فأتصلت بالبنك العربي – فرع الرمال لكي تتأكد من حياة حسابها او موته ودفنه ، دون أن تبلغّ بموعد الجنازة والعزاء ، ولكن موظف البنك ، كان فظاً منذ اللحظة الأولى ، ولم يتفهم الطلب ، ورمى بوجه المتصلة طرق الحصول على معلومة كهذه بكل تسرع وعجلة ، واما الإجراءات يا ابن الوجع يا ابن غزة فهي أن تذهب الطالبة الى البنك العربي بالبلد الذي تقيم فيه حالياً ،قد تكون تذكرة السفر الى البنك أكثر من المنحة ذاتها في شهر كامل!!! وهناك تقدم طلباً رسمياً ، والبنك بدوره يرسله الى فرع الرمال ، ومن ثم تعيد الاتصال بعد تقديم الطلب بإسبوع لكي تحصل على المعلومة ' العظيمة'، وهي أذا ما حسابها نشط او تم تجميده !!!.
الطالبة التي تعاني من وجع بالضرس منذ عشرين يوماً وتنتظر منحتها لكي تؤمّن تكلفة العلاج ،وتزور الطبيب ، هي ذات الطالبة التي تؤجل شراء أساسيات وضروريات وجودها بغرفة باردة مشتركة ، وهي ذاتها التي تتناول وجبة واحدة بكانتين الجامعة ، وهي ذاتها التي تستعير منسوخات الدراسة لتكمل مشوارها الصعب.
ولكن هذا الموظف البنكي الأنيق ، بإغلاقه سماعة الهاتف ، أمدَّ معاناة الطالبة شهراً كاملاً ، لو قدر الله له أن يعيشه لكتب عن معاناته وقسوتها بدموع الروح وليس بمداد وحبر!!!.
وهذه القصة شاهد من شواهد على سوء الإدارة في البنك العربي – فرع الرمال ، وهو الفرع الوحيد الذي يعمل بقطاع غزة ، بعد إغلاق جميع الفروع بالقطاع ، منذ سنة تقريباً ، مما تسبب بتكديس المراجعين في الشوارع المحطية بالبنك ، وتخمت قاعاته ، وانسدت الممرات ، وانتشر ثاني أوكسيد الكربون ، جراء التنفس ، وتلاشي الاوكسجين ، وأقرب ما يكون عليه الحال أن يد الاختناق سيطرت على الجميع .
هذا ويتطلع عملاء البنك العربي – فرع الرمال ، إلى استبدال المعاملة السيئة بأخرى حسنة ، واتباع المرونة بالمعاملات بدل ربطات العنق ، والأوكسجين النقي بدلاً من أظافر الاختناق ، وقبل كل شيء إحترام الإنسان من قبل الموظف المتعطّر، حسب تعاليم الدين الحنيف وتقاليد واعراف شعبنا العريق !!!.
ولكي نزيد القصيدة بيتاً ،تقول الطالبة لــ (أمد) أنها حاولت إعادة الاتصال بالموظف ولكنه لم يرد .. لتقول :' النداء الذي لا ُيسمع صاحبه ، كالوطن الذي يكفنّه أهله'.
_________________
تحياتي:
العقول الكبيرة تبحث عن الأفكار..
والعقول المتفتحة تناقش الأحداث..
والعقول الصغيرة تتطفل على شؤون الناس..
مدونة /http://walisala7.wordpress.com/