دراسة تكشف براءة شبان فلسطينيين من قتل صبي اسرائيلي بعد 26 عاما من الاعتقال
أكدت دراسة خاصة وعلميّة ومعمقّة أعدّها البروفسور الإسرائيلي، يشعياهو لنفينتسيئيل، من الجامعة العبريّة في القدس، بشكلٍ قطاعٍ وحازم لا لبس فيه أنّ الشباب العرب الخمسة، الذين أدانتهم المحكمة الإسرائيليّة بقتل الصبيّ الإسرائيليّ داني كاتس، (14 عاما) من مدينة حيفا في العام 1983 هم أبرياء، ولم يُقدموا على عملية القتل البشعة والقذرة، مضافا إلى ذلك، فإنّ معد الدراسة، التي تُنشر هنا لأول مرّة وبشكل حصريّ، بناء على طلب خاصٍ من أحد المتهمين، علي غنايم، يقول ويفصل ويجزم في نتائج البحث الذي أعدّه إنّ منفذ عملية القتل ما زال حرا وطليقا، في حين أنّ الشبان العرب يقبعون في غياهب السجون الإسرائيليّة منذ 26 عاماً ونيّف، مشدداً على أنّه بعد الاطلاع على الملف بكامله توصل إلى نتيجة حتميّة مفادها أنّ الشبان العرب أبرياء، وأنّ الشرطة التي حققت في عملية القتل أعفت نفسها بتوريط هؤلاء الشبان، من مهمة البحث عن القاتل الحقيقيّ، على حد تعبيره.
ويتبيّن من الاطلاع على الدراسة، التي اعتمدت على جميع الوثائق المتعلقة بالقضيّة المذكورة، أنّ المحاكم الإسرائيليّة التي نظرت في القضيّة، رفضت الدلائل والقرائن التي قُدّمت من قبل الدفاع، واعتمدت بشكل مثيرٍ للقلق على اعترافات المتهمين في الشرطة بتنفيذ عملية القتل، مع أنّهم ادعوا في أولى جلسات المحكمة التي بدأت في مركزية حيفا، أنّ محققي الشرطة انتزعوا منهم الاعترافات تحت التنكيل والتعذيب الوحشيّ، كما أنّ الدراسة تُبرز التناقضات الغريبة والعجيبة في 'اعترافات' المتهمين، وكيف أنّهم تلقوا التعليمات من المحققين عندما أعادوا تمثل الجريمة، وكيف أنّهم لم يكشفوا عن تفاصيل في اعترافاتهم تضيف الدلائل للنيابة، ويشدد البروفسور الإسرائيليّ على أنّ المحاكم اعتمدت على اعترافات المتهمين فقط لإدانتهم، ولم تعط وزناً لحاجة النيابة إلى دليل إضافي مساعد لإثبات التهمة، مشيراً إلى أنّ الحقيقة المرّة تتمثل في أنّ الشبان العرب يقبعون في غياهب السجون الإسرائيليّة منذ العام 1948، على الرغم من أنّهم أبرياء، ويقول بصراحة متناهية: قاتل الطفل داني كاتس ما زال يصول ويجول حراً وطليقاً.
علاوة على ذلك، يكشف البروفسور عن أنّ جهاز الأمن العام (الشاباك) الذي بحث في القضيّة، بناءً على طلب من الشرطة أكد في تقريرٍ رفعه إلى المحققين على أنّ الشبان العرب لا ينتمون إلى أيّ تنظيم إرهابي فلسطينيّ، وأنهم لم يقدموا على تنفيذ جريمة قتل الفتى كاتس.
يشار إلى أنّ داني كاتس من حيفا قد اختفى بعد مغادرته لمنزله في (حي دينيا) في المدينة، في 8121983، وبعد ثلاثة أيام عثر على جثته في منطقة مهجورة على مقربة من سخنين، وعثرت الشرطة في مجمع للنفايات على مقربة من مكان الجثة على مغلف يحمل اسم سمير غنامة من سخنين، فاعتقلته للاشتباه بعلاقته بقتل الفتى، وقد نفى أية علاقة له بالحادث، إلا أن الشرطة واصلت التحقيق معه، إلى أن اعترف وتم بالتالي اعتقال أربعة آخرين وهم:احمد قزلي وعاطف صبيحي من عسفيا، وفتحي غنامة، وعلي غنايم، من سخنين وقد ادعى الخمسة طوال الوقت أنهم اعترفوا تحت طائلة التعذيب، لكن المحكمة المركزية في حيفا، ومن ثم المحكمة العليا، رفضتا ادعاءات المعتقلين وإدانتهم بقتل الفتى.
ورفضت المحكمة إجراء محاكمة ثانية للخمسة، وتوجه محاميهم افيغدور فلدمان، إلى وزير القضاء، في حينه دافيد ليبائي، ووضعه في صورة التناقضات الكامنة في ملف التحقيق. وقام ليبائي بتعيين المحامية يهوديت كارب، التي شغلت منصب نائب المستشار القضائي، لفحص القضية. وتوصلت إلى أن الشاباك أجرى تحقيقاً مع الشبان، بعد تحقيق الشرطة، وهي حقيقة لم يتم اطلاع المحكمة عليها. وتبين من التسجيلات التي أجراها الشاباك خلال التحقيق مع الشبان، جاء في الدراسة الجديدة، وتسجيلات التنصت عليهم، وجود شكوك حول مسؤوليتهم عن قتل الفتى، وأنه مورس العنف ضدهم لانتزاع اعتراف منهم.
وكشفت كارب في حينه عن نتائج تحقيق على جهاز البوليغراف (لكشف الكذب) تبين منه أنّ ثلاثة من المعتقلين يقولون الصدق بشأن عدم علاقتهم بجريمة قتل الفتى. لكن تقرير كارب الذي جعل رئيس المحكمة العليا، اهارون براك، يقرر إجراء محاكمة ثانية للمعتقلين لم يساعدهم في نهاية الأمر.
ففي تشرين الثاني (نوفمبر) من العام 2000 قرر قضاة المحكمة المركزية في تل أبيب إدانتهم من جديد بعد أن سبق إطلاق سراحهم لفترة وجيزة. وفي التماس ثان أصدرت المحكمة العليا في 3/3/2005 حكمها بإدانة المتهمين الخمسة في قضية قتل كاتس. وكان رئيس الدولة، شمعون بيريس، قد قرر في آب (أغسطس) 2007 قبول توصيات وزارة القضاء وتحديد مدة الحكم المؤبد للمتهمين إلى فترة تراوح بين 25-35 عاما.
وكشفت الدراسة التي نشرتها صحيفة القدس العربي اللندنية النقاب عن أنّ المتهمين قالوا في بداية محاكمتهم بأنّ الاعترافات أُخذت منهم بالقوة، وأحضروا أربعة شهود لتأكيد الأمر، من بينهم الطبيب الذي يعمل مع الشرطة للإدلاء بشهاداتهم، ولكنّ المحكمة رفضت هذه الشهادات من منطلقات تقنيّة، ولو أنّها وافقت على الشهادات، يقول البروفسور الإسرائيلي، لكان الشبان العرب حصلوا على البراءة فوراً.
ولفتت الدراسة إلى أنّه بعد 27 عاماً من القضية عادت المحكمة وأدانتهم بالقتل، الأمر الذي أغلق الأبواب أمامهم، مشيرةً باستغراب أنّه من غير المعقول إدانة شخص بجريمة قتل استناداً على اعترافه خلال التحقيق معه في الشرطة، ولم يتبق لهم سوى الحصول على عفوٍ من رئيس الدولة، على حد تعبيرها. وقال المتهم علي غنايم للقدس العربي في مكالمة هاتفيّة إنّه بريء من التهمة، وقلت لعائلته إننّي عربيّ مسلم مؤمن والقتل محرّم حسب ديننا الحنيف وناشد القيادات العربيّة في الداخل الفلسطينيّ بإثارة قضيته أمام المحافل في الداخل والخارج.
_________________
تحياتي:
العقول الكبيرة تبحث عن الأفكار..
والعقول المتفتحة تناقش الأحداث..
والعقول الصغيرة تتطفل على شؤون الناس..
مدونة /http://walisala7.wordpress.com/