هل ما ذكر في مقالي المنشور على مجلة روافد تنموية
في خريف 2009 كان نبوءة لما سيحدث يوم 15/مارس
أم ان ذلك استجابة لما ذكر
وهل فعلا هؤلاء الشباب المنتفض أوالجمر الكامن تحت الرماد واضح الاهداف والمعالم وامام خطوات استراتيجية تتجه به نحو المشاركة السياسية والمجتمعي؟؟؟؟
كل ذلك ستكشف عنه الأيام؟؟؟
لا يحك جلدك مثل ظفرك
بقلم/أ.
صلاح الوالي
الشباب
هم عماد البلاد ، ومجد حاضرها ، وروح نهضتها ، وأملها في مستقبل أفضل ، وهم نور
الأمل الذي يسري في عتمة الجهل ، فإن صلحوا صلح المجتمع وازدهر ، وإن فسدوا فسد
المجتمع وساده التخلف .
ويشكل
الشباب الفئة العمرية الأكبر داخل المجتمعات العربية وعلى عاتقهم مسؤولية النهوض
والارتقاء ورفعة الأوطان ، وفي مجتمعنا الفلسطيني ، تمثل الفئة العمرية من 15إلى 25
ما نسبته 36,5% من المجموع العام للسكان في فلسطين ، وأن 75% من مجموع سكان الضفة
وقطاع غزة هم دون الثلاثين من العمر ، دون
أن يكون لهم الأثر الواضح في المشاركة المجتمعية أو الحراك السياسي ، في حين هم
حطباً لنار الواقع المرير المجحف بحقهم ، وريشة في مهب رياح التيارات السياسية ،
ووقوداً لصراعاتهم الحزبية.
إن الشباب الفلسطيني يعيشون
أوضاعًا مأساوية وضعتهم في حالة من الضياع لا يحسدون عليها ، حيث الإحساس بالتهميش
في الهموم المتعلقة بالقضايا السياسية والاجتماعية ، بالإضافة إلى الخوف من
ممارسات السلطة الأبوية التعسفية التي تبدأ من الأسرة وتنتهي بنظام الحكم ، مرورا
بالمدرسة والشارع والحزب السياسي .
فعلى صعيد الأسرة يمر الشباب بحالة من الإحباط
واليأس ، لما يمارس عليهم من قيود العادات والتقاليد البالية ، وبخاصة فيما يتعلق
بالدور الاجتماعي للفتاة ، وفي الأسرة أيضاً يعيشون مرحلة الصراع بين الآباء
والأبناء ، لصعوبة مناقشة مشاكلهم مع أبائهم تحديدا في سن المراهقة ، وبسبب
التباعد الثقافي بين ما يمثل القديم وما يمثل الحديث.
ومن الممارسات
التعسفية أيضاً ، سياسة الضرب في المدارس التي زرعت العنف في نفوس الأطفال ، ليكبر
معهم و يتعزز عبر التعبئة الفكرية داخل أحزابهم السياسية و القائمة أساسا على مبدأ
نحن الصواب وغيرنا على خطأ (سياسة نفي الأخر) هذه السياسة تنتج باستمرار للمجتمع
الفلسطيني شبابا متطرفين متعصبين لا يعرفون إلا لغة القوة للوصول إلى مرادهم
،لاسيما في طريقهم للسلطة ، فبالطبع يمارسون العنف للوصول إليها ، وهناك يعيدون
ممارسة ما تربوا عليه من تنشئة خاطئة قائمة على الإقصاء ، وقمع الحريات ، وبناء
السجون ، وفرض الضرائب التي لا ترتقي لحجم الخدمات ، وصناعة القوالب الفكرية الجامدة
من خلال عدة عوامل أهمها التعليم ووسائل الإعلام الكاذب.
ومن
أسباب هذه الحالة السوداوية القاتمة ، غياب الخطط والبرامج والاستراتيجيات التي
تعمل على تمكين الشباب ، وكذلك اختفاء روح العمل التطوعي من تفكيرهم ، وعدم توفر
القدرات المادية التي أصبحت سدا منيعا أمامهم ، وهاجسا خاصا بطلبة الجامعات ، ويضاف
إلى ذلك كله مشكلات البطالة والفقر والحصار والانقسام .
وعن هذا
الواقع المرير تغيب روح المشاركة التنموية البناءة ، حيث أضحى الشباب الفلسطيني يتحينون
الفرص كي يطلقوا أجنحتهم من قيود القفص الكبير ، أو التسليم بالأمر الواقع والتعايش
معه بوسائل المشاركة السياسية الغير مشروعة ، من خلال الانتماء لأحد الأحزاب
الحاكمة سواء هنا في غزة أو في الضفة لكي يحصلوا على وظائف توفر لهم متطلباتهم
الأساسية وبذلك ينضموا إلى قافلة المنتفعين التي تسير دائما عكس طريق التنمية. وفي
المقابل هناك شبابا لم يأخذوا فرصتهم الانتفاعية الانتهازية ، فيلجئون إلى
الانتماء لأحزاب تحمل شعارات براقة مثل الإسلام والمقاومة و التحرير الكامل للتراب
المقدس ، فيعطيه هذا الانتماء البراق الحق في الشتم واللعن والحقد على من يمتلك
موارد القوت ، و يعطيه أيضا الحق في انتزاع ما يريده بالقوة ، فمن أطلق بالأمس
حجرا على المحتل الاسرائيلي ، أصبح اليوم يحمل بندقية في وجه أخيه الفلسطيني لكي يقاسمه
لقمة عيشه.
في
مواجهة هذه الصورة السوداوية المشوهة ، نقف أمام مسألة جدلية ، تجعلنا في حيرة من أمرنا
من أين نبدأ الحل ؟ هل نبدأ من رأس الهرم أم قاعدته ؟ من الشباب أم من الأسرة ، هل
نبدأ بالاشتغال على الأجنة ، ومع مراحل عمرها نراكم الانجازات وصولا إلى خلق جيل
شبابي واع ومثقف قادراً على حل مشاكله والخروج من مأزقه أم نقوم بمحاولة لرفع
الصوت عاليا في وجه أصحاب القرار علهم يراجعوا أنفسهم ويبحثوا في برامجهم
الانتخابية عن بنود حقوق الشباب وتمكين الشباب وخلق فرص العمل للشباب ...
وسواء
من رأس الهرم أم من قاعدته نبدأ ، المهم أن نبدأ قبل فوات الأوان ، أن نبدأ متأخرين
خيرا من أن لا نبدأ ، وليبادر الشباب الفلسطيني بالتحرك وليأخذوا الدور الطليعي في
محاولات الخروج من ذلك كله ، فالشباب هم من يمتلكون الإرادة والطاقة والعقل وهم
ضحايا هذا الليل الطويل .
ولذلك
كان لزاماً على من يمتلك الإرادة ، والطاقة ، والعقل ، أن يتحرك لحل مشكلته بيده
وينتزع حقه ، ويأخذ دوره في المشاركة وصناعة القرار ، ولا ينتظر هبة يمنون بها
عليه من هنا أو هناك ، فلا يحك جلدكم إلا ظفركم .
_________________
تحياتي:
العقول الكبيرة تبحث عن الأفكار..
والعقول المتفتحة تناقش الأحداث..
والعقول الصغيرة تتطفل على شؤون الناس..
مدونة /http://walisala7.wordpress.com/