أهلا وسهلا بك

في بيت شباب فلسطين الثقافي

نتائج توجيهي يوم الاحد...أسرة' بيت شباب فلسطين الثقافي تتمني لكافة الطلاب النجاح والتوفيق

البيت بيتك وفلسطين بيتك

وبشرفنا تسجيلك
أهلا وسهلا بك

في بيت شباب فلسطين الثقافي

نتائج توجيهي يوم الاحد...أسرة' بيت شباب فلسطين الثقافي تتمني لكافة الطلاب النجاح والتوفيق

البيت بيتك وفلسطين بيتك

وبشرفنا تسجيلك
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
بيت شباب فلسطين الثقافي ...يرحب بكم ...اهلا وسهلا
مكتبة الصور
الكلام والسكوت Empty
المواضيع الأخيرة
» قراءة في كتاب رؤية الله تعالى يوم القيامة
الكلام والسكوت Icon_minitimeاليوم في 12:24 من طرف رضا البطاوى

» نظرات فى مقال فسيولوجية السمو الروحي
الكلام والسكوت Icon_minitimeأمس في 12:06 من طرف رضا البطاوى

» قراءة فى توهم فريجولي .. الواحد يساوي الجميع
الكلام والسكوت Icon_minitimeالأربعاء 17 أبريل - 11:55 من طرف رضا البطاوى

» نظرات في مقال ثقافة العين عين الثقافة تحويل العقل إلى ريسيفر
الكلام والسكوت Icon_minitimeالثلاثاء 16 أبريل - 11:55 من طرف رضا البطاوى

» نظرات بمقال هل تعلم أن مكالمات الفيديو(السكايب) كانت موجودة قبل 140 عام
الكلام والسكوت Icon_minitimeالإثنين 15 أبريل - 12:38 من طرف رضا البطاوى

» قراءة فى بحث مطر حسب الطلب
الكلام والسكوت Icon_minitimeالأحد 14 أبريل - 13:01 من طرف رضا البطاوى

» نظرات فى مثال متلازمة ستوكهولم حينما تعشق الضحية جلادها
الكلام والسكوت Icon_minitimeالسبت 13 أبريل - 12:58 من طرف رضا البطاوى

» قراءة فى مقال مستعمرات في الفضاء
الكلام والسكوت Icon_minitimeالجمعة 12 أبريل - 12:12 من طرف رضا البطاوى

» قراءة فى مقال كيفية رؤية المخلوقات للعالم من حولها؟
الكلام والسكوت Icon_minitimeالخميس 11 أبريل - 13:27 من طرف رضا البطاوى

تابعونا غلى تويتر
بحـث
 
 

نتائج البحث
 
Rechercher بحث متقدم
سحابة الكلمات الدلالية
التوبة كتاب شهداء لبيد غافر الحكمة ملخص اخترع الأولى الحرب اقوال تفسير والغباء الانتفاضة سورة
أفضل 10 أعضاء في هذا المنتدى
sala7
الكلام والسكوت Vote_rcapالكلام والسكوت Voting_barالكلام والسكوت Vote_lcap 
رضا البطاوى
الكلام والسكوت Vote_rcapالكلام والسكوت Voting_barالكلام والسكوت Vote_lcap 
خرج ولم يعد
الكلام والسكوت Vote_rcapالكلام والسكوت Voting_barالكلام والسكوت Vote_lcap 
rose
الكلام والسكوت Vote_rcapالكلام والسكوت Voting_barالكلام والسكوت Vote_lcap 
أحلى عيون
الكلام والسكوت Vote_rcapالكلام والسكوت Voting_barالكلام والسكوت Vote_lcap 
البرنسيسة
الكلام والسكوت Vote_rcapالكلام والسكوت Voting_barالكلام والسكوت Vote_lcap 
Nousa
الكلام والسكوت Vote_rcapالكلام والسكوت Voting_barالكلام والسكوت Vote_lcap 
اميـــ في زمن غدارـــرة
الكلام والسكوت Vote_rcapالكلام والسكوت Voting_barالكلام والسكوت Vote_lcap 
ملكة الاحساس
الكلام والسكوت Vote_rcapالكلام والسكوت Voting_barالكلام والسكوت Vote_lcap 
لحن المطر
الكلام والسكوت Vote_rcapالكلام والسكوت Voting_barالكلام والسكوت Vote_lcap 
عدد الزوار

.: عدد زوار المنتدى :.


 

 الكلام والسكوت

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
sala7
المدير
المدير
sala7


ذكر
الحمل
عدد الرسائل : 13062
العمل/الترفيه : معلم لغة عربية ، كتابة وقراءة
نقاط : 32762
الشهرة : 6
تاريخ التسجيل : 07/05/2008

بطاقة الشخصية
ألبوم الصور:
الكلام والسكوت Left_bar_bleue0/0الكلام والسكوت Empty_bar_bleue  (0/0)

الكلام والسكوت Empty
مُساهمةموضوع: الكلام والسكوت   الكلام والسكوت Icon_minitimeالأحد 26 ديسمبر - 14:01






بسم الله الرحمن الرحيم



الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين ، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا ، إنك أنت العليم الحكيم ، اللهم علمنا ما ينفعنا ، وانفعنا بما علمتنا ، وزدنا علماً ، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه ، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه ، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين .
أيها الأخوة الكرام مع الدرس الرابع والعشرين من دروس تربية الأولاد في الإسلام ، ونحن مع أدب الحديث .


البلاغة مراعاة الكلام لمقتضى الحال :




أنّ المتحدّث ينبغي أن يختار اللغة العربيّة الفصحى أو البسيطة ليست المقعّرة ، وأن يتمهّل بالكلام كما فعـل النبيّ عليه الصلاة والسلام ، وأن يبتعد عن التقعُّر والتكلُّف ، ويخاطب الناس علـى قدر عقولهم ، وقد قالوا في البلاغة : إنّها مراعاة الكلام لمقتضى الحال ، فالذي يأتي كلامه مطابقاً لمقتضى الحال فهو البليغ القول البليغ الذي يطابق مقتضى الحال ، فقد تعلّمنا في درس البلاغة في الجامعة أنّه لو كلّفت طفلاً صغيراً أن يضع رسالة في البريد البلاغة تقتضي أن تقول له : أمسك هذه الرسالة واشترِ الطابع وضع عليه شيئاً من لعابك وضعه على الرسالة واضغطه جيداً وضعه في الصندوق الأحمر من الفتحـة اليمينيّة ، تعطيه تفاصيل كثيرة ، هذه التفاصيل هي عين البلاغة ، أما إذا أعطيت هذه الرسالة لصديقٍ لك بالغٍ عاقلٍ راشد ، تقول له : هذه من فضلك ضعها في البريد هذه هي البلاغة .
البلاغة مراعاة الكلام لمقتضى الحال ، فأحياناً يقتضي الحال أن تفصِّل ، أحياناً يقتضي الحال أن توجز ، أحياناً يقتضي الحال أن تؤكّد ، أحياناً يقتضي الحال أن تضرب المثل ، أن تأتي بالقصّة ، أن تأتي بالدليل ، أن تأتي بالشاهد ، لو أنّك خاطبت إنساناً غير مسلمٍ تقول له : قال تعالى في كتابه العزيز ؟ فهو غير مؤمنٍ بالقرآن ، يجب أن تأتيه بالدليل العقلي فقط ، إذا خاطبت مسلماً تأتيه بالدليل النقلي ، إذا خاطبت إنساناً لم تر عنده هذا العمق في الفهم تعطيه قصّة بسيطة لها مدلول عميق جداً ، فمراعاة الكلام لمقتضى الحال هي البلاغة بعينها .


من آداب الحديث التحدُّث بما لا يخل ولا يمل :




الشيء الآخر في آداب الحديث التحدُّث بما لا يخل ولا يمل ، دائماً البلاغة بين الإيجاز المُخِل ، والإطناب الممل ، الكلام يسمّى حشواً يفهمه السامع من دون أن تقوله ومثالاً على ذلك فقد قال تعالى :



توجد فجوة كبيرة جداً في القصّة وتفاصيل وجزئيّات فقول أحد رجال الحاشية :



التفاصيل : فأرسلوه فخرج من القصر وتوجّه إلى السجن وتقابل مع مدير السجن وقال له : عندك سجين اسمه يوسف يعلم تأويل الأحلام ، وقد أرسلني الملك لألتقي به




البلاغة بين الإيجاز المخل والإطناب الممل :




الكلام الذي يفهم من دون أن يذكر الأولى ألا يذكر هذا قول البلاغيين : البلاغة في الإيجاز ، لذلك ورد عن سيّدنا الصديق : أن نضّر الله وجهه من أوجز في كلامه واقتصر على حاجته .
إذا كان كلامك موجزاً ، بين الإطناب الممل ، والإيجاز المخل بوضع دقيق جداً ، دائماً التطرُّف سهل ، الحديث الطويل المليء بالتفاصيل والجزئيّات والتحليلات السخيفة والتفاصيل المملّة هذا سهل على الإنسان .
يروى أنّهم سألوا رئيس جمهورية : كم يستغرق إعداد خطاب تلقيه في عشر دقائق ؟ قال: أُعدّه في عشر ساعات ، عشر ساعات إعداد لخطاب يلقى في عشر دقائق ، كل حرف منه يعني شيئاً ، وكل كلمة منه تعني شيئاً ، فقيل له كم تعدّ خطاباً تلقيه في ساعة ؟ قال : ساعة ، فقيل له : كم تعدّ خطاباً تلقيه في خمس ساعات ؟ قال : لا أُعدُّ له إطلاقاً .
كلّما صار الوقت ضيّقاً تحتاج إلى دقّة في التعبير ، لذلك البلاغة في الإيجاز ، أما الإيجاز المخل ليس بلاغةً ، والإطناب الممل ليس بلاغةً ، فتريد كلاماً لا يملّه السامع من كثرة التفاصيل والجزئيّات ، ولا يستعصي على فهم السامع لكثرة الإيجاز ، البلاغة بين الإيجاز المخل ، والإطناب الممل .
(( شهدتُّ مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم الجمعة فقام متوكِئاً على عصا أو قوس ، فحمد الله وأثنى عليه فكانت كلماتٍ خفيفاتٍ طيّباتٍ مباركات )).

[ أحمد وأبو داود عن حكيم بن حزام رضي الله عنه ]

إذا اهتمّ الإنسان بشيء تكفيه كلمات قليلة ، أمّا إذا أعرض عن الشيء لو ألقيت عليه آلاف المحاضرات ، فالإنسان الصادق تكفيه كلمات قليلة .


الكلام المنظّم والمركّز مع الأدلّة يخاطب العقل والقلب معاً :





تصوّروا عندما سأل أعرابي سيّدنا رسول الله فقال له : عظني ولا تُطِل . فقال له : فمن يعمل مثقال ذرّة خيراً يره . فقال له: كُفيت . فقال النبيّ : فقه الرجل .
نحن نقرأ القرآن وعدد صفحاته ستمئة ، وآيةٌ واحدة كانت كافية لهذا الأعرابي ، وتوجد آلاف الآيات من هذا القبيل فالبلاغة بين الإطناب الممل والإيجاز المخل .
(( كنت أصلّي مع النبيّ صلّى الله عليه وسلّم فكانت صلاته قصداً ، وخطبته قصداً أي وسطاً )).
[ مسلمٍ عن جابر بن سمرة رضي الله عنه ]


ليس فيها إطالة ولا إيجاز ، كلام معتدل يفهمه السامع ويحفظه ، كلام منظّم ومركّز مع الأدلّة يخاطب العقل والقلب معاً ، مثل هذا الكلام له أثر طيّب .


الكلمة إذا كثر استعمالها فقدت مدلولها :




فـي الصحيحين كان ابـن مسعودٍ يذكّرنا فـي كلّ خميس فقـال لـه رجل : يا أبا عبد الرحمـن لوددت أنّك ذكّرتنا كلّ يوم ، فقال : أما إنّه يمنعني من ذلك أنّي أكره أن أملّكم ، وإنّي أتخوّلكم ـ أتعهّدكم ـ بالموعظة كما كان عليه الصلاة والسلام يتخوّلنا مخافة السآمة علينا .
يعني أنّ الإنسان يجب أن يتكلّم والنفوس مشتاقة إلى كلامه ، وينبغي أن يسكت والنفوس مشتاقة إلى كلامه ، هذا كما يقولون في الطعام : اجلس إلى الطعام وأنت تشتهيه ، وابتعد عنه وأنت تشتهيه .
إذا تكلّمت تكلّم والناس مشغوفون بسماع كلامك ، وتوقّف عن الكلام وهم مشغوفون لمتابعة كلامك ، وعكس ذلك مخيف فإذا تمنّوا أن تسكت وأنت تتكلّم هذه مشكلة في الحديث ، وهنا نكون قد خرجنا عن البلاغة وعن آداب الحديث .
النبيّ على عظمته وعلى علوّ شأنه وعلى فصاحته وعلى حكمته وعلى نورانيّته كان : يتخوّلنا بالموعظة . فالمواعظ إذا كثرت أعطت عكس المفعول ، المواعظ كالملح في الطعام إذا زاد عن حدّه انقلب إلى ضدّه ، فإذا ربّى الإنسان أولاده فأكثر من التوجيهات والمواعظ ليلاً نهاراً وصباحاً مساءً فهذا الكلام لا معنى له ، عندنا قاعدة في البلاغة : الكلمة إذا كثر استعمالها فقدت مدلولها .
أصبح لا معنى لها ، فالمواعظ يجب أن تكون معتدلة من حين لآخر ، أما إذا أكثرت منها على الصغار أو على أبنائك أو على طلاّبك تفقد هذه الكلمات معناها.
يقول الإمام عليٌ كرّم الله وجهه : " إنّ القلوب تملُّ كما تملُّ الأبدان ، فابتغوا لها طرائف الحكمة ."
أي إذا جلس الإنسان مـع أولاده ، طلابه وتكلّم كلاماً جادّاً ولمدّة ساعتين فهذا شيء ممل ، يجب أن تمر بطرفة لطيفة ، أو تسأل سؤالاً ، أو تبتسم ابتسامة ، أو تداعب أحد أولادك ، أو تلقي بطرفة جميلة ، إذا المجلس لم يكن فيه ذلك يصبح مملاً ، فالنبي كان يمزح وكان لا يقول إلا حقاً ، فالمجلس يجب أن يكون فيه روحانيّة ، فيه طرفة ، أحياناً الفكاهة تؤدّي دوراً لا يعلمه إلا الله ، فيكون المجلس فيه من السآمة ، فيه الملل ، فيه الضجر ، فتأتي الفكاهة اللطيفة الأديبة تشجع وتنشّط الجسم وتزيد من الانتباه .


من آداب الحديث الإصغاء التام إلى المتحدّث :




قد يكون الإنسان من أعظم العظماء ومرحاً ، فالمرح أساساً من صفات العظماء ، فإذا كان لديك طرفةٌ لطيفة ، تعليقٌ لطيفٌ ، لأنّ الدرس إذا كان مليئاً بالكهنوت ودائم الصرامة وكنت عبوساً قمطريراً ، فتجد كلّ الموجودين يتثاءبون ، ويملون ، ويقولون في أنفسهم : ما كان أبانا ينتهي إلى الآن من كلامه ، والله كل ذلك نعرفه فكفى ، هذه كلّها مشاعر داخليّة .
أما إذا كان هناك تعليق وحوار وسؤال ، أو قصّة أو مثل ، أو طرفة أو فكاهة ، فهذا مما يجذب النفوس ، لذلك فالحديث فن ويعدونه قدرة من قدرات الإنسان الخاصّة ، ويسمّونه متحدّثاً لبقاً ، أي عنده القدرة أن يجذب النفوس بحديثه ، فالحديث الذي يجذب له صفات سآتي عليها بعد حين .
الآن من آداب الحديث الإصغاء التام إلى المتحدّث ، أي تعلَّم حسن الإصغاء كما تتعلّم حسن الكلام ، من أعلى أنواع الأدب الإصغاء ، وتراه يصغي للحديث بسمعه وبقلبه ، مثلاً إنسان تكلّمه وهو يمسك بمسبحته أنت هنا وهو ينظر من النافذة ويقول لك : أكمل الحديث ، ماذا أكمل فأين أنت ؟!! أو يقوم بعمل ما ، أو يكتب ، أو يقرأ ، ويقول لك : تكلّم فأنا أسمعك جيّداً ، لا تقرأ ولا تكتب ولا تتشاغل ولا تمسك بالمسبحة ولا تنظر من النافذة ، فإذا كلّمك أحد فانظر إليه وأصغ له فهذا من الأدب .
الإصغاء من الآداب الراقية فكان عليه الصلاة والسلام يصغي لمحدّثه ، فبالطبع عندما يستمع الإنسان من رسول الله سيصغي له طبعاً ، أما النبي يستمع لإنسان عادي ويصغي له !! هذا أدب عالٍ .
أحياناً تجد شخصاً يظنّ أنّه يفهم وهو يخطئ في كل ما يقول ، لكن الأدب يقتضي أن تستمع إليه إلى أن ينتهي ، فتقول له : يا أخي الكريم هذه الفكرة صوابها كذا ، هذه الفكرة تحتاج إلى دليل ، هذه الفكرة تتناقض مع هذه الآية ، بأدب ، لكن أصغ له ، فإن أصغيت له ملكت قلبه ، لذلك من آداب الحديث الإصغاء .
كان الصحابة رضي الله عنهم حينما يحدّثهم النبيّ صلّى الله عليه وسلّم بحديثٍ كأنّ على رؤوسهم الطير ، من شدّة الأدب ، من فرط المهابة ، من شدّة الاهتمام ، وفي مقابل هذا كان النبيّ صلّى الله عليه وسلّم يصغي كلّ الإصغاء إلى من يحدّثه أو يسأله ، بل يقبل عليه بكلّيته ويلاطفه .


السؤال مفتاح العلم ونصف العلم أن تسأل :




روى أبو داود عن أنسٍ رضي الله عنه قال :
(( ما رأيت رجلاً التقم أذن رسول الله صلى الله عليه وسلم فينحي رأسه حتى يكون هو الذي ينحي رأسه .))

[أبو داود وابن عساكر عن أنس رضي الله عنه]

إذا اقترب أحد من النبيّ ووضع فمه في أُذنه وهمس له سراً فالنبي لا ينحّي نفسه عنه أبداً من شدّة الأدب ، حتى يكون الرجل هو الذي ينحّي رأسه .
مشى عديُّ بن حاتم ذات مرّة مع النبي في الطريق فاستوقفته امرأةٌ فوقف معها النبيّ يكلّمها في حاجتها ، فقال : والله ما هذا بملك هذا نبيّ .
هذا التواضع الشديد ، والإصغاء التام من آداب الحديث .
أيّها الأخوة الكرام يوجد بعض أمراض تصيب الأطفال في الكلام كالتأتأة ، والثأثأة ، والحبس ، فإذا أراد أن يتكلّم فلا يستطيع ، هذه الأمراض أسبابها نفسيّة ، أسبابها ضعف الثقة ، وأسباب ضعف ثقة الطفل الصغير بنفسه عدم اهتمام والديه به حينما يتكلّم ، إذا لم يصغوا له وقالوا له : اسكت إنّك لا تفهم واخرج من هنا ، هذا التصرف ليس من أخلاق المؤمنين ، فهذا ابنك يتكلّم فاستمع له ، إذا أنت أسكتّه ولم تبال بكلامه ، وقمعته على الدوام ، تضعف ثقته بنفسه ، فإذا أراد أن يتكلّم يتهته ، فالثأثأة والفأفأة والتأتأة وانحباس الكلام ، هذه من أمراض الكلام قد درسناها في الجامعة ، توجد مجموعة أمراض كل أسبابها نفسيّة ، فالطفل ليس به أي عيب خلقي ، جهازه النطقي تام وكامل مئة في المئة ، لكن يوجد عنده ضعف ثقة بالنفس ، توجد كثير من الأمراض أساسها نفسي .
عندما يقمع الإنسان أولاده ، لا يصغي لهم ، كلما تكلموا يسكتهم ـ اسكت أنت لا تتكلم هنا ـ يجب أن تجعل ابنك يتكلم ، اجعله ينطلق بالحديث ، اجعله يتكلم كلاماً ضعيفاً سخيفاُ ، وأصغِ أنت له .
أخواننا الكرام التعليم من لا شيء يمنع العالِم من الاستهزاء بالسائل ، كثير من الآباء يستهزئ بسؤال ابنه ، استهزاؤه بسؤال ابنه يمنعه أن يسأله مرةً ثانية ، فإذا أنت مؤمن ومطبّق للسنّة ، وسألك ابنك سؤالاً ـ ولو كان سخيفاً جداً ـ يجب أن تصغي له وأن تجيبـه باهتمام ، وأنا دائماً أقول هذه الكلمة ، أنا أقول للطلاب حتى لا يخجل من السؤال أقول : ليس العار أن تسأل العار أن تبقى جاهلاً ، ليس العار أن تخطئ العار أن تبقى مخطئاً ، إذا تكلمت بهذه الكلمة لأبنائك أو طلابك ، تشجعهم على أن يسألوا ، فسيسألك ، شجعه ولو كان سؤالاً سخيفاً ، كيف يتعلم إلا بهذه الطريقة ؟ بالسؤال ، السؤال مفتاح العلم ، نصف العلم أن تسأل .


من آداب الحديث إقبال المتحدث على الجُلساء جميعاً :




من آداب الحديث ، إقبال المتحدث على الجُلساء جميعاً ، أنا ألاحظ أحياناً إمّا مدرس أو متحدث في جلسة يحضرها عشرون شخصاً ، يجوز أن يكون شخصٌ على اليمين مهم أو طليق الّلسان ، أو عنده قدرة على جلب الانتبـاه ، تجد المتحدث جالساً ملتفتاً طوال الجلسة إلى شخصين أو ثلاثة وغافلاً عن الباقين ، هذا ليس من أدب الحديث لا بد من أن تمرَّ على كل الحاضرين مروراً بشكل مستمر ، لأن هذا المرور على كل الحاضرين اهتمامٌ بهم وهذا من فنّ الحديث .
لذلك من أدب الحديث أن يقبلَ المتحدِّث بنظراته وتوجيهاته على الجلساء جميعاً حتى يشعر كل فردٍ منهم أنه يريده ويخصه ، دائماً انتبه وأنت تتكلم ، غرفة الاستقبال مليئة فإيّاك أن تهتم بشخص أو شخصين فقط .
المعلمون دون أن يشعروا يوجد عدد من الطلاّب المتفوقين يجلسون على اليمين تجد المعلم طوال الدرس ملتفتاً إليهم فقط وكأنّ الباقي ليسوا طلاباً عنده ، إهمال شديدّ ، وعندما يهمل المعلِّم طلاّبه يهملونه فيتشاغلون عنه ويتصايحون ، أما لو نظرَ نظرةً مستمرةً إلى كل هؤلاء شدّهم ، فالنظرة كأنَّها ربط كهربائي ، أحياناً يقولون لك : توجيه عن بعد ، بجهاز صغير يكون معك وتضعه أمام الجهاز فيتحرك الجهاز الآخر وذلك يسمّونه توجيهاً عن بعد ، فعندما تكون هناك نظرة شاملة لكل الجالسين هذه النظرة أصبحت توجيهاً عن بعد وبها ربطت الكل مع نفسك وهذا من آداب الكلام .
(( كان عليه الصلاة والسلام ، يقبــل بوجهه وحديثه على شرِّ القوم يتألَّفه بذلك ، وكان يقبل بوجهه وحديثه عليّ حتى ظننت أني خيرُ القوم ـ هذه من عظمة رسول الله ، لا تجد إنساناً التقى معه إلا ظن أنه أقرب الناس إليه ـ فقلـت : يا رسول الله أنا خيرٌ أم أبو بكر ؟ قال : أبو بكر ، قلت : يا رسول الله أنا خيرٌ أم عمر ؟ قال : عمر ، قلت : يا رسول الله أنا خيرٌ أم عثمان ؟ قال : عثمان ، فلمّا سألت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم صدَّ عني فوددت أني لم أكن سألته )).

[روى الطبراني بإسناد حسن عن عمروِبن العاص ]

أي على أيٍّ من كان ، إذا تحدث أقبل على كل الجالسين ، ولو كان بعضهم شريراً يتألفه بذلك ، ومن شدّة إقبال رسول الله بوجهه وحديثه عليه ظن أنه خيرُ القوم أي أحسن صحابي .
من عظمة رسول الله ، لا يوجد إنسان التقى معه إلا ظن أنه أقربُ النّاس إليه ، من شدة إقبال النبيّ يقبل عليه بوجهه حتى يظنّ نفسه أنه أحسن صحابي .
الحديث له مغزى عميق ، أي كل إنسان يجلس أمامك عليه أن يظنّ أنه أقرب النّاس إليك ، لا بدَّ من الاهتمام إمّا بنظرةٍ حانية ، وجه طليق ، ابتسامة ، ترحيب ، أو سلام حار ، هذه هي السنّة ، فكيف يكون المجتمع متماسكاً وقوياً كالبنيان المرصوص ؟ بهذه الطريقة أي بالتآلف .


من أدب الحديث مباسطة الجلساء أثناء التحدث وبعده :




من أدب الحديث أيضاً مباسطة الجلساء أثناء التحدث وبعده ، تعني المباسطة أن يكون الجو مرحاً ، جواً لطيفاً ، جواً غير كئيب ، غير جاد ، غير قاسٍ .
(( كان أبو الدرداء إذا حدَّث حديثاً تبسم ، فقلت ـ أي زوجته ـ : لا يقول النّاس إنك أحمق ـ أي بسبب تبسمك في كلامك ـ فقال أبو الدرداء : ما رأيتُ أو سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يحدثُ حديثاً إلا تبسَّم ، فكان أبو الدرداء إذا حدَّث حديثاً تبسَّم اتباعاً لسنّة النبيّ صلّى الله عليه وسلّم )) .

[ أحمد عن أمِّ الدرداء رضي الله عنها]

(( قلـت لجابرٍ بن سمرة رضي الله عنه ، أكنت تجالس رسول الله صلـّى الله عليه وسلّم ؟ فقال جابر : نعم كثيراً ، كان عليه الصلاة والسلام لا يقـوم مـن مصلاَّه الذي فيه يصلّي الصبح حتى تطلع الشمس فإذا طلعت قام ، وكانوا يتحدَّثون والنبيُّ جالس فيأخذون في أمر الجاهلية فيضحكون ويتبسَّمُ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم )) .
[مسلمٌ عن سِماكِ بن حـرب]


أحياناً في عقد قران مثلاً يتكلم خطيب ، أيَّ خطيب يتكلم يوجد أنّاس تغمض عينيها ، لماذا إغماض العينين ؟ انظر إليّه وشجعه على كلامه هكذا يكون الأدب ، فالنبيّ كان يجلس مـع أصحابه ويستمع إلى حديثهم ، فإذا كان حديثاً يدعو إلى الضحك يبتسم ، ابتسامته لهم جبرٌ لخاطرهم ، ولو شيء لم يعجبك لكن الكل ضحك فأنت تبسَّم ولو مجاملة .
أيها الأخوة أدب الحديث المقصود منه أدب الدعوة إلى الله ، فالحديث المجدي الذي ترقى به عند الله أن تدعوَ إلى الله ، أن تبين ، أن تفصل ، أن تقنع النّاس بأحقية هذا الدين ، بالكتاب الكريم ، بالحديث الصحيح .


من القواعد المتبعة في التأثير في الآخرين جلب انتباههم :




بعض القواعد المتبعة في التأثير في الآخرين أولاً : جلب انتباههم ، أحياناً يكونون متشاغلين عنك لا بد من أن تجلب انتباههم ، العلماء قالوا : الحركة بأوسع معانيها تجلب الانتباه .
أحياناً تجد المعلم جالساً في مكان لا يغيره ، فلا يغير اتجاهه ولا حركة وجهه ، فهو جالس مثل الصنم هذا ممل ، لكن لو تحرّك حركة لطيفة كحركة اليد مثلاً أو حركة الرأس أو حركة العينين ، العينان تتحركان ، الرأس يتحرك ، الجسم يتحرك ، الحركة من شأنها أن تجلب الانتبـاه ، فالمتحدث اللبق لا بد من أن يتحرّك التحرك اللطيف المعتدل ، أحياناً تجد مدرساً يمشي ذهاباً وعودة فلا ينتبه إليه الطلاّب ، هذا غير معقول ، هذه ليست حركة معقولة ، الحركة الشديدة أصبحت كالنوّاس ، أو بندول الساعة ، يريد الطلاب متابعته وهو يتحرَّك ذهاباً وإياباً ثم دخل من بينهم ثم رجع مرّةً أخرى ، لا هذه حركة غير مقبولة ، أمّا لو تحرك متراً أو نصف المتر أو حرك يده ، حرك رأسه ، حرك عينيه ، فهذه الحركة اللطيفة تمدّهم بالحيوية .
من أجل أن تجلب انتباه المستمعين ينبغي أن تستعين بالحركة ، الحركة المعتدلة ، المنوَّعة .
الآن تستغربون ، الحركة تكون بتحريك الجسم والرأس والعينين واليدين ، وتحريك الصوت تلوينه ، الصوت الرتيب يدعو إلى النوم ، فإذا كان شخص نائماً عشر ساعات وقام بتشغيل مروحة كهرباء لها صوت رتيب فسوف ينام ، الآن أكثر حوادث السيّر من النوم تجد براداً ثمنه خمسة ملايين سقط في الوادي بسبب نوم السائق ، لماذا نام السائق ؟ لأن صوت المحرك رتيب ، ولو كان نائماً خمس ساعات أو عشر ساعات ، أي صوت رتيب يدعو إلى النوم .
لذلك المتحدث ذو الصوت الرتيب يدعو المستمع إلى النوم ، إذاً أنت تحتاج إلى تلوين الصوت ، ترفع الصوت تارةً وتخفضه تارةً ، تجعل وقفات ـ أي سكون ـ تثير الانتباه ، الوقفة تثير ، رفع الصوت وخفضه يثير أيضاً ، التلوين والصمت المفاجئ والصمت الذكي هذا مما يلفت انتباه المستمعين .
للأسلوب أثر كبير في جلب الانتباه :




الآن الأسلوب ، يوجد أسلوب خبري ، ويوجد أسلوب إنشائي ، الخبري كلام تقريري ، أما الإنشائي أمر ، ونهي ، واستفهام ، وتمني ، وترجّي ، وحضّ ، ونداء


فقد ورد في القرآن الكريم سؤال ، حوار ، تقرير ، تحليل ، فيجب أن تحرِّك الأسلوب بين الخبر والإنشاء ، والأمر والنهي ، والوعد والوعيد ، والوصف والتحليل ، والسرد والنقد ، والقصَّة والمثل ، والتقرير والتصوير ، والترغيب والترهيب ، والحوار والحدث ، فهذه الحركة في الأسلوب تجلب الانتباه ، مرّة حوار ، مرة مثل ، مرة قصّة ، مرة تأكيد ، مرة تحليل ، مرة وصف ، مرة سرد ، مرة خبر ، مرة إنشاء ، تنوِّع أساليب المتكلِّم تجعل هناك حركة وجذباً للحديث .
هذا الكلام موجّه للآباء ، فالحقيقة أفضل شيء في التربية هو القصّة ، أحياناً تكون هناك قصّة نموذجيّة ، مثلاً اليوم كنت في جلسة قبل الحضور إلى الدرس ورويت قصّة وأنتم تعرفونها ولكنّها شديدة الوضوح ، أحد الأشخاص عليه زكاة ماله فرضاً عشرة آلاف وخمسمئة وثلاثين ليرة ، وله زوجةٌ صعبة للغاية فأقنعته بعدم دفع الزكاة ، فاستجاب لها ولم يدفع الزكاة ، وهو يملك مركبة فاصطدمت وقام بإصلاحها ، وكانت تكلفة إصلاح ما فيها من حديد وصاج ودهان ومصابيح إضاءة تبلغ عشرة آلاف وخمسمئة وثلاثين ليرة وهو مقدار ما عليه من الزكاة بالضبط ولم يدفعها ، فأحياناً تكون قصّة بسيطة أبلغ من محاضرة طويلة في الزكاة ، أي أنّه :
(( ما تلف مال في بر ولا بحر إلا بحبس الزكاة .))

[الطبراني في الأوسط عن عمر]

أحياناً تكون القصّة شديدة التأثير فيكون الجالس أمامك طفل صغيرٌ أو إنسانٌ بسيطٌ فتدخل معه في متاهات العقيدة ، ومتاهات الإيديولوجيّات ، والأدلّة والنظريّات ، فلو ذكرت له قصّة عن إنسان عندما تصدّق نما ماله ، وعندما اشتغل بالربا محق الله له ماله تكون هذه القصّة كافية ، أو عندما عفّت نفسه عن الحرام هيّأ الله له زواجاً ناجحاً ، فهذه القصَّة مؤثِّرة جداً .



المستمع الموجود أمامك هناك موضوعات تعنيه ، وموضوعات لا تعنيه ، فمن عدم توفيق المتكلّم أن يعالج موضوعات لا تعني المستمعين ، فمثلاً عَتق العبيد الآن هل هو موضوع مثير للحاضرين ، لأنّه لا يوجد عبيد ، ولا عتق للعبيد ، أو أنت جالس في حيّ غني وتتكلّم عن الصبر ، فما هذا الصبر الذي لا يعنيهم ؟ فالجماعة أغنياء وكلّ شيء ميسّر لديهم ، وكذلك مع الفقراء تكلّم عن الزكاة ، فليس من المعقول أن يدفعوا الزكاة ، أو مع التجّار وتتكلّم عن الأمور الثقافيّة معهم ، وإذا كنت مع المثقفين وتكلّمت عن التجارة فهذا الموضوع خارج اهتماماتهم ، فدائماً أنت كمتحدِّث لن تكون موفّقاً في الحديث إلا إذا اخترت وتكلّمت في موضوع يعني الحاضرين .
فالمستمع الذي يستمع إليك ما الذي يعنيه ؟ يعاني من قضيّة ، لذلك الاستعانة بالرغبات والحاجات ، فمثلاً انظر إلى شاب في مقتبل حياته وليس متزوِّجاً فما الموضوع الذي يعنيه ؟ يعنيه أن تقنعـه بأنّ طاعته لله عزَّ وجلَّ وعِفّته قبل الزواج أحد أسباب توفيق الله له بزواج ناجح ، وهذا الكلام حق ، وتوجد آيات وأحاديث تؤكِّد ذلك ، ولأنّه يحتاج إلى الزواج ، وهذا الزواج سبُلُه غير ميسّرة ، فإذا بيّنت له أنّ طاعة الله عزَّ وجلَّ والعفّة قبل الزواج والاستقامة على أمره هذه تيسِّر له سبل الزواج من باب التوفيق الإلهي لقول النبيّ : حقٌ على الله أن يُعين الشاب إذا طلب العفاف .
فهذا الموضوع يعني الشباب ، أما إذا جلست مع التجار فذكرت لهم أن الإنسان إذا أدّى زكاة ماله حفظ الله تعالى له المال ، وكل إنسان خائف على رأس ماله من التلف والضياع ، تغرق الباخرة المحمّلة ببضاعته ، فإذا ذكرت له أنّ أداء الزكاة يحفظ له المال طمأنته ، إذاً فأنت لا يمكن لك أن تؤثِّر في الآخرين إلا إذا عالجت موضوعات تعنيهم ، فإذا تكلَّمت إيّاك أن تطرح موضوعاً لا يعني الحاضرين ، الكلام يصبح لا معنى له إطلاقاً أنت في واد وهم في واد .
كل فرد منا له رغبات وله حاجات مشروعة ، والإنسان حينما يستغل هذه الحاجات المشروعة فيوجه توجيهاً صحيحاً ينجح في الدعوة إلى الله عزَّ وجلَّ .


مزج القديم مع الحديث من الأساليب المتبعة في التأثير :




عندما يتحدث الإنسان عليه مزج القديم مع الحديث يكون هذا المزج مفيداً جداً ، أحياناً يكون كل الحديث عن القديم وهذا لا يجوز فأحياناً تجد خبراً له تأثير كبير ، فقد قرأت ذات مرّة خبراً في إحدى الجرائد أعجبني كثيراً وهو عن عصابات في الصين تقوم بخطف الفتيات في سنّ الزواج ، لماذا ؟ السبب هو تحديد النسل عندهم تحديد قسري فلا يسمح للأسرة الواحدة إلا بإنجاب طفلٍ واحدٍ ، وبحكم محبّة كل الشعوب للذكور لا للإناث ، فكلّما أنجبوا بنتاً يخنقونها إلى أن يأتي الصبيّ فيسجلوه في السجلات الرسميّة ، وبعد حين تفاجؤوا بقرى بأكملها كل سكانها من الذكور ، فنشأت عصابات لخطف الإناث ، فعندما يشرِّع الإنسان تجده يرتكب الحماقات الكبيرة جداً .
أحياناً تجد خبراً تقرؤه في جريدة تخرج منه بفائدة ، فقد قرأت مرّة في جريدة خليجيّة أنّه قد تم إعدام عشرين مليون رأس من الأغنام في أستراليا ، أطلقوا عليها الرصاص ودفنت في مدافن جماعيّة ، من أجل الحفاظ على سعر اللحم ، وهذه الشعوب التي تموت من الجوع في بنغلاديش والسودان وأفريقيا ، فإذا أردت أن تبيّن وحشيّة هذا الإنسان الكافر بالرغم من الدعاوى الكاذبة لحقوق الإنسان وحقوق الحيوان فاذكر هذا .
مرّة في أمريكا من أجل الحفاظ على البرتقال قاموا بوضع محاصيل وبكميّات كبيرة في أماكن مسوّرة لإتلافها ، فتسلل بعض الفقراء الزنوج من أسفل السور وقاموا بخطف بعض الثمار وأكلها ، فقاموا في العام التالي بتسميمها حتى الزنجي لا يأكل برتقالة دون دفع ثمنها ، هذه تبيّن وحشيّة الكافر فهو وحش في صورة إنسان .
أحياناً تقرأ الخبر ويكون مهماً جداً ، ذات مرّة ألقيت خطبة من على المنبر ثلاث خطب قرأتها في الصحف اليوميّة عن الإيدز ، شيء مثير ، مثلاً موظف كبير أرسلته الدولة في مهمّة للخارج وزلّت قدمه هناك ، وعاد محملاً بالهدايا ، بعد سنة زوجته الوفيّة أصيبت بالإيدز وابنتـه وكذلك هو ، والثلاثة الآن قد ماتوا ، وله ابنٌ أو بنتٌ أنجبه قبل السفر ما زال حياً ، وهي قصّة واقعيّة ، وقد ذكرت ثلاث قصص من هذا النوع .


أمثلة عن قصص فيها مزج بين القديم والحديث :




أحياناً الإنسان يلتقط قصّة ذات تأثير بالغ ، فذكر كل شيء قديم يصبح الحديث مملاً ، أما أن تذكر القديم والحديث كخبر معاصر ـ كزلزال مثلاً ـ وحوله موعظة بالغة ، فقد قرأت ذات مرّة عن زلزالٍ وقع في المغرب في بلد تسمّى أغادير وهي مدينة ساحليّة ، مدينة السيّاح ، فيها نوادٍ للعراة ، وفيها أشياء مخيفة ، وفيها فندق شهير مكوّن من ثلاثين طابقاً ، فهذا الزلزال ابتلعه ، ولكن ليكون هذا الفندق شاهداً على دمار بلاد الفاسقين وعبرة للآخرين ظل الطابق الأخير ظاهراً فوق الأرض وعليه اسم الفندق وكأنّهاشاهدة له



أحياناً خبر مهم جداً تقرؤه وتستوعبه وتحدّث به الناس ، والقصد إحداث تأثير لدى المستمع فتنفِّره من هذه الحضارة الماديّة المبنيّة على الكفر والانحلال .

إذاً من الأساليب في التأثير مزج القديم مع الحديث ، فلا يكون الحديث كلّه عن القديم ، أحياناً آية معاصرة مثلاً كإعصار ضرب الساحل الشرقي لأمريكا وكانت الخسارة ثلاثين ملياراً من الدولارات ، فلا تتكبّر فالله أكبر ، من دون أي مشاكل عاقبهم الله فوراً ، أو مركبة فضائيّة أطلقوا عليها اسم المتحدّي وبعد إطلاقها بسبعين ثانية أصبحت كتلة من اللهب فمن تتحدّون ؟ بالرغم من المراجعة الدقيقة ، والعدّ التنازلي ، والاحتياطات المتخذة فكل جهاز يوجد منه اثنان ، وبعد سبعينَ ثانية أصبحت كتلة من لهب إنها المركبة (Challenger) .


ربط الله عزَّ وجلَّ القديم مع الحديث في بعض الآيات القرآنية :




لذلك أحياناً القديم مع الحديث يعطي تأثيراً كبيراً ، فأنت لا تعيش خارج العصر ، أنت مع العصر ، مع معطياته ، مع فلسفته ، مع ثقافته ، مع أحداثه ، وتعيش بين مشاكل الناس ، همومهم ، أحزانهم ، أفراحهم ، لك رأي إيجابي في الموضوع فلست تعيش من وراء التاريخ ، فقد لاحظت أنّ الدعاة البعيدين عن العصر لا يؤثِّرون في الناس إطلاقاً ، فلذلك مزج القديم مع الحديث مهم للتأثير في الآخرين


وأنت تركب طائرة حديثة أسرع من الصوت كطائرة الكونكورد التي تقطع المسافة ما بين لندن ونيويورك في أقلّ من ساعتين ، وأنت ترى سيّارة فخمة وقطاراً فخماً وتبلغ سرعته في الساعة الواحدة ثلاثمئة وخمسين كيلو متراً


الإنسان الواقعي يجذب الناس إليه :





توجد نقطة دقيقة جداً فالله تعالى عندما وصف الأنبياء ماذا قال ؟


قال :


ليأكلون الطعام ويمشون في الأسواق معنى ذلك أنّهم شاركوا الناس ، فمن يعيش في برج عاجي وبعيداً عن الناس لا يستطيع أن يخاطبهم بلغةٍ يفهمونها ، فأخطر شيء في الداعية أن يعيش في برج عاجي ، فإذا لم يعش مع الناس ، ومع مشكلاتهم ، ومع أحوالهم ، ويشعر بما يزعجهم وما يؤلمهم وما يفرحهم ، فهذه المعاناة والمشاركة فيها توفِّق إلى اختيار الأسلوب المناسب .
أحياناً يعاني أحد الأشخاص من شيء صعب أنت لا تعانيه فتحاسبه حساباً قد يخرج من جلده ، ولكنّك إذا عانيت ما يعانيه فتعطيه عذراً وتلتمس له العذر ، وإذا لم يكن الإنسان واقعياً فلن يجذب الناس إليه ، وهذا كلّه من أدب الحديث وهو أدبٌ ذو أهميّة كبرى .
الحديث العابر لا يحتاج إلى إعداد ، أما إذا كُلِّفت أن تلقي كلمة ، أن تُدلي برأي ، أن تقيم مناظرة ، أن تطرح موضوعاً ، أن تعالجه فلا بدَّ من أن تُعِدَّ له إعداداً جيّداً .


الكلام المركَّز الموجز والمُثير يشد الناس ويجذبهم إليه :




كلّ أخواننا الذين بدؤوا بالدعوة إلى الله عزَّ وجلَّ لو فرضنا أنّك كنت بمجلسٍ ودُعيت إلى إلقاء كلمة فيجب عليك أن تعلم جيّداً ماذا ينبغي أن تقول من آيات ، وأحاديث ، وشواهد ، وأدلّة عقليّة نقليّة ، وهذه يجب أن تكون قبل هذه ، وهذا الدليل بعد الآية ، والآية بعد الدليل ، فإذا لم يكن لديك إعداد علمي جيد فلن تؤثر بالآخرين ، لأن الكلام المضطرب والارتجالي وغير المنظّم والعشوائي كأن تتكلّم عن كلّ ما يخطر في بالك فهذا لا يؤثِّر أبداً في الآخرين .
حدّثني شخص دخل إلى مسجد وحضر خطبة الجمعة أنّه قد قام بعدّ الموضوعات التي طرحها الخطيب من فوق المنبر فكانت ثمانيةً وعشرين موضوعاً ، فقد طرح موضوعاً ولكنّه لم يعالجه ، وكان كلّ شيء يخطر في باله يقوله ، لأنّ الموضوع ارتجالي ، الذي يرتجل كلاماً من دون إعداد فهو يحتقر الناس ، هذا الجالس أمامك ترك بيته وأتى إليك ليستمع منك ، والوقت ثمين فقد كان مع أولاده وأهله وجاء إليك ليستمع إلى كلام منظّم ، وكلام عميق ، ومصحوب بالأدلّة والشواهد ، ومعروض عرضاً جيّداً وبأفكارٍ عميقة ، فإذا لم تُعِدَّ الكلام جيداً فلن تنجح ولن تؤثّر في الآخرين ، الحديث المضطرب لا يصغى إليه ، الحديث غير المُعدّ ، غير المنظّم ، غير المدعَّم بالأدلّة والشواهد لا يصغى إليه .
هناك نقطة بالغة الأهميّة فإنّك لا تستطيع أن تؤثِّر في الآخرين وأن تتمثّل أدب الحديث إلا إذا اعتقدت الذكاء والنباهة في المستمعين ، فإذا اعتقدّت أنّهم ليسوا كذلك فإنّك لن تؤثِّر فيهم ، إذا لم تعتقد فيهم الذكاء والنباهة فستأتي بتفصيلات مملّة ، محاكمات ساذجة ، أفكار سخيفة ، أما إذا اعتقدت فيهم الذكاء والنباهة فستأتي بأفكار عميقة ، تختصر التفاصيل المملّة ، كلّما كان كلامك أكثر إيجازاً وتركيزاً وأكثر إثارة فستشِدّ الناس أكثر وتجذبهم إليك .


من حسن الحديث أن يُمزج بفكاهةٍ أديبةٍ ذكيّة :




شيء آخر من حسن الحديث أن يمزج بفكاهةٍ أديبةٍ ذكيّة ، دائماً الفكاهة لها تأثيرٌ كبيرٌ جداً في ثنيّات الحديث ، وأحياناً ممكن أن تعبِّر عن أدقَّ الأفكار وعن أعمقها بفكاهة بسيطة ، أحياناً تجد شخصاً يريد من هذا الصانع الصغير الذي يعمل لديه أن يتحلّى بالذكاء والفطنة والفهم والبديهة ، وهذا ليس معقولاً ، فصاحب المحل يبلغ من العمر الخمسين أو الستين سنة وقد عركته الحياة ويملك خبرات متراكمة ودفع ثمناً باهظاً لها ، وينتظر من طفل صغير عمره لا يتجاوز العشرين عاماً أن يكون ذكياً ونبيهاً وفهيماً ، لو كان كذلك لجلس في مكانك ، ففي مثل هذا الموقف تحضرني طرفة :
دخل ملك ذات مرّة إلى بستان ليتفقّد رعيّته ، وكان صاحب البستان يملك حصاناً يدور حول بئرٍ وهو معصوب العينين لاستخراج الماء ، وعلّق في عنقه جلجُلاً ـ جرساً ـ وكان الملك ذكياً فسأل صاحب البستان : لمَ عصبت عينيه ؟ فقال له : لئلا يصاب بالدوار ، فقال له : ولمَ وضعت هذا الجُلجُل ؟ فقال له : حتى إذا توقّف عن الدوران أعرف ذلك ، وكان الملك كثير الذكاء فقال له : فإذا وقف وهزَّ رأسه ؟ فردَّ عليه قائلاً : وهل له عقلٌ كعقلك ؟!
دائماً عندما يتواجد معك أشخاص لا تظن أنّ عقولهم مثل عقلك ، فإذا اعتقدت أن عقل الذي أمامك مثل عقلك فأنت إذاً لا تعرف شيئاً ، فهذا أقل منك في الخبرة ، فكل من طالب من حوله بأن يكونوا في أعلى درجات الذكاء والفهم والفطنة والبديهة والطلاقة فهو بذلك لا يفهم شيئاً ، فهذا الصغير خبرته محدودة ، أو يريد صهره أن يكون في نفس مستواه ، فأنت عندك بيت مرتّب وواسع وأنت في الستين من العمر وصهرك خرج جديداً للحياة ، يقول له : ألا تملك بيتاً ؟ يقول له : عندي ، فيقول له : كم تبلغ مساحته ؟ هذه المساحة لا تكفي ، انظر إلى نفسك عندما تزوّجت لم يكن لديك بيت ولا جدار من حائط ، فدائماً لا تقس الناس بنفسك ، وأعطِ كلّ إنسانٍ حجمه الحقيقي ـ قال الملك له : فإذا وقف وهزَّ رأسه ؟ فقال البستاني له : وهل له عقلٌ كعقلك ؟! ـ أحياناً تستطيع أن تعبِّر عن أعمق الأفكار الدقيقة وذلك بطرفة بسيطة .


صفات تسيء للحديث :




هناك نقطة هامّة ، ما الذي يجعل الحديث غير مؤثِّرٍ ؟ قال : الجمود وعدم الحركة ، البعد عن حاجات المستمع ، عدم مزج القديم بالجديد ، الارتجال ، الإطناب الممل ، الإيجاز المخل ، عدم الوضوح ، عدم وجود الإثارة ، الوتيرة الواحدة ، التكرار ، المتكلِّم في واد والمستمع في واد فالموضوعات غير ذات أهميّة ، اللف والدوران ، التعميم ، السرعة في إصدار الأحكام ، المبالغة ، التهويل ، الحشو والتفصيل ، هذه كلُّها تجعل الحديث مملاً .
الحشو والتفاصيل سخيفة تُفهَم دون أن تذكر فألغها من حديثك ، ولو ذكرتها تجعل الحديث مملاً .
المبالغة والتهويل يضعف المصداقيّة في كلامك ، قال لي أحدهم عن طريق يبلغ عرضه ستّة كيلو مترات ، فقلت له : أتقصد طوله ؟ فقال لي : لا بل عرضه ، فهذا كلامٌ غير معقولٍ ، فعندما تبالغ فقد انتهيت عند الآخرين لذلك دائماً اجعل كلامك علمياً .
اللف والدوران بسبب غموض فكرة في ذهنك فتلف وتدور لتبيّنها ، فإذا كان هناك فكرة غامضة فلا تقلها ، أما إذا كانت الفكرة واضحة فتحدّث بها ، فاللف والدوران يصيب المستمع بالسأم والضجر .
المتكلِّم في واد والمستمع في واد معنى ذلك أنّك لم تختر موضوعاً يمس بشغف قلوب الحاضرين .
التكرار يدعو للسأم ، الوتيرة الواحدة في الصوت تدعو للسأم ، عدم وجود الإثارة في الحديث تدعو للسأم ، عدم الوضوح يدعو للسأم ، الإيجاز الممل يدعو للسأم ، الارتجال كذلك يدعو للسأم ، عدم مزج القديم بالحديث ، البعد عن حاجات المستمع ، الجمود .
هذه كلُّها صفات تسيء للحديث ، وقد دمجنا فيما بين آداب الحديث وبين عوامل التأثير في الحديث .


الدعوة أساسها الكلمة :





كان درسنا اليوم آداب الحديث كما وردت عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم ، والعوامل التي تجعل من الحديث مؤثِّراً ، فإذا جلس الإنسان مع أولاده ، أو أراد أن يلقي كلمة ، أو يدير حواراً ، أو أن يوجِّه وأن يدعو إلى الله عزَّ وجلَّ يستخدم هذه القواعد في حديثه .
الأنبياء بماذا جاؤوا ؟ جاؤوا بالكلمة ، فالدعوة أساسها الكلمة ، يجوز المهندس أساس عمله مواد البناء من اسمنت وحديد وغيرها ، والمعمل أساس عمله المواد الأوليّة من قوالب وخلافه ، ولكن الداعية أساس عمله الكلمة ، فإذا أحسن انتقاء الكلمة ونظمها وإلقاءها فقد أثَّر بالحاضرين ، فأنت تعاملك مع الكلمة ، والكلمة لها قوّة التأثير ، وقد جاء الأنبياء بالكلمة ، بكلمةٍ من عند الله عزَّ وجلَّ .
كل إنسان يحب أن يدعو إلى الله عزَّ وجلَّ ولا أعتقد بوجود أحد من الأخوة الحاضرين معنا لا يطمح أن يدعو إلى الله لأنّ هذا أعظم عمل فقد قال تعالى :


حتى يلهمك الله عزَّ وجلَّ الصواب استعن بهذه الآداب النبويّة التي وردت عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم ، واستعن بهذه القواعد الفنيّة في جذب اهتمام المستمعين وإحداث التأثير القويّ فيهم عن طريق هذه القواعد .



والحمد لله رب العالمين





_________________
تحياتي:


العقول الكبيرة تبحث عن الأفكار..

والعقول المتفتحة تناقش الأحداث..

والعقول الصغيرة تتطفل على شؤون الناس..


مدونة /http://walisala7.wordpress.com/
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://salah.d3wa.com
 
الكلام والسكوت
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
 :: منتدى الأدبيااااات :: غرفة جدي "الحكم وامثال"-
انتقل الى: