ألو "101" أريد إسعافاً.. معك 40 شيقل؟؟
"هلال أحمر"، " صليب أحمر"، وزارة صحة، غزة أو ضفة، حكومة فعّالة أو مقالة... كل هذا لا يهم، المهم أن يحصل المواطن الفقير والمريض بحالته الطارئة على سيارة إسعاف تنقله إلى المستشفى وإن احتاج إلى البيت لأنه ببساطة "مريض لا يستطيع الحركة".
فما هي قصة الإسعاف في غزة، وما معنى الدفع 40 شيقلا قبل النقل؟، وما معنى الدفع حسب المسافة؟، وهل يطلب المواطن سيارة الإسعاف إن لم يكن محتاجاً لها (أي استغلال الإسعاف)؟ وهل يشغل خط "101" بكل الكلمات البذيئة ولساعات طويلة ويحرم مواطناً من إنقاذ حياته.
وبعيداً عن هذه التساؤلات كيف يمكن أن يتحضر الإسعاف لأي طارئ بالقطاع وهل تكفي سيارات الإسعاف؟، وما الذي حدث في اللجنة العليا للإسعاف والطوارئ وكيف تم توزيع الأدوار بين أربعة من مقدمي خدمة الإسعاف والطوارئ؟، وأخيراً من يرمم مباني الإسعاف وسيارات الإسعاف التي "تهرسها" آلة الحرب الإسرائيلية؟.
لتكن صريحة وكالة "معا" فقد تولدت هذه التساؤلات للزميلة "خضرة حمدان" حين توجهت إحدى المواطنات شاكية "الإسعاف" في غزة لطلبه منها 40 شيقلا حين هاتفته داعية إياه لنقل ابنها المريض إلى أحد المشافي بعد أيام ثلاثة من إجرائه عملية جراحية بالفخد وتردي حالته الصحية، حينها طلب منها ضابط الإسعاف على الخط الهاتفي دفع 40 شيقلا أخرى فاضطرت نظرا للحاجة، وحين طلبت نقل ابنها من المستشفى للبيت، دفع 40 شيقلا أخرى أي أنها دفعت ذهاباً وإياباً 80 شيقلا، عدا عن 40 شيقلا سبقت ذلك حين خرج ابنها من المستشفى بعد إجرائه العملية الجراحية أي أن هذه العائلة البسيطة دفعت 120 شيقلا مقابل خدمة الإسعاف"، التي يعتقد المواطن أنها يجب أن تكون مجاناً لكل الفقراء والمحتاجين.
بالبحث عن خدمة الإسعاف في قطاع غزة والقائمين عليها قيل لـ"معا" إن من يملك الرقم الوطني "101" هي جمعية الهلال الأحمر في الأراضي الفلسطينية، وأن الإسعاف التابع للحكومة المقالة له دور محدد وأنه تم توزيع المهام ومنظومة عمل الإسعاف والطوارئ في القطاع بين أربع جهات هي وزارة الصحة، والهلال الأحمر، والدفاع المدني، والخدمات الطبية العسكرية.
أما دور وزارة الصحة فيتلخص في نقل المريض من مستشفى لآخر ونقل المرضى من المشافي للمعابر، والهلال الأحمر يختص بنقل المرضى من البيوت إلى المشافي، والعمل في المناطق الحدودية، والدفاع المدني مختص بحالات الحرائق وانهيارات المنازل وضحايا الأنفاق وبالطبع الإنقاذ البحري، والخدمات الطبية تختص بنقل المصابين في المواقع الأمنية ومراكز التدريب.
عدة جهات اتفقت مع الوكالة على وجوب أن تكون الخدمة مجانية لكافة المواطنين ولكنها أكدت أن ذلك جلب مشاكل عدة من أهمها استغلال المواطن لسيارة الإسعاف واستخدامها في كثير من الأوقات كوسيلة نقل ليس إلا.
استدعت الإسعاف لتسقي الغنمات....
قصة مضحكة ومبكية في ذات الوقت رواها مسؤول الإسعاف والطوارئ في جمعية الهلال الأحمر د. بشار مراد، قائلا، انه في ذروة الحرب على قطاع غزة اتصلت مواطنتان من منطقة العطاطرة شمال القطاع مؤكدتين وجود حالتين طارئتين وعند إجراء التنسيق لدخول المنطقة وموافقة الاحتلال بعد ساعة ونصف الساعة من طلب التنسيق عدا عن احتجاز سيارة الإسعاف بالمنطقة لساعة أخرى وصل المسعفون إلى المواطنتين طلبت أحداهما أن تذهب لتسقي الغنمات والأخرى قالت أنها خائفة وتريد الخروج إلى منزل ذويها.
وفي سابقة استدعت فرض الرسوم على خدمة الإسعاف والطوارئ قال مراد أن مواطناً قبيل الحرب على غزة استدعى سيارة الإسعاف، قائلا ان لديه حالة طارئة ويريد الانتقال الى مستشفى الشفاء بغزة إلا أنه تبين انه استخدمها كوسيلة نقل لاجتياز حاجز أبو هولي "الشهير" الذي كان يفصل غزة عن جنوب القطاع.
ولكنه عاد مستدركاً بالقول أن المواطن الذي يتضح أنه غير قادر على دفع هذه الرسوم يتم النظر لحالته ومراعاة وضعه الاقتصادي وتخفيض الرسوم من 40 شيقل حسب ما يرتئيه مدير مركز الإسعاف.
وحسب مراد فإن 40 شيقل هي قيمة النقل داخل المحافظة أما خارجها فيتم حسب المسافة، "معا" سألته إن كان هذا المبلغ مبالغ فيه داخلياً كون السولار والبنزين "المستخدمان" رخيصا الثمن قال:" هل تعتقدين أننا نستخدم السولار المصري المهرب، أبداً نحن نستخدم البنزين الإسرائيلي نظراً لجودته".
فما هي عائدات الإسعاف والطوارئ بهذه الجمعية، يقول مراد أنها لا تتجاوز 450 شيقل شهرياً وهو مبلغ زهيد للغاية بالمقارنة مع قطع غيار سيارات الإسعاف، مع التأكيد أن هذه الرسوم لا يتم جبايتها إلا في الحالات العادية أي في حالات غير طارئة أما في حالات الطوارئ فإن الإسعاف مجاني لكل المواطنين.
ودفاعاً عن فرض الرسوم يقول: "خدمة الإسعاف بدول الجوار يقوم بها جمعيات وتفرض رسوم فمثلاً في إسرائيل تقدم الخدمة نجمة داوود الحمراء وفي مصر تقوم جمعيات خاصة بتقديم خدمة الإسعاف فالوزارة هناك لا تستطيع خدمة 80 مليون نسمة".
الطوارئ...
وبعيداً عن الرسوم للإسعاف في الحالات العادية فقد اتضح لـ"معا" وحسب تأكيد د. بشار مراد أنه لا يمكن أن يكون قطاع غزة جاهزاً لأي طارئ لأن الاحتلال الإسرائيلي ببساطة يعمل على تدمير هذه الجاهزية من خلال استهداف سيارات الإسعاف ومباني الإسعاف والطوارئ، كما دمر مركزي الإسعاف في جباليا تدميرا كاملا ومبنى غزة تدميراً جزئياً وكبّد الجمعية خسائر مادية تجاوزت نصف مليون دولار عدا عن خسائر وصلت إلى 15 مليون دولار جراء قصف مشفى القدس ومباني تابعة للهلال الأحمر.
ولا تحترم سلطات الاحتلال شارة الإسعاف فقد قامت بتدمير 5 سيارات تابعة للهلال الأحمر إبان الحرب على غزة وتعطلت 17 سيارة أخرى، والآن يتواجد لدى جمعية الهلال الأحمر 37 سيارة إسعاف ويكفي هذا العدد في حالات اعتيادية ولكنه لا يكفي في حالات الطوارئ والنزاعات- على حد تعبير د. مراد- مع العلم أن هذا التقرير لم يتطرق لاستعدادات اللجنة العليا للإسعاف والطوارئ في قطاع غزة والتي تتوزع فيها المهام على 4 جهات من مقدمي الخدمة لسكان القطاع.
_________________
تحياتي:
العقول الكبيرة تبحث عن الأفكار..
والعقول المتفتحة تناقش الأحداث..
والعقول الصغيرة تتطفل على شؤون الناس..
مدونة /http://walisala7.wordpress.com/