تبرعات مدرسية إجبارية في مدارس غزة
رام الله/ مصطفى إبراهيم
تلقيت مساء الأحد 24/10/2010، اتصالا هاتفيا من أحد المواطنين، وأخبرني أن مديرة مدرسة فهمي الجرجاوي الأساسية العليا بمدينة غزة قامت بإجبار الطالبات على الوقوف تحت الشمس الحصص الثلاث الأولى من صباح الأحد 24/10/2010، وذلك عقابا لهن على امتناعهن عن دفع الرسوم المدرسية.
تزامن ذلك مع إخباري من قبل ابنتي يافا الطالبة في الثانوية العامة التي تدرس في مدرسة الجليل الثانوية بمدينة غزة، عن قيام مديرة المدرسة بمنع جميع الطالبات في المدرسة من دخول فصولهن أثناء الحصتين الأولى والثانية باستثناء عدد قليل منهن دفعن الرسوم، وإجبارهن على الوقوف في الشمس لعدم دفعهن الرسوم المدرسية.
ولم يتوقف الأمر عند ذلك، بل هددتنهن بعدم تعويضهن الدروس التي حرمن منها! وأخبرتني أن مديرة المدرسة في بداية العام الدراسي كانت شددت على الطالبات بضرورة دفع الرسوم المدرسية، وسمتها "الرسوم الإجبارية، وشبه الإجبارية"؟ مع أن وزارة التربية والتعليم تقول عنها تبرعات.
خلال العامين الماضيين لم تقم حكومة حماس بجباية الرسوم المدرسية "التبرعات" بناء على قرار من رئيس الوزراء إسماعيل هنية الذي أصدر قراراً بإعفاء طلاب وطالبات المدارس من المرحلة الأساسية من دفع الرسوم المدرسية " التبرعات"، إلا أنها عادت هذا العام وفرضتها على طلاب وطالبات المرحلة العليا تنفيذاً لسياسة الاكتفاء الذاتي التي تقوم بها الحكومة.
وبالرغم من الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعاني منها سكان القطاع، وفي ظل استمرار الحصار وازدياد نسب الفقر والبطالة في القطاع التي وصلت الى نسب مرتفعة جداً، تقوم حكومة حماس بإجبار الطلاب والطالبات بدفع الرسوم المدرسية "التبرعات الإجبارية".
ولم يتوقف الأمر عند فرض الرسوم بل تعداه إلى قيام عدد من مديري ومديرات المدارس بإجبار الطلاب والطالبات على دفع الرسوم بالتهديد والعقاب، وعدم دخول المدارس إذا لم يلتزموا بدفع الرسوم خلال الفترة القادمة، كما جرى في بداية العام الدراسي الحالي من قيام بعض مديري المدارس بمنع طلاب الصف العاشر من التسجيل قبل دفع الرسوم المدرسية!
إجبار الطلاب والطالبات على دفع الرسوم المدرسية يأتي في توقيت صعب جداً، وفي بداية موسم صعب يستقبل فيه الناس موسم المدارس بكثير من الهم والغم، لاستنزاف الرواتب، من دفع بدل ملابس وأحذية وزي مدرسي، ودفاتر وأقلام، ورسوم، وحقائب وغيرها من أمور طارئة.
بالإضافة الى الخصم الإجباري من الموظفين لصالح شركة توزيع كهرباء غزة، وخروج الناس من مصاريف شهر رمضان والعيد ومصاريفهما منهكين، وعيد الأضحى على الأبواب، والأعباء الاقتصادية الإضافية الصعبة التي يعاني منها الناس، وفي وقت يشهد فيه القطاع ارتفاعاً كبيراً في عدد من الأسعار.
إجبار الطلاب والطالبات على دفع الرسوم أو ما يسمى التبرعات، قد يعتقد البعض أنها ليست كبيرة، فطلاب الصف العاشر يدفعون 50 شيكل، أما طلاب الصفين الحادي عشر والثاني عشر فهم مطالبون بدفع 70 شيكل للطالب، بالإضافة إلى أن طلاب الصف الثاني عشر "الثانوية العامة" مطالبون بدفع 70 شيكل بدل رسوم للتقدم لامتحان الثانوية العامة. لكن في ظل عدد أفراد الأسر الكبيرة في المجتمع الفلسطيني خاصة في قطاع غزة، فالبيت الذي فيه خمسة طلاب على الأقل سيضطر الأهل الى دفع مبلغ مالي لا يستطيع تحمل أعباءه في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة ، كما أن أي زيادة على تكاليف المعيشة والخدمات الأخرى كالخصم الإجباري لفاتورة الكهرباء لها أثر نفسي كبير، فالمواطن يشعر معها بمرارة كبيرة في ظل الحصار والفقر والبطالة وارتفاع مستوى المعيشة.
كما ستزداد مرارته عندما يسمع المواطن تصريحات هنية التي أطلقها، وقال خلالها إن غزة مقبلة على مرحلة جديدة من المشاريع لخدمة أبناء هذا الشعب الفلسطيني. وفي ظل تساؤل الناس عن مصير التبرعات التي تصل الى قطاع غزة عن طريق الوفود المتضامنة خاصة، وان قافلة شريان الحياة أحضرت معها تبرعات عينية وغير عينية من سيارات وغيرها، وهل هذه التبرعات مقدمة لحكومة حماس أم للمحاصرين من الناس في القطاع؟
وفي غزة في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة وازدياد نسب الفقر والبطالة يكون للشيكل والخمسة شواكل قيمة كبيرة، وتكفي بعض العائلات لسد رمق أفرادها ليوم أو أكثر، وتؤثر في أصحاب الدخل المحدود من الموظفين والعمال العاطلين عن العمل.
مبرر وزارة التربية والتعليم دفع الرسوم هو تغطية مصاريف المدارس وتغطية احتياجاتها المختلفة. الحكومة تفرض قراراتها من دون دراسة (أو بدراسة) وعدم الشعور بالناس وهمومهم، وتطلق العنان لمديري ومديرات بعض المدارس للتصرف بجمع الرسوم بالطريقة التي يرونها مناسبة من دون تنسيق، ويتخذ هؤلاء قرارات مخالفة للقانون ولحقوق الإنسان من خلال فرض العقاب على الطلاب والطالبات، وحرمانهم من تلقي الدروس لإجبارهم على دفع الرسوم.
المشكلة لدينا في استمرار حكومة حماس بمخالفة القوانين والأنظمة، حيث لا يجوز لوزارة التربية والتعليم جمع الأموال تحت بند تبرعات إجبارية بدون قانون يسمح بذلك، فكيف تكون التبرعات إجبارية، ومن حق الناس التساؤل عن مصير تلك الأموال؟ الحكومة تتخذ قرارات تزيد من أعباء الناس في ظل الحصار وارتفاع الأسعار، وكأن من يضع هذه القرارات وينفذها بالتهديد والوعيد والحط من كرامة الطالبات والطلاب، والتعدي على حقوقهم وحرمانهم من حقهم في التعليم، وتهديدهم بعدم تعويض الدروس التي حرموا منها بالقوة، هو ليس من سكان قطاع غزة، ولا يشعر بهموم الناس ومعاناتهم.
_________________
تحياتي:
العقول الكبيرة تبحث عن الأفكار..
والعقول المتفتحة تناقش الأحداث..
والعقول الصغيرة تتطفل على شؤون الناس..
مدونة /http://walisala7.wordpress.com/