مذبحة صبرا وشتيلا : يوم اسود في التاريخ الشعب الفلسطيني
دم الأبرياء ما زال ينزف
في بداية يوم السابع عشر من أيلول 1982 وقبل عشرين عاما بدأت صفحة دامية من صفحات تاريخ الشعب الفلسطيني الملون بلون الدماء، حينما استيقظ لاجئو مخيمي صبرا وشاتيلا على واحدة من أبشع المجازر في تاريخ الشعب الفلسطيني ،فقد اقدم رجال الميليشيا في ذلك اليوم على قصف هذين المخيمين في ضواحي بيروت الجنوبية وذبحوا المئات من الأبرياء والعزل في حمام دم لا زال تقطر ذكراه إلى يومنا هذا .
ما حدث كان من الفظاعة بحيث يكاد لا يصدق: آلاف الرجال والنساء والأطفال الفلسطينيين واللبنانيين، من سكان مخيمي صبرا وشاتيلا، يقتلون في مجزرة وحشية، اشمأز لها العالم، وتسببت بانهيار حكومة مناحيم بيغن الإرهابية ، ولكن أيا من المجرمين الذين تولوا إصدار الأوامر أو تنفيذها لم يقدم للمحاكمة بعد !
خليط من الخوف والرعب انتاب من تلقوا الأنباء الأولى عن المجزرة، رغم التباسها آنذاك، فالآليات التي كانت تجوب الشوارع المحيطة بالمخيمين، ليلة السادسة عشر من أيلول 1982، حاملة مسلحين مقنعين، كانت تؤمن الحماية لمئات من المسلحين الذين توغلوا في بعض أحياء صبرا وشاتيلا، مزودين بأسلحة كاتمة للصوت وبلطات وسكاكين، أمعنوا بواسطتها فتكا بأسر كانت تظن انها آمنة.
الجريمة التي بدأت تحت جنح الظلام لم تلبث أن انكشفت مع تمكن بعض المصابين من الفرار، لكن انكشافها لم يوقفها، ولم يحل دون مواصلة القتلة تنفيذ مجزرتهم الوحشية طوال ثلاثة أيام بإشراف وحماية ومشاركة قوات الاحتلال .
وبدأت المجزرة
مع ليل السادس عشر من أيلول 1982 استباحت مجموعات ذئبية مخيم شاتيلا وحي صبرا المجاور وفتكت بالمدنيين فتك الضواري ومهما تضاربت المعلومات عن حقيقة ما جرى صبيحة ذلك اليوم وفي اليوميين التاليين فإن من المؤكد أن هذه المجزرة كانت جزءا من خطة مدبرة أعدها بأحكام وزير الدفاع الصهيوني آنذاك اريئيل شارون ورفائيل ايتان رئيس الأركان الصهيوني وجهات محلية أخرى في طليعتها القوات اللبنانية وكان ثمة اجتماع منعقد في مقر القوات اللبنانية في الكرنتينا قوامه اريئيل شارون وامير دروري وايلي حبيقة رئيس جهاز الأمن في القوات اللبنانية واقر في هذا الاجتماع الإسراع في إدخال مجموعات من أفراد الأمن الى مخيم شاتيلا وبالفعل بدأت هذه المجموعات في تجميع أفرادها ومعداتها في مطار بيروت الدولي استعدادا لساعة الهجوم وما أن أطبقت العتمة على المخيم ومحيطه حتى راحت القوات الصهيونية تلقي القنابل المضيئة فوق مسرح العمليات وفي هذه اللحظات بالتحديد كان أفراد القوات اللبنانية يطبقون على سكان المخيم الغارقين في ليلهم وبؤسهم وعندما استفاق العالم على هول ما جرى في هذه البقعة المنكوبة كان العشرات من الذين نجوا من المذبحة يهيمون على وجوههم ذاهلين تائهين وقد روعتهم المأساة وتركت في نفوسهم ندوبا من الأسى الأليم بعدما فقدوا كل شيء إباءهم و أمهاتهم واخوتهم وأطفالهم وزوجاتهم وبيوتهم وصور الأحبة وأشياءهم الأليفة ولم يتبقى لهم إلا غبار الشوارع وأنقاض المنازل المهدمة .
لقد أحكمت الآليات الحربية الصهيونية إغلاق كل مداخل النجاة للمخيم وكان الجنود الصهاينة يهددون الفارين من الرجال والنساء والأطفال بإطلاق النار عليهم في الحال لقد اجبروا على العودة ومواجهة مصيرهم وفيما اجمع المراقبون والمصورين والأجانب العاملون في الهلال الأحمر والمؤسسات الدولية على قول الصحافي الصهيوني امنون كابيلوك " بدأت المذبحة سريعا تواصلت دون توقف لمدة أربعين ساعة " وخلال الساعات الأولى هذه قتل أفراد الميليشيات الكتائبية مئات الأشخاص ، لقد أطلقوا النار على كل من يتحرك في الأزقة لقد أجهزوا على عائلات بكاملها خلال تناولها طعام العشاء بعد تحطيم أبواب منازلها كما قتل كثير في أسرتهم وهم نيام وقد وجد فيما بعد في شقق عديدة أطفال لم يتجاوزا الثالثة والرابعة من عمرهم وهم غارقون في ثياب النوم وأغطيتهم مصبوغة بدمائهم وفي حالات كثيرة كان المهاجمون يقطعون أعضاء ضحاياهم قبل القضاء عليهم لقد حطموا رؤوس بعض الأطفال الرضع على الجدران نساء جرى اغتصابهن قبل قتلهن أما في بعض الحالات فقد سحب الرجال من منازلهم واعدموا في الشارع لقد نشر أفراد الميليشيات الرعب وهم يقتلون بواسطة البلطات والسكاكين ودون تمييز لقد كان المستهدف بالضبط المدنيين الأطفال نساء وشيوخ ببساطة ثم استهداف كل ما هو يتحرك لقد عمد القتلة في الليلة الأولى إلى القتل الصامت بدون ضجيج فقلما استخدموا أسلحتهم النارية حتى لا يشعر اللاجئون العزل بما يجري ويقومون بالفرار من المخيمين .
وفيما لم يعرف بالضبط عدد الذين استشهدوا في تلك المجازر البشعة التي ارتكبت بحق الشعب الفلسطيني واللبناني فقد تراوحت الأعداد التي ذكرها المراسلون والشهود والمحققون من مختلف الأصناف بين عدة مئات وبين بضعة آلاف و أما الرقم الأدنى فقد أتى على لسان المدعي العام العسكري اللبناني حينها أسعد جرمانوس الذي أشار تقريره إلى أن عدد الذين قتلوا في صبره وشاتيلا ما بين 16- 18 أيلول بلغ 470 شخصا معظمهم من المقاتلين الذكور وبينهم عدد من "الإسرائيليين" والباكستانيين والجزائريين والسوريين إضافة إلى الفلسطينيين واللبنانيين وذكر التقرير أن بين القتلى 329 قتيلا فلسطينيا ، و أشار تقرير جرمانوس إلى وجود 109 شهداء لبنانين بينهم 12 طفلا و 8نساء أن تقرير جرمانوس الذي شكل فضيحة مكشوفة للسلطات اللبنانية في محاولتها إخفاء الجريمة كان ينسجم آنذاك مع سياسة الحكومة التي كانت قد وقعت بالكامل تحت نفوذ الكتائب وحلفاء "إسرائيل" ومن المعلوم أيضا أن تقرير جرمانوس كان يتناقض بالكامل مع معلومات كل من المخابرات الصهيونية والأمريكية التي قالت أن عدد القتلى يراوح بين 800 - 1000 شخص وعلى أي حال أرقام تقل كثيرا عن تقديرات شهود العيان من الصحافيين والعاملين الصحيين والمصورين الأجانب والعرب والناجين من المجازر الذين اجمعوا على أن الشهداء يتراوح بين 2000-3000 آلاف شهيد.
_________________
تحياتي:
العقول الكبيرة تبحث عن الأفكار..
والعقول المتفتحة تناقش الأحداث..
والعقول الصغيرة تتطفل على شؤون الناس..
مدونة /http://walisala7.wordpress.com/