النص الكامل لخطاب السيد الرئيس:
بسم الله الرحمن الرحيم
الإخوة المواطنون
يا أبناء شعبنا العظيم في جميع أماكن تواجده
أتقدم إليكم مجدداً في شهر رمضان الفضيل بأحر التهاني والتبريكات، آملا أن يكون هذا الشهر مناسبة عظيمة لتأكيد وحدة شعبنا بأسره، وللتعبير مجدداً عن تصميمنا على السير قدماً على طريق انتزاع حرية شعبنا وعودة لاجئيه ومشرديه، وإقامة دولة فلسطين الديمقراطية المزدهرة فوق ترابنا الوطني بعد رحيل الاحتلال وتحرير سجنائنا وأسرانا البواسل.
إننا نتوجه بعد أيام قليلة إلى واشنطن لإطلاق جولة جديدة من المفاوضات مع إسرائيل وقيادتها، تحت رعاية الولايات المتحدة وسيادة الرئيس مبارك وجلالة الملك عبد الله الثاني، واللجنة الرباعية الدولية التي أيدت إطلاق هذه المفاوضات، وحددت الأسس التي ينبغي أن تقوم عليها ورسمت الطريق ووضعت الأهداف التي يجب الوصول إليها.
لقد قطعنا طريقاً طويلاً للوصول إلى هذه المفاوضات، وأسهمت معنا أمتنا العربية عبر دور لجنة المتابعة العربية في صياغة الأسس التي تضمن الحد الأدنى لإطلاق مفاوضات جادة، سواء كانت غير مباشرة أو مباشرة، منطلقين في هذا المسعى من الأسس التي قامت عليها مبادرة السلام العربية باعتبارها القاعدة المشتركة التي تقود إلى إحلال سلام عادل ومتوازن في منطقتنا، يضمن حقوق شعبنا الوطنية، ويزيل الاحتلال عن جميع الأراضي العربية المحتلة، ويوفر الأمن والحرية والسلم الفعلي لجميع دول المنطقة وشعوبها بما فيها شعبنا الفلسطيني.
ولا بد لي في هذا المجال من تقديم الشكر والعرفان لجميع أشقائنا العرب وللمجموعة الدولية بأسرها التي ساندتنا، ودعمت مواقفنا العادلة، تلك المواقف التي تستند إلى الشرعية الدولية وقراراتها والى الاتفاقات الموقعة والالتزامات التي حددتها خارطة الطريق وقرارات مجلس الأمن وسواها من المرجعيات التي ستظل المرشد الأساس لجميع المفاوضات، وللاتفاقات التي يمكن أن تسفر عنها تلك المفاوضات.
أيتها الأخوات والإخوة
إذا كنا وافقنا على تلبية الدعوة الأمريكية لحضور اجتماع واشنطن من أجل الانتقال إلى المفاوضات المباشرة، فإن موافقتنا هذه التي وصلنا إليها بعد مشاورات فلسطينية وعربية ودولية واسعة، إنما استندت إلى بيان اللجنة الرباعية الدولية بكل ما احتواه من عناصر وقواعد وضمانات.
فقد أكد البيان وكل البيانات السابقة للجنة الرباعية الدولية التي عبرت أطرافها الأربعة – أمريكا والاتحاد الأوروبي وروسيا والأمم المتحدة عن الالتزام بها، أكد البيان على ضرورة إنهاء الاحتلال الذي وقع عام 1967، وبما يشمل القدس الشرقية، وعلى عدم الاعتراف بالضم الإسرائيلي لها وأية إجراءات تستهدف تغيير طابعها ومعالمها، كما أكد على ضرورة قيام دولة فلسطين المستقلة والقابلة للحياة، وعلى رفض الاستيطان وضرورة وقفه التام في القدس وجميع الأراضي الفلسطينية المحتلة بما في ذلك ما يسمى النمو الطبيعي المزعوم.
وعبر البيان وجميع البيانات السابقة له عن الالتزام بجميع قرارات مجلس الأمن الدولي وخارطة الطريق ومبادرة السلام العربية.
إننا نذهب إلى المفاوضات مسلحين بهذه المواقف والالتزامات، ولن نحيد عنها، وسنضع جميع الأطراف دون استثناء أمام مسؤولية الالتزام بها وتطبيقها، إذا كانت تلك الأطراف تسعى وتستهدف فعلاً الوصول إلى سلام حقيقي وقابل للحياة والرسوخ.
ومن الواضح للجميع أن المواضيع التي ستتناولها المفاوضات هي قضايا الوضع النهائي والتي تشمل القدس واللاجئين والحدود والمستوطنات والأمن والمياه والإفراج عن الأسرى، ولن ندخل في متاهات أو نقبل باستدراجنا إلى أمور هامشية لحرف المفاوضات عن بحث هذه القضايا الجوهرية والوصول إلى حلول لها وفق قواعد الشرعية الدولية وقراراتها.
لقد نظرنا دائما إلى المفاوضات باعتبارها ميداناً هاماً من ميادين كفاحنا السياسي والشعبي المشروع للوصول إلى أهدافنا، ولرفع الظلم التاريخي الذي لحق بشعبنا العظيم الذي لا يزال يعاني كآخر شعب من شعوب العالم من سطوة احتلال استيطاني وعسكري يدمر مقومات حياته ويحرمه من ابسط الحقوق الوطنية والإنسانية التي تتمتع بها اليوم جميع الأمم بدون استثناء.
إننا نسير إلى هذه المفاوضات وسلاحنا الأقوى هو الإيمان الراسخ بحقوقنا وشرعيتها، والثقة بأنفسنا لأننا أبناء شعب قدم مئات الألوف من الشهداء والأسرى والجرحى، وواصل جيلا بعد جيل نضاله لانجاز حريته واستقلاله، وتحمل كل ألوان العذاب والاضطهاد والعنصرية دون أن يلين تصميمه على ضرورة أن يرى يوماً جديداً يحقق فيه للأجيال القادمة مستقبلاً واعداً ومشرقاً ومليئاً بالأمل.
لقد توصلنا في إطار القيادة الفلسطينية إلى موقف يؤكد على ضرورة أن لا نحول قضية صراعنا من أجل إنهاء الاحتلال إلى مجرد خلاف مع إسرائيل أو غيرها حول شكل المفاوضات، بل أن نحول المفاوضات إلى عمل جاد لإبراز المضمون والقضايا الجوهرية التي لا نجد في العالم اليوم من يختلف معنا حول أسس وسبل حلها كلها، وفق قرارات الشرعية الدولية، وبما يكفل لنا التحرر من الاحتلال والوصول إلى الاستقلال.
وإذا كان هنالك من يختلف معنا في التقدير وفي الحسابات السياسية الدقيقة، فإن المساحة الواسعة من الديمقراطية الفلسطينية بما فيها حق التعبير والاختلاف في الرأي، تلك المساحة تكفل للجميع دون استثناء أن يشاركونا أعباء هذه المسيرة بالرغم من جميع إشكال التباين والاختلاف، إن ديمقراطيتنا شاملة وراسخة، وسوف تظل مزدهرة ومتطورة وفق المعايير التي يجمع عليها عالمنا اليوم، ولن يكون هنالك أي مساس لها آو تراجع عنها.
وفي هذه اللحظات الحاسمة من تاريخ المنطقة، فإننا نأمل أن نجد لنا في إسرائيل شريكاً قادراً على اتخاذ قرارات ومواقف جوهرية ومسؤولة نحو إنهاء الاحتلال وضمان الأمن الحقيقي لكلا الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي، ونحن من جانبنا نؤكد أننا لم نتعامل في الماضي إلا مع حكومات ومؤسسات اختارها الشعب الإسرائيلي، ولذا نقبل بالشراكة معا على هذا الأساس مهما كان تركيبها أو طابعها.
إننا نؤكد على حاجة إسرائيل وحاجتنا إلى الأمن، غير أن الأمن لا ينبغي أن يظل مجرد ذريعة لتبرير التوسع والاستيطان والاستيلاء على أراضي وحقوق الغير بالقوة.
وأود أن أشير هنا إلى أن مواقفنا تجاه الاستيطان وعدم شرعيته، وتجاه التوسع الاستيطاني لم يتغير، ولا بد أن أقول اليوم بصراحة وبكل وضوح ما كنا قد أبلغنا به جميع الأطراف بمن فيها الراعي الأمريكي لهذه المفاوضات قبل موافقتنا على المشاركة فيها، إن حكومة إسرائيل سوف تتحمل وحدها المسؤولية عن تهديد هذه المفاوضات بالانهيار والفشل، في حال استمرار التوسع الاستيطاني بجميع مظاهره وأشكاله في سائر أنحاء الأرض الفلسطينية التي احتلت منذ عام 1967.
أيتها الأخوات أيها الإخوة
لقد تعودنا على الصراحة والوضوح والمكاشفة الأمينة معكم يا أبناء شعبنا أينما كنتم وسنظل معا نعمل وفق هذه القواعد، فالطريق صعب ومليء بالأشواك والعثرات، ولكننا قادرون جميعاً على اجتيازه وعبوره بتصميمنا ووحدتنا وتمسكنا بقيمنا الوطنية والديمقراطية، وبمساندة أشقائنا والعالم بأسره لنا.
تحية لكم جميعا أينما كنتم، تحية محبة ووفاء إلى أسرانا البواسل وعائلاتهم وإلى شهدائنا العظام الذين مهدوا لنا درب الحرية.
وكل عام وانتم بخير
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
_________________
تحياتي:
العقول الكبيرة تبحث عن الأفكار..
والعقول المتفتحة تناقش الأحداث..
والعقول الصغيرة تتطفل على شؤون الناس..
مدونة /http://walisala7.wordpress.com/