الخليفة الرابع شهيداً... "علي بن أبي طالب"
رضي الله عنه
بقلم: د. خالد يونس الخالدي
رئيس مركز التأريخ والتوثيق الفلسطيني بغزة
في مثل هذا اليوم، التاسع عشر من رمضان، لعام 40هـ، استشهد الخليفة الراشد علي بن أبي طالب- رضي الله عنه- على يد الخارجي المجرم عبد الرحمن بن ملجم، وكان أحد ثلاثة من الخوارج، اجتمعوا في مكة، وتعاقدوا على قتل علي بن أبى طالب، ومعاوية، وعمرو بن العاص، فقال ابن ملجم: أنا لعلي، وقال البرك: أنا لمعاوية، وقال الآخر: أنا لعمرو، وتعاهدوا أن لا يرجع أحد عن صاحبه حتى يقتله، أو يموت دونه، وتواعدوا أن يكون التنفيذ ليلة السابع عشر من رمضان، فتوجه كل واحد إلى المصر الذي فيه صاحبه الذي يريد قتله، فضرب ابن ملجم عليًا، رضي الله عنه، بسيف مسموم في جبهته، فأوصله دماغه، في الليلة المذكورة، فأصيب إصابة خطيرة، توفي على إثرها، وأُخذ ابن ملجم، فأُدخل على عليّ، فقال: "أطيبوا طعامه، وألينوا فراشه، فإن أعش فأنا وليّ دمي، عفوٌ أو قصاص، وإن أمت فألحقوه بي، أخاصمه عند رب العالمين".
وروي بأن عليِّاً قال لمّا ضربه ابن ملجم: "فزت ورب الكعبة"، وأوصى وصيته، ثم قال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، ثم لم يتكلم إلا بلا إله إلا الله، حتى توفي.
ولأمير المؤمنين علي بن أبي طالب فضائل كثيرة، فهو أخو رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالمؤاخاة، وصهره على فاطمة، سيدة نساء العالمين، وأبو السبطين، وأحد العشرة الذين شهد لهم رسول الله بالجنة، وأحد الستة، أصحاب الشورى، الذين توفي رسول الله وهو عنهم راض، وأحد العلماء الربانيين، والشجعان المشهورين، والزهاد المذكورين، وأحد السابقين إلى الإسلام، استخلفه النبي حين هاجر من مكة إلى المدينة، ليقيم بعده بمكة أيامًا، حتى يؤدي عنه الودائع التي كانت عنده، ثم يلحقه بأهله، ففعل ذلك.
وشهد مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بدرًا، وأُحُدًا، والخندق، وبيعة الرضوان، وخيبر، والفتح، وحنينًا، والطائف، وسائر المشاهد إلا تبوك، فإن النبي استخلفه على المدينة. وله في جميع المشاهد آثار مشهورة، وأعطاه النبي -صلى الله عليه وسلم- اللواء في مواطن كثيرة.
وقد وردت في فضائله أحاديث كثيرة، سجلتها كتب الصحاح، فعندما خلفه رسول الله في غزوة تبوك، على المدينة، قال: يا رسول الله: تخلفني في النساء والصبيان؟ فقال: (أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى، غير أنه لا نبي بعدي). وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم خيبر: (لأعطين الراية غدًا رجلاً يفتح الله على يديه، يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله)، ثم أعطاها لعليّ. ولما نزل قوله تعالى: {نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ}، دعا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عليًا، وفاطمة، وحسنًا، وحسينًا، فقال: (اللهم هؤلاء أهلي)، وأوصى قبل وفاته بهم، فقال: ( وأهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي). وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إن الله أمرني بحب أربعة، وأخبرني أنه يحبهم، قيل: يا رسول الله، سمهم لنا، قال: (عليٌّ منهم)، يقول ذلك ثلاثًا، (وأبو ذر، والمقداد، وسلمان، أمرني بحبهم، وأخبرني أنه يحبهم).
وروى مسلم أن علياً- رضي الله عنه- قال: "والذي فلق الحبة، وبرأ النسمة، أنه لعهد النبي الأمي -صلى الله عليه وسلم- إليَّ: ألَّا يحبني إلا مؤمن، ولا يبغضني إلا منافق".
رحم الله أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رحمة واسعة.
وما يجب أن يعلمه خوارج زماننا، الذين يستحلون دماء المسلمين الأتقياء المجاهدين، بحجة أنهم يخالفونهم في الرأي، أو التنظيم، أو الفكر، أنهم إخوان لعبد الرحمن بن ملجم، الذي كان يدعي الغيرة على الدين والأمة مثلهم، لكنه أقدم على قتل صحابي جليل، وصاحب فضل عظيم، أوصى بحبه الله ورسوله.
_________________
تحياتي:
العقول الكبيرة تبحث عن الأفكار..
والعقول المتفتحة تناقش الأحداث..
والعقول الصغيرة تتطفل على شؤون الناس..
مدونة /http://walisala7.wordpress.com/