أمهات الأسرى يتجرعن كؤوس الموت والألم أملاً في لقاء أبنائهن
غزة_ من هبة الإفرنجي/ الوطن للصحافة - نساء فلسطينيات منهم الأمهات ومنهم الزوجات اللواتي يمر بهن قطار الحياة، الفاجعة الأكبر عندهن هو أن يتوقف عند المحطة الأخيرة دون تحفل بفرصة معانقة من خرج من أحشائها حالما بالحرية منذ الصغر، ومنهن من يكملن ركوبه نحو مجهول لا يعلمه سوى الله وقرار المحاكم الإسرائيلية.
لا تخلو ألسنتهم من الدعاء بأن يمد الله بأعمارهم حتى يحْضيْنَ برؤية أبنائهم ولو لمرة واحدة، وأن يلمع بريق الإفراج عنهم عاجلا قبل أن تخطفهم قوارب الموت.
قابلت العديد من النساء اللواتي اجتمعن في الصليب للمشاركات في الاعتصام الأسبوعي لتوثق ما في جعبتهم من لوعة اختلطت ما بين الألم والأمل، والذي تخلله تقديم العزاء بوفاة أم محمد والدة الأسير رامز الحلبي إثر جلطة قبل شهر واحد من الإفراج عن ابنها الأسير، استمعت لما في قلوبهن من آلام وآمال.
قدر ومكتوب
عقبت والدة الأسير ناهض حميد والتي أنهت من العمر ما يقارب الخامسة والستون عاما بأنها متأكدة بعدم رؤية ابنها لربما مدى الحياة، فناهض قد حرم من الحرية ومن محاكمة عادلة فهاهو يقبع في سجون الاحتلال دون محاكمة منذ أربع سنوات.
واستدركت بالقول: "قدر ومكتوب أن أموت من غير ما أشوف ابني، نفسي بس أحضنوا مرة وحدة ".
بينما أم الأسير بهاء الدين القصاص انفجرت غضبا ويأسا يعتريها من رأسها حتى أخمص قدميها حينما سمعت بوفاة والدة الأسير الحلبي، فقد اعترت ملامحها ومضات من التخوف أن ينولها ما أصاب والدة الأسير رامز الحلبي قائلة: "يمكن ليوم أو بكرة أموت الله أعلم، وعيوني ما نظرت ابني ولا سمعت صوته".
وباشرت بالحديث بحسرة قائلة: "الانتظار صعب والله ينولني شوفته، ظايله13 سنة في محكوميته، صار عمري 72 سنة نفسي أشوفه قبل ما أموت".
يُجَرِعن الفؤاد بمعاناتهن، فالأسرى لا صوت يصل إليهم ولا صوت منهم يخرج لأهاليهم إلا ما نذر، وما لأولئك النسوة إلا أن يسكبن الدموع أيام وليال، علها تكون شفيعة لهم وترقق القلوب، ولكن أي قلوب فلا قلوب للاحتلال الإسرائيلي الغاشم.
تردد والدة الأسير بكلمات متثاقلة يتنبه المستمع من خلالها بهدرجة وصوت مكسور: "حسبنا الله ونعم الوكيل، أي دولة عربية بتقبل على حالها إلى صاير لنا، أمهات أسرى بيموتوا الواحدة ورا الثانية وما بيشوفوا أولادهم بأي قانون دولة هاد الكلام".
فيما الستينية والدة الأسير عبد الحليم بدوي تمسح ما افتعلته حرارة الجو من عرق غزير عقبت على ما يدور من معاناة لأهالي الأسرى بأنه: "ألم وحزن وغضب لا يوصف، أم أسير تموت دون ما ترى ابنها، هو إجرام بحق الفلسطينيات وتتحمل الدول العربية والمجتمع الدولي مسؤولية كل ما يحدث أمام الله وأمام العالم كله".
نفضت بقايا الغبار العالق بأطراف ثوبتها ونهضت تدعو الله أن يعينها على الوصول لبيتها بعدما جف حلقها عطشا إثر الصوم في جو حار اقتربت موجهة الحديث والناس تارة لي وتارة لزميلي المذيع قائلة: " يعلم الله بأنه نأكل كمن يتجرع السم غصبا عنه، فكل يوم ندعو الله أن يمد بأعمارنا لنقتنص فرصة عناق واحد مع أبنائنا وأزواجنا في تلك السجون الحقيرة".
الخناجر تمس قلوبهن الخافقة شوقا مع كل حادثة هنا أو هناك يعشن معهم كل معاناتهم وعن ذلك تشير كل من والدة الأسير نضال الصوفي وأحمد ترابين إلى أن أبنائهم لا تصل إليهم النقود أو الرسائل فالتشديد الإسرائيلي على الأسرى وصل إلى حد حرمانهم من استلام أموالهم أو رسائل من عوائلهم.
وتضيف والدة الأسير الصوفي: "أنا والدة شهيد لم يمض على زواجه عشرة أيام وزوجة مصاب ولم يُغفر لي ذلك، فكنت والدة أسير أيضا".
وناشدت والدة الأسير الترابين جميع المسئولين في غزة والضفة ضرورة التحرك للإفراج العاجل عن جميع الأسرى الذين ضحوا بحياتهم من أجل فلسطين ومن أجل قضيتها العادلة.
كلمات تخز القلب وتأججه ببركان من اللوعة والألم فما أصعبها من أم شارفت على أن تركب قاربها الأخير في الحياة، ونهايتها الحتمية دون أن يتجرع ابنها من أحضانها الدافئة، أمهات كثر رحلن عن الحياة آملين أن تكون الدار الآخرة ملتقى الأحبة.
_________________
تحياتي:
العقول الكبيرة تبحث عن الأفكار..
والعقول المتفتحة تناقش الأحداث..
والعقول الصغيرة تتطفل على شؤون الناس..
مدونة /http://walisala7.wordpress.com/