شيء من رثاء النفس فراس حج محمد/فلسطين- نابلس |
يَجِنُّ عَلَيَّ الليْلُ، والليْلُ خاذِلُ | بِمُنْعَرِجٍ فيه الهُمومُ نَوازلُ |
ليَ الويلُ من ضِيق الصدور ونَفْثِها | تعاند روحا، والبلاء مُخاتلُ |
وهذي خطوب الحادثات عَرَكْنَنَي | بسهم الرزايا والشقاءُ سلاسلُ |
على القلب تجثو تَسْتَكِنُّ بحرِّها | فتصعد للعينين منها القلاقلُ |
تظلُّ بِثِقْلِ الوقتِ تنظر عَلَّها | تُزَجَّى بشر الحِمْل منها الحواملُ |
فإن يكُ في القلب العليل تولهت | هموم تُغِلُّ النفسَ منها الغوائلُ |
فيا أيُّها الموتُ الجليلُ تجلّيَنْ | ويا قبريَ المَوْصودُ، أين المعاولُ؟ |
فما عاد في شَوْقِ الحياة تشوّقٌ | وما عاد للأفراح تحدو الزواجلُ |
وهلت بروق تحرق النفسَ نارُها | فصارت رمادا شارحا يتخايلُ |
وغاب الذي كان الوعود تُجِنُّهُ | ومات الذي في الفكر يرجوه خاملُ |
وصد صدودَ الذاهلين أحبةٌ | وغامت بلا أمن، تُشَدُّ الرواحلُ |
وشتَّتْ كتشتيت الغواية صحبةٌ | وزاد بهجْر في الضلالة عاجلُ |
ومات بعيني كلُّ أبيضَ فاتنٍ | وصارت بأكفان تموج وتُعقَلُ |
وتذبُل في الدرب الغراسُ خجولةً | وتُضحي كأن الفأسَ فيها يُداولُ |
أداوي جروحا قرّح اليأسُ حدّها | فتخسأ آمالي، ويردى المُحاولُ |
وإنيَ قد شارفت من بعد سبعة | ثلاثين عاما بالجراح أُباهلُ |
وإنيَ ما عشتُ العُمَيْرَ حقيقة | ويمضي شقاء شاحبا يتآكلُ |
ففي كل عام تشرق الشمس أرتجي | خلاصا لهمي، بالسعادة آملُ |
ولكنْ أرى دهري يعيد سلاحه | سيوفا بحد الشفرتين يقاتلُ |
فيقتل آمالي وأمضي كما أنا | غريب سقيم للحياة أجاملُ |
وإنيَ لا أشكو لفقر وحاجة | وعاهة أجساد بها أتمايلُ |
ولكنْ لراحة بال قد سلبت سلامها | فأغدو صريعا بالهداية جاهلُ |
فكيف لروحي أن تنام بليلها | وسهم الليالي نحو قلبي يناضلُ |
تنام عيون الساهرين وأمتطي | نجوما بليلي بالخواء أقابلُ |
فيا ليلُ إن الهمَّ بعض أحبتي | فهلا تُهَرَّبُ بعضَ وقتٍ، تماطلُ |
وأصحو وفي أذني رعود وجلبةٌ | أخامر أصواتا، تزنُّ المراجلُ |
وإني أخاف الليل والليل مزعجٌ | يحيط بركبٍ للسآمة ناهلُ |
أحاول أن أبكي أفرّج كربتي | فتأبى دموع العين، فيّ بواخلُ |
ويُشقي فؤادي صِبية وصبيةٌ | ضعاف يدانون الحياة غوافلُ |
فلم أتركِ الأحلام تجري بفكرهمْ | فأشقيتهم بالبؤس، والفرح غائلُ |
فهل يا ترى كانوا ضحية عيشتي | أجرهم إلهي، والشر بالجد بازلُ |
وجنبْ إلهي صبيتي وصبيّتي | لئاما لهم في الناجذَيْن مقاتلُ |
ووسع إلهي صدرهم بمعيشةٍ | وراحة بال لا شقاءٌ يثاقلُ |
ومتّعْ إلهي بالسعادة جمعهمْ | ينامون جذلى، في الهدوء أوائلُ |
فإني دعوت الله أطلب عونه | بتفريج كرب النفس، والنفس تأملُ |
أغثني إلهي يا عليم بحالتي | فغوثك رحمات، وحكمك كافلُ |
أسلّمُ روحي للرحيم لعلني | أشفى وأرضى، والحتوف نواهلُ |