ضعف التكنولوجيا امام غضب الطبيعة
د. صالح بكر الطيار
رغم
كل الإكتشافات والإختراعات التي ابتكرها الإنسان على مدار الزمن وحتى
اليوم ، ورغم اهمية الوسائل التكنولوجية المتطورة التي يمتلكها فإنه لم
يتمكن من التنبوء بأخطار الظواهر الطبيعية مثل الزلازل والهزات والبراكين
، كما أنه غير قادر عند حصول هذه الظواهر من التحكم بها او على اقرب تقدير
من الحد من مخاطرها . وخير مثال على ذلك السحب الدخانية التي افرزها بركان
ايسلندا والتي حملت معها انبعاثات لمعادن منصهرة وأتربة وأحماض مختلفة
وأنتشرت في سماء اوروبا الى حد شلت معها حركة الطيران في 30 دولة ، وأقفلت
313 مطاراً ، وحجزت نحو 6.8 مليون مسافر في اماكن بعيدة عن دولهم ومدنهم.
وأفادت التقارير المختصة ان السحب البركانية التي بقيت ناشطة لمدة ستة
ايام قد ادت الى الغاء 100 الف رحلة وألحقت بشركات الطيران خسائر وصلت الى
حدود 1.7 مليار دولار والتي ستحتاج الى ثلاث سنوات على الأقل لتعويض هذه
الخسائر التي شبهها البعض بأحداث 11 ايلول / سبتمبر جديدة لجهة تداعياتها
التي بينت مدى عجز الدول المتطورة والمتقدمة عن مواجهة اخطار الطبيعة ،
كما بينت عدم امتلاك هذه الدول خططاً لمواجهة الحالات الطارئة . وهذا ما
دفع بالهيئة الدولية للنقل الجوي «اياتا» الى توجيه انتقادات حادة الى
الحكومات الأوروبية بسبب الفوضى في طريقة إدارة أوروبا لأزمة سحب الرماد
البركاني حيث كان من المفترض اعلان اقفال جزئي لبعض المطارات وليس الإقفال
الكلي ووقف حركة 28 الف رحلة يومياً . وإذا كانت المطارات قد عاودت حركتها
إلا ان الخطر لا زال قائماً لأن الجيولوجيين ومعهم كل ما يملكون من تقنيات
ووسائل بحث متطورة لم يتوصلوا بعد الى معرفة ما اذا كان بركان ايسلندا قد
قرر اخماد نفسه او انه يستعد لثورة غضب اخرى ، بدليل ما افاد به الخبير في
مصلحة الأرصاد الأيسلندية هيورليفر سفينبيورنسون بقوله أن «نسبة الرماد
تقلّصت بنسبة كبيرة، وطبيعة السحابة تتغير وبدأ لونها يتحول من الرمادي
إلى الأبيض، ما يعني أنها عبارة عن مياه تتبخر». لكن الخطر لم يزل بعد،
فالصخور المنصهرة قد تفتح ممرات جديدة للمياه لتجري إلى فوهة البركان
وتتسبب بمزيد من الثوران وعودة انبعاث الرماد. وأياً تكن التطورات
البركانية التي ستحصل فإن الخسائر قد وقعت في وقت كانت فيه شركات الطيران
تعاني اصلاً من ازمة كبيرة حيث بلغت خسائرها العام الماضي 9.4 مليار دولار
يضاف اليها الأن نحو مليارين مما يعني ان هناك شركات طيرات صغيرة ومتوسطة
الحجم ستقفل ، وأعداد كبيرة من الموظفين سيصبحون دون عمل ، وأسعار بطاقات
السفر سترتفع وسيدفع حكماً المسافر ضريبة غضب الطبيعة لأن الحكومات في
الدول المتطورة تملك كل الإمكانيات لإفتعال ازمات في كل انحاء العالم
ولكنها اعجز من تواجه تداعيات أي ازمة ..!!
رئيس مركز الدراسات العربي الاوروبي
_________________
تحياتي:
العقول الكبيرة تبحث عن الأفكار..
والعقول المتفتحة تناقش الأحداث..
والعقول الصغيرة تتطفل على شؤون الناس..
مدونة /http://walisala7.wordpress.com/