تعالوا إلى كلمة سواء..
الكاتب: عـبــد الله مــحــمّــد الــــعـــــقّــاد
مدير إدارة التنمية والتطوير- هيئة التوجيه السياسي والمعنوي
انعقد مؤتمر القمة العربية الـ22 بمدينة سرت الليبية وانتهى، وسينعقد الـ23
طبعاً وسينتهي.. وهكذا دواليك، وبعدها نقع في اللوم والعتاب وخيبة الأمل.
ونقف ننتظر من يمد لنا يد العون. وحتى لا نبقى ندور في رحى هذه الدائرة؛
انتظار ولوم وخيبة أمل وعتاب، والسؤال: هل نحن (الفلسطينيون) متفقون على ما
نريد؟ وكيف نصل إلى ما نريد؟ إذا فعلنا ذلك نضع الجميع تحت واجب المسؤولية؛
لأن امتطاء صهوة القضية الفلسطينية ليس بالشأن السهل، و لا أظن أن جيلاً
يمكن أن يحسمها مهما بلغت درجة انتمائه أو عطائه، فإن أجيالاً ستتعاقب حتى
نصل إلى حقوقنا كاملة، وليس منقصة أن لا تسعفنا أعمارنا لنكمل المشوار،
ففلسطين ليست متعلق شخصي أو موروث تنظيمي.
وحتى نكون على مستوى التحدي، واستحقاق هذه المكانة؛ يجب أن نجعل من ماضينا
معيناً للعبر والعظات؛ لفهم حاضرنا، ونستشرف مستقبلنا ونحن أكثر تهيؤاً له،
واستعداداً لكل استحقاقاته.
ومن الجدير بالذكر: أن نذكر كيف وضعت الحركة الصهيونية خطتها الاستراتيجية
لقيام كيانٍ يهودي غاصبٍ على أرض فلسطين في مؤتمر بال بسويسرا سنة 1897م..
وفلسطين وقتئذٍ في كنف الأمبروطورية العثمانية.. وكأنه أشبه بالخيال أقرب
منه للحقيقة!! ولكن من يحدد هدفه تنحني له الصعاب مفسحة له الطريق!
أنظر إلى هؤلاء كيف انتصروا لباطلهم،حتى كان لهم ما أرادوا، لأنهم أتوا صفاً
موحداً، مع أنهم في الحقيقة {.. بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ
جَمِيعاً وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَعْقِلُونَ }
(الحشر:14)، وحدّهم الهدف، فنسوا خلافهم واختلافهم، وبعد ذلك انطلقوا يلتمسوا
تعاطف العالم حيناً، والابتزاز أحياناً.. وغير ذلك الكثير من الأساليب
والدهاليز.
ثلاثة أسئلة فقط لو أجبنا عليها بوضوح وصراحة ومصداقية عالية، فإننا بذلك
نرسم معالم خطتنا الاستراتيجية؛ لنوظف بها كل طاقات الشعب الفلسطيني بتعاقب
أجياله ، ومن ثمَّ الشعوب العربية والإسلامية، بل وكل أحرار العالم في خدمة
قضيتنا، أخذاً بسنن الله تعالى الكونية التي لا تجامل ولا تحابي أحداً: {..
فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ
اللَّهِ تَبْدِيلاً وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلاً } (فاطر:
43).
أين نحن؟.
هل نحن في مرحلة بناء وطن؟ أم تحرر وطني؟ أم كلاهما_ على اعتبار أن كل شبر
يغرب عنه الاحتلال قد حُرِّر؟. فتحديد المكانة يعتبر الركن الأول من أركان
التخطيط الإستراتيجي.
ماذا نريد؟.
لو توجهنا بهذا السؤال لكل فصائل العمل الوطني، بكل أطيافها السياسية
والأيدلوجية، لتحدد الإجابة بوضوح واختصار. فإن الجواب سيُلخص في كلمتين
اثنتين) :إزالة الاحتلال).
ولا أظن فصيلاً وطنياً يشكك في ذلك الجواب فضلاً أن يعترض عليه! ولاسيما
أنها جميعها تحمل في أسمائها معنى التحرر ومقاومة الاحتلال..
وتحديد ما نريد _نحن كشعب واقع تحت الاحتلال_ يُعتبر الركن الثاني من أركان
التخطيط الإستراتيجي.
لكن: كيف نصل إلى ما نريد؟
يتطلب الجواب ابتداءً، الابتعاد عن أن يتهم أحدٌ أحداً، إذا كان الكل يحرص
أن يصل إلى غايته، وعدم التجمد عند الوسائل طلما أن البدائل مشروعة ،
فالمهم أننا متفقون على الهدف متجردون له، ومتخففين من كل ما يمكن أن يكون
معيقاً، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَا لَكُمْ إِذَا
قِيلَ لَكُمُ انفِرُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَرْضِ
أَرَضِيتُم بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ
الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلاَّ قَلِيلٌ } ( التوبة:38)
وأن نختار الوسائل الواعية المؤثرة على الاحتلال، والمؤلمة له، والحرص ما
أمكن على الاستفادة من أي جهد يمكن توظيفه في الوصول لهدفنا الاستراتيجي.
فنحن لسنا بدعاً من الأمم: {قُلْ سِيرُواْ فِي الأَرْضِ ثُمَّ انظُرُواْ
كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ } (الأنعام:11)، فلنعد إلى التاريخ
فهو: (سياسة مجمّدة على شكل حروف) وهو المختبر التجريبي لعلم الاجتماع
والسياسة.. فنسأله: كيف تحررت الشعوب التي وقعت تحت نير الاحتلال،
الاستيطاني الاحلالي؟.
لنصل إلى حقيقة ثابتة واضحة، بحيث لا نُحرم من أي وسيلة مشروعة. ولكن: متى
نستخدم هذه الوسيلة أو تلك؟ وكيف نستخدمها؟ وأين يمكن استخدامها؟
أما عن الحديث عن الإطار الزمني: حيث يستمر العمل لإزالة الاحتلال بكافة
الوسائل المشروعة، طلما أنه واقع، وفق توافق وطني، بتناغم وتكامل بين الكل
الوطني الفلسطيني، دون تحقير أو استخفاف أو تشكيك بالنوايا!. وليكن الشعار
(شركاء في القرار.. شركاء في المصير).
أما عن المكان: يتوجب أن نحمل قضيتنا إلى كافة الميادين والمحافل التي يُشرع
فيها العمل بالوسائل الممكنة وبما تستحقه، فقد يتسع المجال في الطرق السياسية
والدبلوماسية، ما لا يسعه في المجال العسكري الذي ينبغي أن يُقصر في كل مكان
واقع تحت الاحتلال، لأنه ليس بعد الاحتلال جريمة!!).. فتحديد البدائل
والوسائل والأساليب من غير جمود أو تجمّد يُعتبر الركن الثالث الأهم من أركان
التخطيط الإستراتيجي.
وأخيراً .. فإنه يتوجب _ في ظليل التعنت الصهيوني، والتواطؤ الدولي، والعجز
العربي والإسلامي_ العمل على تمتين خيار المقاومة، المقاومة التي تزاوج بين
العمل السياسي والعمل العسكري، المقاومة التي تحسن الموازنة بين المصالح
المتعارضة: سواءً بتحقيق مصلحة أو درء مفسدة، والتي ترتب الأولويات في ضوء
الحاجة أو الضرورة، وتعرف مآلات الأمور وعواقبها، وتحشد كافة ألوان الدعم
والتأييد. كل ذلك وفق خطة استراتيجية تتطلع لتحقيق رؤية وطنية واحدة: واضحة
الغايات ومحددة الأهداف ومتوافقة على البرامج والإجراءات.
فقد يُعبَّر عنها بالمقاومة الرشيدة, أو البندقية المسيَّسة. فلا مشاحة في
المصطلح إذا توافقنا على المفهوم.. تعالوا إلى كلمة سواء.
والله أسأل ألّا تكون صرخةً في واد، أو نفخةً في رماد..
Akad2200@hotmail.com
_________________
تحياتي:
العقول الكبيرة تبحث عن الأفكار..
والعقول المتفتحة تناقش الأحداث..
والعقول الصغيرة تتطفل على شؤون الناس..
مدونة /http://walisala7.wordpress.com/