وطنية الشباب على الانترنت .. تأكيد انتماء أم بحث عن هوية؟
عشرات الملايين من الشباب العربي يفضلون إعلان انتماءهم للوطن من خلال
منتديات الانترنت ومواقع التواصل الاجتماعي وفى مقدمتها موقع فيس بوك،
وعبر المدونات والمواقع الشخصية للمشاهير من الدعاة والسياسيين
والرياضيين، الدعاة مثل عمرو خالد أو الدكتور محمد العريفي أو الدكتور
طارق السويدان وغيرهم وجدوا في شبكة المعلومات فرصة ذهبية للإعلان عن
مشروعاتهم التي تكثف الانتماء للوطن العربي والإسلامي.
واتجه الشباب أيضا لممارسة الانتماء على الشبكة بطريقته الخاصة، فمنهم من
يعبر عن حب الوطن من خلال مواقع خاصة ومشتركة مثل مواقع جمعيات صناع
الحياة المنتشرة في مختلف الدول العربية والتي وجدت في الانترنت ميدان
معركة رقمي لإعلان الانتماء لأوطانهم والدفاع عن تاريخها، وعلى موقع فيس
بوك قد تدور معارك افتراضية من أجل قضايا الوطن فهناك على سبيل المثال
مجموعات من دولة عربية كبيرة تطالب بإتاحة الفرصة أمام كل المواطنين
للترشح لمنصب رئيس الدولة دون قيود قانونية، وهناك مجموعات أخرى تطرح
حلولا عملية لإنقاذ الوطن من التقسيم، ومجموعة ثالثة تدعو للقيام بمبادرات
للتقريب بين السنة والشيعة للتوحد ضد غير المسلمين! تقول سمية محمد ( من
فلسطين ) انها تعبر عن انتمائها من خلال مدونتها وترى أن علم فلسطين هو
الأولى من صورتها للظهور على صفحتها الخاصة لأن العلم حسب رأيها – هو رمز
للشعب وبقاء للوطن ومن ثم لابد من الانتماء له، مؤكدة أن الانتماء لدى
الشعوب المحتلة يكون حيا في القلوب ويحرك الشباب لخدمة وطنه حيث تتحول
الوطنية من شعار إلى أفعال كما يحدث بالمقاومة الفلسطينية من عمليات
جهادية. ويرى عبد الله بن مصلح ( شاب خليجي ) أن الانتماء يجب أن يكون
للأمة العربية والإسلامية وليس لدولة أو قطر ، ويقول أنه يدخل على منتديات
الدول العربية ويتفاعل مع كافة قضايا العرب لأنه من وجهة نظره هو الانتماء
الأشمل ، مطالبا الشباب بأن يتحولوا بانتمائهم لأشياء عملية كالمساعدة في
المحن والأزمات التي تواجه بعض الدول العربية مثل محاولة رفع الحصار عن
غزة ومساعدة منكوبى السيول في مصر . الارتقاء بالوطن ويرى أحمد فتحي طالب
جامعي بإحدى الجامعات المصرية أن أسوأ شيء فى قضية الانتماء هو اختزال
الانتماء للوطن في الفوز في كرة القدم ، مشيرا إلى أن علم مصر يجب أن يرفع
في مجالات أخرى أكثر أهمية مثل التفوق العلمي والبحثي، مشيرا إلى ضرورة أن
يكون الانتماء العملي في مصر وكافة الدول العربية من خلال تطوير جامعاتنا
العربية حتى تدخل ضمن قائمة أفضل 500 جامعة عالمية. أما حسن الماجد ( شاب
سوداني ) فيؤكد على أن الانتماء للوطن يعنى الحرص على وحدته واستقراره
وعدم تدخل أي قوى خارجية في شئونه ، قائلا أنه يعتبر أى مواطن يستعين بقوى
خارجية للنيل من وحدة وطنه إنما هو نوع من عدم الانتماء للوطن . بينما
وائل محمود طالب يدرس الإعلام بإحدى الجامعات العربية يؤكد أن منتديات
الانترنت وموقع فيس بوك أصبحت بديلا لممارسة الوطنية والانتماء عن الأحزاب
السياسية التي عجزت عن جذب الشباب إليها ومن ثم أصبح الانترنت بديلا لدى
الشباب للتعبير عن الوطنية و القيام بالأعمال الخيرية والسياسية
والاجتماعية والتي هي من متطلبات ومقتضيات الوطنية الحقة. الانتماء
الافتراضي وتحلل د. سوسن فايد خبيرة علم النفس الاجتماعي أسباب لجوء
الشباب للوطنية الافتراضية باعتبارها تخلق تنفيسا وإحلالاً لمشاعر فطرية
هي الانتماء والاحساس بالوطن وعندما لا يكون المناخ مهيئاً على الأرض ،
يبحث الشباب لا شعوريا عن بدائل فيخلق لنفسه جماعة لديهم وحدة في المشاعر
ليصنعوا مجتمعا افتراضيا يعيشون فيه ما كانوا يتمنونه علي أرض الواقع مما
يساعد علي تخفيف حدة المشاكل الاجتماعية ويمنعهم من الوصول للتأزم النفسي
في حالة عدم وجود منافذ لإخراج هذه الطاقات. وتعتبر فايد المدونات
والمنتديات وجروبات فيس بوك أحد وسائل التعبير التي اختارها الشباب أو
لجأوا إليها ليحققوا معاني المعايشة الوطنية والإحساس بها إلى أن يتم
تهيئة الظروف والمناخ لممارستها علي أرض الواقع ، مطالبة مؤسسات المجتمع
المختلفة بضرورة الاستجابة للشباب وتفهم مشاكلهم وإشباع احتياجاتهم
والاهتمام باتجاهات الرأي في المجتمع الافتراضي. وترفض خبيرة علم النفس
مصادرة الوطنية الافتراضية أو إلقاء التهم عليها أو وصمها بعدم الواقعي أو
الهروب من الواقع حتى لو شملت بعض الإساءات أو التعصب ، موضحة أن الثقافات
والتوجهات السلبية بحاجة إلى متابعة ومراجعة من قبل المتخصصين لإعداد
ثقافة مضادة وطرحها علي المجتمع الافتراضي. الوطنية الإلكترونية أما د.
محمد عصام خليفة - خبير الحاسبات والمعلومات العربي - فيؤكد أن تعبير
الشباب عن مطالبه عبر الانترنت له أسباب تقنية مثل توفير الوقت والجهد
والطاقة مما يسمح بالتعبير عن آرائهم عبر موقع فيس بوك والمدونات والبريد
الإلكتروني كما يضمن مشاركة أكبر عدد ممكن لهم بضغطة زر وهو ما يحتاج إلى
جهد مستحيل الحدوث لتحقيق ذلك على أرض الواقع ، موضحا أن الوطنية
الافتراضية بين الشباب والعاملين معهم أصبحت حقيقة فرضت نفسها وحققت
نجاحاتها بصورة انعكست على أرض الواقع بحيث أصبح من الصعب ومن التعنت ،
مطالبا بضرورة الاعتراف بها و توظيفها لتعميق الانتماء لدى الشباب العربي
.