توريث المهنة .. حلم الآباء.. وكابوس يلاحق بعض الأبناء
-أسماء العرقان
تمر الأيام ويكبر الأطفال ويصبح أمل والديهم بهم كبيرا ، سواء في العلم أو
العمل ، فمنهم من يطمح أن يورث مهنته لابنه الأكبر ، ومنهم من يريد أن
يورثها للعائلة كلها ، والشاب يكون بين نارين ، نار تحقيق أحلامه وطموحاته
، ونار تحقيق أحلام والده وطموحاته ، وظروف اضطرت البعض منهم للانصياع
لرغبة الأب خوفا من عدم وجود فرص عمل نتيجة تدهور الاحوال الاقتصادية جراء
الانقسام والحصار والحرب الأخيرة على القطاع.
ميلاد حاورت عدد من الشباب والآباء لمعرفة وجهة نظر الطرفين وكان لها التقرير التالي:
تجارة ..لا أحياء..
مازن ساق الله طالب جامعي قال " انتهيت من دراستي في الثانوية العامة
بتقدير جيد جدا وكنت أطمح إلى التخصص في قسم الأحياء ولكن عند بدء التسجيل
طلب مني والدي أن أتخصص في التجارة " ، مضيفا " حاولت أن أقنعه أنني لا
أرغب في دراستها وأنني لا أحبها فرفض بشدة وقال لي: أيهما أولى عمل والدك
أم عمل لا تضمن له مستقبل؟".
وأوضح ساق الله أن والده كان يعمل بالتجارة منذ طفولته مع والده ثم ورث
المهنة عنه قائلا "الآن جاء الدور عليّ كي أكمل رحلة الآباء والأبناء
المفروضة علينا دون عمل اعتبار وأهمية لما نريده نحن".
أبو الدكتور ..
من جانبه قال محمد أبو جبريل " درست في الجامعة الصيدلة بناء على رغبة
والدي، الذي كان يعتبرها المهنة التي تجعلك تكسب احترام الناس بها"، مضيفا
" كان والدي يحلم بدراسة الصيدلة ولكنه لم يوفق وطلب مني أن أدرسها على
اعتبار أنني طالب نجيب وأنني سوف أحقق ما بدأ وتعسر عليه ".
وأشار أبو جبريل إلى أنه مل من دراسة الصيدلة وتعب منها لأنها ليست
بالبساطة التي رسمها له والده ، موضحا أن والده رجل كبير في السن ويحلم
برؤية ابنه دكتورا صيدلانيا وأن ينادوه الناس " يا أبو الدكتور" .
رغبتي أهم..
على صعيد آخر قالت ميرنا أبو الكاس " لا أنكر أن كل أب يبحث عن راحة
أولاده ويبحث عما يحقق له النجاح ولكنهم ينظرون للشيء من وجهة نظرهم وحدها
غير مبالين برغبة أبنائهم ".
وتابعت " لقد رزق الله والدي بالبنات دون الأولاد مما جعله يتطلع إلى
تربيتي بالطريقة التي تجعله يعوض بي عن حرمانه من الأولاد وكانت من ضمن
اهتماماته تدخله المفرط في دراستي وتعليمي " ، مضيفة " عندما دخلت
الثانوية فرض عليّ والدي الدخول علمي وليس أدبي مع أنني كنت أرغب بالأدبي
لأتخصص في قسم الصحافة التي كنت أحلم بها منذ الصغر".
وأوضحت أنها بعد دخولها الجامعة اكتشفت أن والدها كان قد سجلها في قسم العلوم لتتخصص في البصريات ، لتكون مثله وتكون عونا له .
وتابعت" بعد أن رأيت ما فعل والدي لم أتحمل ذلك وأخبرته أنني لن أدرسها
وأنني إذا لم أدخل التخصص الذي أريد لن أدخل الجامعة وبقيت على هذه الحال
فترة طويلة إلى أن استجاب والدي لرغبتي في النهاية ولكن رغما عنه".
صناعة الفخار..
أما الحاج أبو أيمن عطا الله الذي يعمل في صناعة الفخار قال " ورثت المهنة
عن والدي وارتبطت بها منذ أكثر من سبع سنوات ، فهي مهنة تحاكي التاريخ
ونعبر عنه بما نصنع بأيدينا " ، مضيفا " علّمت صناعة الفخار لجميع أبنائي
ولم أفرضها عليهم كعمل أساسي فمنهم من درس بالجامعة ومنهم من أصبح مدرسا "
.
أما نجله خيري عطا الله قال " تعلمنا الصنعة منذ نعومة أظفارنا ومع ذلك لم
نتخذها مهنة بحد ذاتها ، ولكننا درسنا في الجامعات وتخرجنا وأنا الآن أعمل
مدرسا في إحدى المدارس الغزيّة وأصنع الفخار في نفس الوقت ولم يفرضها
والدي عليّ" .
الأولى بملك الأب..
من جهة أخرى قال أبو نور المغني " أبناءنا أمانة في أعناقنا ويجب علينا أن
نبحث عما يضمن لهم مستقبلهم ومستقبل أبنائهم من بعدهم " ، مضيفا " لا أحد
يستطيع أن يفرض على ابنه ماذا يريد لأن هذا التصرف قد يدفع الأبناء إلى
عصيان الآباء ولكن ظروف بلدنا هي التي تدفعنا إلى توجيه أبنائنا لاتجاه
معين نرغب به ".
وأوضح أنه يعمل بالتجارة وأن لديه ثلاث محلات يديرها وحده بالتعاون مع
العاملين عنده متسائلا " أيهما أولى بملك أبيه الولد أم العامل ؟" .
وتابع " غدا سيعرف أبناءنا قيمة العمل الذي اخترناه لهم وسيشكروننا عليه وسينصحون أبناءهم به كما نفعل نحن الآن".
عمل ودراسة..
من ناحية أخرى قالت أم محمد نعمان " كل أب يبحث عما سيحقق لابنه وله
السعادة سواء في الصغر أو الكبر لأن الأبناء لا يعرفون مصلحتهم أكثر منا"،
مضيفة " الرجال تعيش وتبني وتجني المال من أجل أن يحمل عنهم أبنائهم عبء
السنين عند الكبر فأين المشكلة عندما نفرض عليهم عمل معين أو دراسة معينة
تضمن مستقبلهم".
وتساءلت " أين العيب إذا طلبنا من أبنائنا مساعدة آبائهم والدراسة في نفس
الوقت؟"، متابعة "هكذا يستطيع أي ولد أن يدرس ما يريد ويحقق رغبة والده في
نفس الوقت".