عائلة السموني التي استشهد 29 من افرادها خلال العدوان على غزة: هكذا أطلع غولدستون على آثار الجريمة الاسرائيلية
من بين ما قام به القاضي الجنوب افريقي ريتشارد غولدستون خلال فترة اعداده
التقرير الدولي الذي تبناه مجلس حقوق الانسان الدولي، زيارة الى حي
الزيتون في مدينة غزة في أواخر حزيران (يونيو) ضمن جولة له في المنطقة
التي تعيش فيها عائلة معينة هي عائلة السموني التي استشهد من افرادها 29
كلهم من المدنيين نتيجة القصف الاسرائيلي لمنزل احتمى فيه حوالي 100 من
افراد تلك العائلة قبل يوم من تلك العملية.
وتقول
صحيفة 'هآرتس' الاسرائيلية في مقال للصحافية عميرة هاس ان صلاح السموني
ومالك المنزل الذي تعرض للقصف وائل السموني صحبا القاضي غولدستون في جولة
لمزارع العائلة، وشاهد معهما المساكن المهدمة والاشجار المقتلعة من
جذورها. وفي مكالمة هاتفية هذا الاسبوع شرح صلاح كيف اطلع غولستون على
صورة لوالده طلال الذي كان بين الشهداء في المبنى.
وقال
للقاضي غولدستون ان والده عمل لدى اليهود لحوالي 40 عاما، وانه كان اذا
اصيب بوعكة صحية فان صاحب العمل كان 'يتصل ويسأل عن صحته ويطلب منه عدم
التوجه الى العمل قبل ان يسترد عافيته'.
وتقول
الصحيفة ان عائلة السموني كانت على ثقة من انه في حال وقوع اي غزو عسكري
على غزة، فانهم سيتمكنون من تدبير امورهم مع الجيش الاسرائيلي. وحتى العام
2005، قبل الانسحاب الاسرائيلي من القطاع، كانت مستوطنة 'نيتساريم' في
الجوار وكان عدد من افراد العائلة يعملون هناك من وقت لاخر. وعندما نشطت
الدوريات الفلسطينية - الاسرائيلية المشتركة، كان الجنود الاسرائيليون
ومسؤولو الامن الفلسطينيون يطلبون من عائلة السموني احيانا 'السماح لهم
باستعمال احدى جرافات العائلة لتسوية قطعة ارض او لتصليح شارع صلاح الدين
(في حالات مرور قافلة دبلوماسية من هناك).
وبينما
كان افراد عائلة السموني يستخدمون جرافاتهم لنقل الرمال، كان الجنود
الاسرائيليون يراقبونهم، واذا ارادوا منهم ان يتوقفوا عن العمل فانهم،
يقول صلاح السموني 'يطلقون النار فوق رؤوسنا. هذا هو ما تعلمناه من هذه
الممارسات'. وقد فقد صلاح ابنته البالغة من العمر سنتين في العدوان
الاسرائيلي اضافة الى اعمام له ووالديه. واستشهد كبار السن من العائلة،
ومن بينهم والده واثنان من اعمامه، على يد الجنود الاسرائيليين في 4 و5
كانون الثاني (يناير) وهؤلاء عملوا في اسرائيل حتى التسعينات في مواقع
مختلفة منها 'بيت يام' و'موشاف أسيريت' و'مزرعة غليكسمان'. وجميعهم كانوا
يعتقدون ان اللغة العبرية التي تعلموها ستكون عونا مساعدا لهم عند الضرورة
وتنقذهم في المواجهات مع الجنود الاسرائيليين.
ويصف
ما جرى لعائلته فيقول: 'ابنتي عزة كانت في الثانية من عمرها وقد اصيبت في
اول قذيفة على المنزل. وقالت (انني اتألم يا ابي) وجاءت القذيفة الثانية
فأدت الى وفاتها. اخذت اصلي لله، كان الغبار يملأ المكان، ولم اعد استطيع
ان اتبين الاشياء. اعتقدت انني مت. لكنني قمت والدماء تلطخني. ووجدت
والدتي تجلس قرب الحائط ورأسها متدل، فرفعته واذا بي اجد ان نصف وجهها قد
اختفى. ونظرت الى ابي الذي كان قد فقد عينه، وكان لا يزال يتنفس بصعوبة،
ثم توقف تنفسه'.
كان
يصعب على اي شخص ان يستذكر كيف مرت الساعات على افراد العائلة التي تجمعت
في المنزل الذي تعرض للقصف. واول من استعاد وعيه كانت الجدة شفاء (71 سنة)
التي ادركت صباح الثلاثاء السادس من كانون الثاني ان احدا لن يأتي
لانقاذهم، لا الجنود الاسرائيليون الذين كانوا على بعد بضعة امتار من
المنزل ولا الصليب الاحمر او الهلال الاحمر او حتى اقاربها. وتقول الجدة
شفاء 'لعل احدا لم يدر بخلده ان هناك احياء في المنزل'.
ولم
يسمح الجيش الاسرائيلي في اليوم التالي للصليب الاحمر والهلال الاحمر
بالدخول الى المنازل هناك، سواء باطلاق النار في اتجاه سيارات الاسعاف
التي كانت تحاول الاقتراب او برفض اي عملية تنسيق. اما الفرق الطبية فلم
يسمح لها الا بالسير على الاقدام، بعد ترك سيارت الاسعاف على بعد كيلومتر
او اكثر قليلا.
وفي
18 كانون الثاني (يناير) غادر الجيش الاسرائيلي القطاع، وعادت فرق الانقاذ
الى الضاحية ووجدت منزل وائل وقد تحول انقاضاً بعد ان قامت جرافات الجيش
الاسرائيلي بتدميره عن بكرة ابيه وبداخله جثث القتلى.
وقال
صلاح السموني على الهاتف: 'اشعر اننا في منفى رغم اننا نعيش في اراضينا
ومساكننا. نحن نجلس هنا ونغبط الشهداء، فهم الذين يعيشون في جنة الخلد'.