(كنانة الله في أرضه)
خليليَّ عُوجا بي إلى الجنَّاتِ رياضٍ بوادي النيلَ معروشاتِ
إلى حيثُ كانت للفؤاد مشاربٌ سنين بها كان الزمان يؤاتي
نجدد بالذكرى زمانا تصرمت لياليه في الروحات والغدواتِ
بلاد حباها الله من كل نعمة وأجرى لها نهرًا بفيض هباتِ
فبلَّغها بالنيل نَيْلاً وخصَّها بكل كريم الوصل والبركاتِ
إذا سال سار الخير في جنباتها وإن فاض أوفى بالنعيم الآتي
جموح على الماضين أسلم قيدَه لأيدٍ تولت ضبطـه بأناةِ
فََرُوِّضَ لا يلوي إلى حيث ينتهي نعيما على الأدواح والروضاتِ
فصيَّرها بالسلسبيل خمائلاً وأحيا نبات الأرض بعد مواتِ
جنانٌ يحار اللبٌّ في سرِّ حسنها يفوح شذاها عاطر النسمات
تناهت جمالا واستبدت مفاتنا وتاهت دلالا فائق الدرجات
وأبدت جمال الله في الكون واكتست من الحسن آياتٍ على آياتِ
كنانته في الأرض أوصى بحفظها نبيُّ الهُدى في أبلغ الكلمات
إذا ما أتيتم أرضها فتذكروا لكم نسبا في أهلها وصلات
فهم رحمكم من هاجر جاء جدكم سلالة أنوار وخـيرُ هُـداةِ
وماريةٌ قد أكملت حقِّ برِّهم فصار هواهم في الورى قرباتِ
بهم كان للإسلام عزٌّ ومنعةٌ فهم جنده في حالك الأزماتِ
وهم حصنه إن داهمته نوازل على صخره كم صدَّ من موجاتِ
إذا ما نبا للحق سيف وأظلمت لياليه كانوا النور في الظلماتِ
يلينون للأدنين برًّا وطيبةً فإن أُغْضِبوا هبوا كأسد شراةِ
فقلِبْ كتاب الدهر واقرأ فصوله موثقةً في الصخر مسطوراتِ
شواهد تروي عن قديم مؤثل وحاضرَ شـادته عقولُ بنـاةِ
فراعنةٌ لا بأس، لكن أصولهم إلى أمةِ الأحرار في عَرَباتِ
* * * * *