بيبي والهروب الى ' الحل العسكري'
حسن عصفور/ اذاع التلفزيون الاسرائيلي مساء 2 يوينو (حزيران) خبرا عن مخاوف رئيس الوزراء من جهود أمريكية في الخفاء تستهدف تشكيلة حكومته الوزراية ، ويشير التقرير ان واشنطن تعمل جاهدة في الفترة القادمة من أجل تصحيح التشكيل لينسجم مع' رؤية أمريكية' منتظرة تعمل على ازالة اللاستقرار السياسي في المنطقة ، بما فيها الوضع في فلسطين ، وشكوى أو مخاوف بيبي نتنياهو لا تأتي من فراغ أو هي أوهام سياسية لمتطرف أو مهوس ،فالرجل يعرف ما يقول أكثر من غيره.فواشنطن تريد بطريقة او باخرى ان تعيد بعض ملامح الواقع السياسي وهو ما يقد لا ينسجم مع رؤية التشكيل الحكومي الاسرائيلي القائم ، ولذا فامريكا ترى أن التشكيل الأمثل سيكون في قيام حكومة عمادها الأساس الليكود والعمل وكاديما ، باعتبار هذا الثالوث قد يكون اقرب الى ما تتطلع له لاحقا، بدون أعباء ليبرمان وأحزاب التطرف والعنصرية التي تطوق التشكيل القائم .
ولكن لماذا يصل برئيس وزراء اسرائيلي أن يقوم بتسريب خبر يحمل في طياته اهانه سياسية لشخصه وحكومته ، ووزير دفاعه براك يلتقي تقريبا في ذات اللحظة مع الرئيس الأمريكي في لقاء لم يكن في حسابات الرئيس ولم يكن مدرجا اصلا في برنامج الزيارة ، في حين خرج المستشار القضائي للحكومة الاسرائيلية بفتح النار على تعيين ليبرمان ويزرا للخارجية واعتبره فسادا سياسيا يجب ان ينته ، وتوافقت هذه الأقوال مع تحركات السية تسيبي ليفني رئيسة حزب ' كاديما' والمعارضة نحو تحركات استعراض لمواقفها التي تتقارب مع التوجه الأمريكي .
ومنذ زيارة بيبي الى واشنطن وبعد زيارة الرئيس ابو مازن ، تنتشر عبارات التوتر والأزمة التباين تحتل عناوين الأخبار في الاعلام الاسرائيلي ، ورغم محاولة تل أبيب خلق معرك أخرى في فلسطين عبر اختلاق ' فتن' خاصة ، فأن ذلك لم يخفف من ' أزمة بيبي' التي أخذت تكبر يوما بعد آخر ، فبعد اللجوء الى مجلس الشيوخ الأمريكي وبعده مجلس النواب كمحالوة للضغط على الادارة والرئيس لتفخيف الضغط على بيبي ، لكن الجهود لم تثمر بعد ، على الأقل من جهة الكلام حول النشاط الاستيطاني .
وبيبي نتنياهو الذي لم يمر على حكمه الا فترة وجيزة جدا يواجه تحديا في التعامل مع الجديد الأمريكي ، فالتجاوب مع رغبة واشنطن ستدخله في حرب خاصة مع ' حلفه' الانتخابي ، والتصادم معها يعني بداية واشنطن في نسج لعبة التخلص منه باشكال ' ديمقراطية ' ، وهنا ربما يتسعيد بيبي ما حدث له بعد محادثات ' واي ريفر' 1998 عندما وافق على تفاهم مع الطرف الفلسطيني على اعادة انتشار جديد ما فتح النار عليه من قبل المستوطنين وأحزاب اليمين والعنصرية فتراجع عن التفاهم ، فكانت الخطوة الاولى من أجل اسقاطه ، وهو ما حدث فعليابعدها باشهر قليلة فقط .
ولعل وجود براك داخل الحكومة الاسرائيلية سمثل حصانا اسودا يتم الاعتماد عليه عند الضرورة لتنفيذ رغبة واشنطن ، وهو يمثل عصا يمكنها استخدامها في لحظة معينة ، ولعل لقاء الرئيس الأمريكي لبراك كانت اشارة مرسلة الى بيبي وهو جالس في اجتماع حكومي ذات دلالة فكان تسريب بيبي عن محاولات أمريكية لتغيير تشكيلته الحكومية ، وهو كلام لا يحدث كثيرا في اسرائيل ولعله لم يحدث الا مع بيبي شخصيا .
ولكن ما الذي يمكن لبيبي فعله في حال اراد مواجهة الموقف الأمريكي ، فهو لن يتستلم بسهولة لما تبحث عنه الادارة الأمريكية ، والتي يراها تحالف اليمين المتطرف بانها محاولات أمريكية لتحسين علاقاتها مع العرب على حساب اسرائيل ، فرئيس الوزراء الاسرائيلي قد يهرب من ذلك عبر بعض الخيارات' العسكرية- الأمنية ' والخيارات التي قد يراها أدوات الارباك للمخطط الامريكي ، فمثلا التوجه العسكري نحو قطاع غزة عبر عملية عسكرية واسعة تحت ذرائع متنوعة ن رغم كل شهادات ' حسن النوايا' التي تمنحها الأوساط الاسرائيلية لحركة حماس ودورها في الحفاظ على أمن اسرائيل جنوبا، لكن ذلك قد لا يمثل رادعا له .
واذا اراد الابتعاد عن قطاع غزة لأسباب سياسية معينة يراها بعض حلفائه للحفاظ على الوضع القائم في قطا غزة كنعصر مساعد لتكريس الانقسام الفلسطيني ، فربما يهرب نحو تصعيد عسكري متزايد في الضفة الغربية ما يحدث ردة فعل قد تتطور الى 'مواجهة ' تساعده على الهروب ' وهو ذات النهج الذي استخدمه براك بالتسيق مع شارون العام 2000 للهروب من ' الحل النهائي' وللخلاص من الرمز الخالد ابو عمار.
وقد يجد بيبي نتنياهو دالته في استغلال مؤتمر حركة فتح ، خاصة مع التوجه السائد لعقده داخل الوطن في شهر يوليو( تموز) فيمنعه في اللحظات الأخيره ويعطل عقده ، ولن يجد صعوبات في ذلك باستخدام ' الورقة الأمنية : بمنع بعض مندوبي المؤتمر القادمين من الخارج ، او بالتحرش بقاعة المؤتمر للاساءة الى فتح وا بومازن واهانته بطريقة تمنح خصومه سلاحا جديدا .
ويبقى ' الخيار العسكري' مع ايران رهانا اضافيا يمكن لبيبي أن يستخدمه للهروب من أزمته القادمه ، وربما تتداخلبعض الخطوات فيما بينها لاحداث ارباك جديد في المنطقة ، خيارات قد لا يكون لها مكان ولكن مع بيبي وعنصريته كل شيء ممكن ..
_________________
تحياتي:
العقول الكبيرة تبحث عن الأفكار..
والعقول المتفتحة تناقش الأحداث..
والعقول الصغيرة تتطفل على شؤون الناس..
مدونة /http://walisala7.wordpress.com/