يتردد في الآونة الأخيرة ضمن مقالات وتصريحات وتعليقات ومحاضرات ونقاشات خاصة بين أبناء
فتح , كلام في غاية الأهمية , مفاده أن حركة فتح تتراجع في شعبيتها وتبتعد عن منطلقاتها
وتعرج في التطبيق وفي المحاسبة - ويقولون " خاصة بعد المؤتمر العام السادس " على اعتبار
أن المؤتمر كان من المفترض أن يؤشر لمرحلة جديدة من التماسك والنهوض - .. وأقول هنا , سواء
كان هذا الذي يتردد صحيحا كله أو بعضه , لا يهم .. لأن القصور بين , والتردد بين , وعدم الحسم بين , والخط السياسي المتبع بين , والخلط بين فتح وم.ت.ف. بين ويدل على قلة النضج في الممارسة الديمقراطية
وهذا ينسحب على فتح ومؤسسات السلطة
ما أود أن أثيره في هذه المقالة - من وجهة نظري على الأقل - له كل الأهمية في التاريخ الفلسطيني
المعاصر وحتى ينتهي الصراع مع العدو الأسرائيلي
لقد تأسست حركة فتح لاسترداد كامل الوطن الفلسطيني , ثم انطلقت الثورة الفلسطينية المسلحة
الحديثة لهذا الغرض.. ومعلوم أن هذا يشمل - ضمن ما يشمل - الأرض الفلسطينية التي احتلت عام 1948
وبعد نكسة حزيران 1967 لم يتغير هدف حركة فتح , اذ استمر يشمل فلسطين ال48 والضفة الغربية
بما فيها القدس الشرقية وقطاع غزة , أي كامل فلسطين المعروفة جغرافيا فترة الأنتداب البريطاني
ولا بد من التأكيد هنا أن كافة المبادرات السياسية التي أقرتها دورات المجلس الوطني الفلسطيني
تتعلق بمنظمة التحرير الفلسطينية ومتابعتها وتطبيقها من قبل لجنتها التنفيذية.. صحيح أن حركة فتح
والعدد الأكبر من الفصائل الفلسطينية كانت ممثلة في المجلس الوطني وفي اللجنة التنفيذية , ولكنهم
جميعا كانوا يخططون ويقررون للسياسات العامة المطلوب متابعتها في م.ت.ف. ومؤسساتها
وعليه فان فتح -وهي المقصودة هنا - من الضروري أن تبقى متمسكة بمنطلقاتها وأهدافها الوطنية
وتحرص على أن لا تخلط بين نضالها الحركي وبين ما هو مقر في المجلس الوطني ومتبع في اللجنة
التنفيذية.. ولا تعارض في ذلك, خاصة اذا أعتبرنا أهداف فتح وهي أهداف الغالبية العظمى من الشعب
الفلسطيني هي الأهداف الوطنية الأستراتيجية.. وفي الوقت ذاته نعتبر أهداف م.ت.ف. ومؤسساتها هي
الأهداف الوطنية "المرحلية " التكتيكية , أي الأهداف المشروعة وفق القرارات الدولية
من المسلم به أن الوصول لتحقيق الأهداف المشروعة دونه خرق القتاد مع العدو الصهيوني , ولكن هذا
لا يحول دون مواصلة النضال السياسي واتباع الوسائل المتاحة وفق المعطيات.. اذ المهم أن يسمر التحرك الفلسطيني محليا وخارجيا دون احساس بالملل أو القنوط , ودون الأستجابة لردات الفعل غير الموضوعية
وغير الواقعية لأنها توصل الى الأنهزام النفسي قبل السياسي وهذا ما يريده العدو.. ومن هنا فان كل ما
يزعج العدو ويستثيره خاصة في علاقاته مع الدول الخارجية لا بد نسير به ونؤكد عليه
ان وظائف ومهمات الأهداف الوطنية المشروعة وتطبيقاتها تتعلق ب م.ت.ف. والسلطة الوطنية الفلسطينية
وهذا يحتاج الى كادرات عالية الكفاءة حتى تتمكن من نيل ثقة الشعب وحتى تتمكن من تحقيق انجازات
تعزز المهمات الواجبة في مسيرة الأهداف الوطنية الأستراتيجية
وهكذا فانه مطلوب من فتح ةأن تعيد التأكيد على تمسكها بتحرير كامل التراب الوطني الفلسطيني من
الأحتلال ومؤسساته , واقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وذات السيادة على كامل التراب الفلسطيني
وبالتالي الأنتصار لما يتطلع اليه الشعب الفلسطيني الذي سبق أن منحها كامل ثقته وتأييده وأمدها
بخيرة أبنائه وبناته واستبسل في الدفاع عنها في كل المحن والمعارك الكبيرة والجانبية
ولا بد للتذكير من جديد أن فتح ليست م.ت.ف. وليست السلطة الوطنية الفلسطينية.. فالمنظمة
والسلطة لهما الوظائف الوطنية والتي منها الدعوة للتطبيق الأمين لكافة الأطراف الموقعة على اتفاقية
أوسلو وما تلاها وصولا الى الأنسحاب الأسرائيلي من الأراضي المحتلة عام 1967 واقامة الدولة
الفلسطينية المستقلة عليها بعاصمتها القدس الشرقية وتسوية مشكلة اللاجئين وفق القرار 194
الى آخر المطلوب في المرحلة الحالية
أما حركة فتح , فالمطلوب منها وبالحاح أن تعود لأستقطاب الجماهير وتنظيم الفئات المتعلمة والمثقفة
من أكاديميين وأصحاب المهن المتخصصة ورجال الأعمال والطلاب والعمال والحرفيين وهذا يشمل المرأة
بطبيعة الحال. ومطلوب منها أن تعيد الأيمان لديها ولدى الجميع بأن فلسطين واحدة وأن فتح لا تغيير ولا
تحوير على مبادئها التي أنطلقت من أجل تحقيقها.. وهذا بلا شك يستدعي الأخلاص والتفاني والتواضع
والقدرة والعودة لأنتهاج السبل التي تضمن سلامة التنظيم وأبنائه وتحصينه من أية أختراقات معادية
ويستدعي - من المرجعيات الحركية - وضع برامج العمل النضالي السلمي والجماهيري , كما الأتفاق
على الحراك النضالي في مواجهة العدو الأسرائيلي بالوسائل المجدية - وفق الظروف والمعطيات - والتي
تقرها قيادة الحركة وتطلع عليها وتقرها المستويات الأدنى في المراتب المسؤولة وتصبح بالتالي محل
تنفيذ من الجميع دون استثناء
ان العودة لهذا النهج الوطني الأستراتيجي - وهو أمنية الجماهير الفلسطينية والعربية - يجب أن لا
يكون القصد منه وقف توسع حركة حماس شعبيا - وان كان هذا سيتم قطعا - , وانما القصد منه هو
أرباك و"ضرب" وهزيمة العدو الغاصب واستعادة الوطن الفلسطيني السليب
ومما لا شك فيه أن العودة الى الأصل والجوهر هو الأسلوب النضالي الأمثل لتحقيق قرارات المؤتمرات العامة لحركة فتح .. وهو لا يمنع ولا يوقف المرونة وسياسة العصا والجزرة المتبعة في المنظمة وفي السلطة
مطلوب , اذن , من قيادة حركة فتح أت تثبت من جديد وفي الزمن الراهن أنها الأحرص على اتباع
مبادىء الحركة بما يؤكد أيضا أن العيب لم يكن في فتح
زكريا عبد الرحيم
_________________
تحياتي:
العقول الكبيرة تبحث عن الأفكار..
والعقول المتفتحة تناقش الأحداث..
والعقول الصغيرة تتطفل على شؤون الناس..
مدونة /http://walisala7.wordpress.com/