كيف سخّرت دولة الاحتلال الإعلام لخدمة الأمن؟
مراقبون: إعلام العدو غير شفاف ويخضع للمؤسسة العسكرية
أمل الحجار
المتابع للإعلام الصهيوني يلاحظ مدى التناغم والارتباط الوثيق بينه وبين المؤسسة الأمنية والعسكرية، ومدى قلب الحقائق وقدرته الفائقة على التضليل والتعتيم والطبخ بطريقة تجعل الشخص غير الملم بحقيقة الصراع العربي الصهيوني وحقيقة الاحتلال للأراضي العربية الفلسطينية ينحاز إلي رؤية ووجهة نظر العدو وتسويق الاعتداءات على الفلسطينيين ونشطاء السلام والإنسانية أنها دفاع عن النفس، مما يفضح أكذوبة الدولة الديمقراطية.
إعلام موجه
متخصصون ومراقبون للشأن الصهيوني أكدوا لـ”الاستقلال” أن الإعلام الصهيوني مجند وموجه لخدمة الأمن والآلة العسكرية، مشيرين إلى واقع الإعلام الصهيوني الموتور الذي حاد عن الموضوعية والمهنية في تعاطيه مع الأحداث ونقلها للمواطنين، وهذا ما ظهر بالفعل عندما بثت القناة العاشرة الصهيونية صور مقاومة المتضامنين لقوات البحرية على متن سفينة “مرمرة”، صور كان الهدف منها إظهار قوات الاحتلال وكأنها في حالة دفاع عن النفس لتبرير حجم المجزرة التي ارتكبت ضد أسطول الحرية، في المقابل لم نر عبر الإعلام الصهيوني صور الشهداء والجرحى الذين قتلتهم قوات الكوماندوز بدمٍ بارد.
الخبير الإعلامي الفلسطيني د. نشأت الأقطش أكد أن الإعلام الصهيوني لا يتمتع بالديمقراطية ويخضع جميعه للمؤسسة العسكرية “الصهيونية” مباشرة أو لمكتب رئيس وزراء الكيان، مشيراً إلى الرواية المفبركة التي قدمتها المؤسسات الإعلامية الصهيونية خلال الساعات الأولى لمجزرة سفن الحرية.
وقال الأقطش لـ ” الاستقلال” :” أجزم أن ما بثته القناة العاشرة الصهيونية في اللحظات الأولى من صور تظهر إقدام المتضامنين على ظهر السفينة بالاعتداء على أحد الجنود قد تم صناعتها وفبركتها مسبقاً لتبرير ما سوف يقوم به الجيش بحق سفن الحرية من قرصنة”، لافتاً إلى أن الإعلام الصهيوني نجح طوال الساعات الست الأولى بإقناع العالم بروايته كونها الوحيدة، غير أن حجم الحدث من مجزرة سرعان ما غطى على الرواية الصهيونية التي لم تعد مقبولة أمام العالم.
وتابع الأقطش ” لقد حرصت المؤسسة العسكرية الصهيونية على تقديم روايتها للعالم قبل الإعلام العربي والتركي، لأنها كانت تعتقد أن الانطباع الأول هو الذي يدوم، ولكن ضخامة المجزرة كان أكبر من توقعاتها وكشف أكذوبتها أمام العالم، ولاسيما الإعلام الغربي والأمريكي الذي بدأ يتساءل عن حقيقة الرواية الصهيونية “، مؤكداً أن حقيقة إعلام الاحتلال باتت مكشوفةً أمام العالم أجمع الذي شاهد “محرقة” غزة ومجزرة سفينة “مرمرة” التركية.
وأشار الأقطش إلى أن الإعلام العربي كان يقوم بردود أفعال لإضعاف الرواية الصهيونية، ومؤكداً أن المطلوب من الإعلام العربي وضع خطط طوارئ للتعامل مع الأحداث والمجريات المتسارعة في المنطقة، لا الانتظار لحين وقوع الحدث.
حرية معدومة
أما المتابع للشأن الصهيوني رأفت حمدونة شدد على عدم وجود حرية إعلامية صهيونية في الوقت الذي يدعي فيه الكيان الديمقراطية، مضيفا:”إن الرقابة العسكرية على كافة وسائل الإعلام الصهيونية تحد من حريات الصحافيين”.وأوضح حمدونة أن جميع الصحف العبرية والناطقة باللغة العربية في الداخل الفلسطيني لا يمكن أن تصدر إلا بعد مراقبة موضوعاتها السياسية والاجتماعية والاقتصادية وحتى موضوعات الفن والمطبخ والصحة. وأشار إلى أن جميع المواضيع التي تتعلق بالسياسية يكون كاتبها في الأصل رجل أمن.
وذكر حمدونة أن قانون الطوارئ الصهيوني لحقوق وحريات الإنسان يقضي بالرقابة على كافة وسائل الإعلام ويعطي الدولة حق اعتقال صحفي أو إغلاق مؤسسة إعلامية “ويعد ذلك مؤشرا على أن الصحافة الصهيونية ليس لديها حرية تعبير ولا حصانة ولا قانونا يحميها”. مذكرا بفضيحة الحافلة رقم 300 التي نشرت تفاصيلها صحيفة (حدشوت) العبرية وأغلقت بعدما نشرت صورا لشابين مقيدي الأيدي ويتعرضون لعملية تنكيل بشعة بالضرب بقضبان الحديد، وأثبتت عكس الرواية الكاذبة لجيش الاحتلال بأنهم قتلوا في اشتباك مسلح.
وتابع:”الإعلام جزء لا يتجزأ من المعركة التي تحاول (إسرائيل) أن تجير قضاياه للصالح العام “.
وأكد حمدونة أن الإعلام الصهيوني له علاقة مباشرة مع منظومة الأمن، مشيرا إلى أن هذا الإعلام يسوّق للصراع في المنطقة بما يخدم دولة الكيان بانتقائه أخبار العرب والفلسطينيين التي لها علاقة بالأمن مثل الترويج لفضيحة رفيق الحسيني ونجل حسن يوسف القيادي في حركة حماس وتعميق الفجوة والانقسام الداخلي، منتقدا وسائل الإعلام الفلسطينية التي تجاري إعلام الكيان المجير وتنجر وراء ألاعيبه.
وذكر أن الإعلام الفلسطيني يقع في مصيدة الإعلام الصهيوني عن طريق انتقاء الأخبار التي يريد أن يسوقها الاحتلال.
منظومة احتلالية
في حين قال الخبير في الشأن الصهيوني أكرم عطا الله:”إن الإعلام الصهيوني كان جزءا من المنظومة الاحتلالية، والذي لعب دورا كبيرا في المس بالقضايا العربية وعلى رأسها الفلسطينية”، موضحا أنه عندما كان الكيان يحضر للهجوم على أسطول الحرية كان الإعلام يعرف بذلك ولكنه تحفظ على النشر، كما أشار إلى دور الإعلام الصهيوني خلال العدوان على غزة أواخر عام 2008 عندما كان يعلم بالعدوان قبل شنه وعندما كان يتحدث عن قضايا الإرهاب ولم يتحدث عما يجرب من نكبة في غزة.
واستطرد القول:”إن الأدوات الإعلامية الصهيونية كانت تخوض غمار المعركة العسكرية عبر صفحاتها قبل أن تدك عجلات الدبابات أرض القطاع، وتحول صواريخ طائراتها الجثث إلى أشلاء”.
وأردف عطا لله قائلا:”الإعلام الصهيوني لم يخرج عن الرغبات الأمنية وجند نفسه لها”، منوها إلى موقف الكيان من الصحافية عنات كام التي كشفت سلوكا إنسانيا وليس إجراميا واتهموها بالخيانة.
صحافيون عسكريون
الصحفي والمتخصص في الشأن الصهيوني صالح النعامي قال بدوره :”إن وسائل الإعلام الصهيونية مرتبطة بالمؤسسة الحاكمة”، مشيرا إلى تأثر الصحافيين الصهاينة بالرواية الرسمية كونهم من الأصل عسكريين في جيش الاحتلال، مما ينعكس على طبيعة تناولهم للقضايا وتغطيتها.
وحول سؤال هل أصبحت الآلة الإعلامية الصهيونية أداة من أدوات المؤسسة العسكرية لتنفيذ أهدافها ومخططاتها قال النعامي:”إن بعض الصحافيين ينطبق عليهم هذا الكلام ولكن هناك من ينتقد المؤسسة العسكرية من خلال تبني بعض القضايا التي تتعلق بفساد القادة الصهاينة”.
_________________
تحياتي:
العقول الكبيرة تبحث عن الأفكار..
والعقول المتفتحة تناقش الأحداث..
والعقول الصغيرة تتطفل على شؤون الناس..
مدونة /http://walisala7.wordpress.com/