كلام مصري خطير..جدا
كتب حسن عصفور / لو صح ما نشرته جريدة ' الحياة ' اللندنية في عددها يوم الثلاثاء عن مصدر مصري مسؤول حول المصالحة الوطنية ، تكون المسألة الوطنية دخلت حدا تجاوز الخط الأحمر المسموح به وطنيا ، فالمصدر وبصريح العبارة يتهم كلا الطرفين الرئيس وفتح كما حماس بعدم الرغبة في إنهاء الإنقسام ، كل لحساباته الحزبية والسياسية الخاصة ، ما يشكل إتهاما مباشرا لهما بتجاهل المصلحة العليا للشعب الفلسطيني ..
ورغم أن القاهرة ، ومنذ توقيع فتح على ' وثيقة المصالحة، تضعها في قالب واحد مع حماس بعدم الجدية الكافية لإنهاء الإنقسام لكنها تطالب حماس رغم ذلك بالتوقيع عليها ، مقدمة خطوة حسن نية تجاه حماس عند التنفيذ بأخذ ملاحظاتها على الوثيقة ، وهذه قضية بذاتها لم تعد بذي قيمة أمام ما جاء على لسان المصدر المصري المسؤول ، وفقا لجريدة ' الحياة' ..
ما ورد في النص المنسوب هو أخطر إتهام سياسي يوجه لفتح والرئيس حول عدم الرغبة الجادة في العمل بما يكفي لإنهاء الوضع الكارثي القائم وطنيا والذي بتواصله يعني تكريس كل أهداف الإحتلال الإسرائيلي ضد المشروع الوطني الفلسطيني ، فمصر تتحدث عبر ما جاء في 'الحديث الخطير' بلغة ليست معتادة ، على الأقل علانية حول موقف الرئيس عباس وفتح ، وهي ربما لم تأت بكثير عن حماس سوى خوفها ورعبها من الإنتخابات القادمة ، لكنها قالت بما كل الجديد حول عباس وفتح ، وربطت عدم الجدية بمخاوف محددة منها فشل العملية السياسية وغياب أي مكسب راهن ، ما يمكن أن تستغله حماس في الضفة الغربية لمصلحتها ، إضافة لتخوفات بوقف كل أشكال الدعم للسلطة الوطنية في حال إتمام المصالحة مع حماس ، وأن أمريكا تهدد أيضا بأنها لن تقيم إتصالاتها لاحقا مع أي حكومة تشارك بها حماس ..
الموضوع المطروح يحمل جملة رسائل ربما تحتاج توضيحا سريعا جدا من الرئاسة الفلسطينية وكذلك حركة فتح حول ما جاء في ' التصريح المصري الخطير' كون التجاهل هنا سيؤكد ما ورد دون أي 'شبه تلاعب بالكلام ' إن لم تقم القاهرة قبلا بتوضيح ما جاء فيما نسب لمصدر منها ، وما لم يتم ذلك فالإتهام سيبقى سيد الموقف السياسي ، ما يؤكد كل ما يثار أن لا نية جادة بإعادة الإمور الى نصابها قبل الإنقلاب الحزيراني العام 2007 ، وتوافق التصريح المصري مع القرار الإسرائيلي 1650 القاضي بتكريس إنقسام وحدة الشعب الفلسطيني كما وحدته الجغرافية المتناقضة كليا مع ما ورد نصا في إتفقات موقعة سابقة ، لا يتم التعامل معها بما يلزم ، توافق وكأنه يتهم كل من فتح وحماس بخدمة هذا القرار العنصري ، ومصر لم تعتد منذ أن تولت ملف المصالحة الوطنية بتكليف عربي ورغبة فلسطينية القول الحاسم ، والإتهامي كما جاء على لسان ' المصدر المصري المسؤول ' ومن يتابع الوضع والإتصالات مع مصر يعرف جيدا من هي الجهة التي ينسب لها عادة هذا المصطلح ، ما يشير الى أن مصر ترسل رسالة سياسية من العيار الثقيل ليس فقط لطرفي الأزمة وحدهما ، بل لكل من يقف عائقا أمام تحقيق المصالحة الوطنية ، بوضعها النقاط فوق الحروف دون تجميل أو تمويه ، وربما تكون من المرات القليلة التي تستخدم بها مثل هذه الأقوال منذ دخولها المباشر على ' الملف الداخلي الفلسطيني' ، وكأنها كانت تنتظر زمنا تحملت به كثيرا حول دورها ومكانتها تشكيكا وإتهاما ، لم تعد معها مجبرة لتحمل ما تحملته سابقا ..
الرسالة خطيرة جدا ، يجب قراءتها جيدا وبعمق شديد فهي ترقى الى مستوى ' الإدانة الوطنية' لطرفي الأزمة كل فيما يملك ، ولو تم تجاهلها كما يحدث كثيرا دون عمل سريع علني وسري فتلك بداية لمأساة سياسية جديدة .. رسالة مصرية تستحق الفعل الفوري وطنيا ليس من حماس وفتح والرئاسة الفلسطينية فحسب ، بل من كل ما هو حي في الشعب الفلسطيني وتحرك شعبي أشبه بالمقاومة الشعبية لفرض منطوق الوحدة والتوحد الوطني ، وقبل فوات الآوان ...
ملاحظة : لحركة فتح أن تدافع عما لها من مكانة مركزية وطنية ، لكن عليها مراجعة كثير من إسلوب عملها في الإدارة العامة قبلا لعدم تكرار أخطاء ماض وتكسير بعض مكتسبات حاضر ..
تنويه خاص : تفاؤل البيت الأبيض السياسي حول من نتائج جولة ميتشيل تبقى كابوسا للفلسطيني ما لم يعرف مصدر هذا ' التفاؤل' وعناصره .. فالمعلن كله تشاؤم ..
hasfour@amad.ps
_________________
تحياتي:
العقول الكبيرة تبحث عن الأفكار..
والعقول المتفتحة تناقش الأحداث..
والعقول الصغيرة تتطفل على شؤون الناس..
مدونة /http://walisala7.wordpress.com/