راجع أرصدتك!
رمضان وهدان
حياتك وقتك، وكلما مر عليك يوم، ذهب جزء من حياتك، والواجب على
المسلم أن يستغل وقته فيما يرضي الله عز وجل، فلا يمضي عليه يوم إلا وقد
قدم فيه عملاً صالحاً ينفعه في قبره، وهذا ما أكده الداعية الشيخ نبيل
العوضي، وذلك انطلاقاً من قوله صلى الله عليه وسلم: " اغتنم خمسا قبل خمس
.. شبابك قبل هرمك ..وصحتك قبل سقمك .. وغناك قبل فقرك .. وفراغك قبل شغلك
.. وحياتك قبل موت ، موضحا أن الفراغ الذي تمر به إنما جزء من رصيدك الكبير
في الحياة لعلك تستغل فيه ساعة في طاعة الله جل وعلا، وتكون سببا في دخولك
الجنة، مشيرا إلى أنه أعظم الأمور التي يستغل بها المسلم وقته هي
العبادات، وطلب العلم، والدعوة إلى الله عز وجل.
وقال العوضي أن الله خلقنا لغاية وحكمة بالغة، ولو أنه خلقنا من أجل أن
نأكل ونشرب ونلهو ونلعب وننكح ونلد فقط، لخلقنا جنساً من الحيوانات، فهي
تأكل وتشرب، وتبني البيوت وتؤسسها، وتنكح وتنجب، وتعيش كما يعيش أكثر
البشر، يقول الله جل وعلا: أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً
[المؤمنون]، موضحا أن الله لم يخلقنا لأجل أن نبدأ اليوم في عمل، ثم نمسي
آخر النهار أو منتصف النهار ثم ننام، ثم نستيقظ لنشرب الشاي والقهوة إلى
غروب الشمس، ثم لما تغرب الشمس نرتاد الأسواق، ثم نرجع بعد العشاء لنلهو مع
الأهل والأولاد، ثم ننام على تلفاز، ثم نستيقظ على عمل! متسائلا : أتظن أن
الله خلقنا لهذا؟! مجيبا على نفسه بالقول: تعالى الله عما يظن كثير من
الناس.
وأشار إلى أن من الأمور التي تستغل بها وقتك العبادات، فتعبد الله جل
وعلا كما يقول المولى تبارك وتعالى: (فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ * وَإِلَى
رَبِّكَ فَارْغَبْ)، فبحسب - العوضي في محاضرته - لو نظرنا إلى السلف
لوجدنا أن الواحد منهم كان يقضي الليل في القيام والنهار في الصيام، فهذا
عثمان بن عفان رضي الله عنه الخليفة الراشد، الذي اشترى الجنة ثلاث مرات،
يروى أنه كان يختم القرآن كل ليلة، فهو والأولون كانوا كما قال عنهم رب
العزة " كَانُوا قَلِيلاً مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ *
وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ " [الذاريات]، وكان ابن عمر يصلي في
الليل وعنده نافع مولاه، فإذا سلم من صلاته يسأل مولاه: أسحرنا؟ أي: أجاء
السحر؟ فيقول: لا، فيكبر ويصلي، ثم يسأله، فإذا قال له نعم، جلس يستغفر
الله حتى طلوع الفجر.
طلب العلم
ويمكن استغلال الوقت في طلب العلم - حسب تأكيده - ويروى عن أحد السلف:
أنه ذكر الله وهو ابن ثلاث سنين، وفي هذا العصر صغار سن، عمرهم سنتان،
يحفظون بعض قصار السور، وسمعنا في هذا العصر من ختم القرآن وعمره سبع سنين،
أرأيت كيف حفظوا أعمارهم في طلب العلم؟
دعوة إلى الله
ومن أعظم ما تشغل به وقتك: الدعوة إلى الله جل وعلا أن تبلغ هذا العلم
الذي حصلت عليه، وأن يكون منهج حياتك: قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى
اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ
وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ [يوسف] ، و يقول الرسول صلى الله عليه
وسلم: (بلغوا عني ولو آية ) تحفظ آية: وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا
الزَّكَاةَ [البقرة] ؟ إذن بلغها للناس، فكم من الناس من لا يصلي؟ تحفظ قول
الله: وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى [الأحزاب]؟
إذن بلغها، فإن كثيراً من النساء لا يتحجبن، تحفظ قول الله تعالى: اتَّقُوا
اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ
[البقرة] ؟ بلغها للناس، فكم من الناس من يرابي ويتعاطي بالربا!
وذكر العوضي أن رجلا فكر أن يدعو إلى الله جل وعلا، لكن ليس عنده أموال
ولا أسلوب، فقال لإخوانه: من منكم عنده مجلات إسلامية قديمة؟ هو لا يريدها
فجمع من فلان وفلان، حتى جمع عشرات المجلات الإسلامية، ثم ذهب إلى محلات
الحلاقة والمطاعم والصالونات وغيرها، تلك التي فيها مجالس انتظار، ووجد على
الطاولة بهذه المحلات مجلات خليعة، فوضع على طاولات تلك المحلات ما جمعه
من مجلات إسلامية قائلا: ربما يجلس بعض الناس فيتصفحو هذه المجلات، فرب
نصيحة تفتح قلوبهم، تأمرهم بمعروف أو تنهاهم عن منكر.