في غزة.."تفاح الانتفاضة".. يشفى غليل الفقراء ويزيل عنهم شبح الحرمان..
وقف الخمسينى أبو محمد بحيرة وعيناه تنظر يمنة ويسارا ليبحث عن نفس البائع
الذي اشترى منه يوم الأربعاء الماضي كمية كبيرة من التفاح مقابل مبلغ لا
يذكر من الشواكل.
وبعد سؤاله لبائع آخر عن ذاك البائع الذي اشترى منه مسبقا, اندهش منه
البائع لأنه عرض عليه تفاحا جميلا وناضجا ,لكن أبو محمد قابله بالرفض
وتمسك بذاك البائع قائلا:" أنا لا أريد من هذا التفاح ولكنني ابحث عن بائع
تفاح الانتفاضة".
كلمة أبو محمد هذه جعلت الدهشة والاستغراب ترتسم على وجنتي كل من سمعها من
المشترين متسائلين ما هو تفاح الانتفاضة هذا ؟ ولكن دون إجابة شافية من
أبو محمد .
يقول ابو محمد:"باختصار أنا ابحث عن بائع التفاح المضروب ,وبالعامية كما
قال :" تفاح الشروات" وهو عبارة عن تفاح ذبلان عفى عليه الزمن , ويقوم
بائعه ببيعه بأرخص الأثمان و لا يتجاوز سعره أحيانا الأربع شواكل".
ويضيف ابو محمد:"كل يوم أربعاء أبحث عن هذا البائع ,وعندما يكون متواجدا
يكون البيت على موعد مع أكل التفاح, ولكن عندما لا ياتى أعود لبيتي دون
هذا التفاح ".
وعن سبب إقدامه على شراء مثل هذا التفاح قال أبو محمد:" لست مشتهيا لأكل
مثل هذا التفاح ,ولا اشتريه هواية , ولكن ظروفي القاسية هي من اجبرتنى,
فمنذ أن انقطعت عن العمل, ولم يعد لي مصدر دخل لم يعد بمقدرتي شراء ما هو
طازج وما هو ناضج ,فوجدت بمثل هذه الخضروات والفواكه سبيلا لإشباع شهوة
عائلتي,".
واستطرد ابو محمد حديثه ضاحكا:" ولأخفف عن عائلتي قسوة منظر هذه الفواكه
المضروبة , أمازحهم قائلا: لنا الفخر ان نأكل من تفاح الانتفاضة فترتسم
الابتسامة على وجوههم متناسيين صعوبة الظروف الذي حملتنا لشراء مثل هذه
البضائع".
وتابع ابو محمد قائلا:" وكل يوم أربعاء تكون زوجتي على موعد مع عصر تفاح
الانتفاضة, حيث تقوم بعصره على الخلاط لان معظم الأحيان يصعب أكله لأنه
يكون قد عفى عليه الزمن ويكون لذيذا ".
ويقول ابو محمد :" الحمد لله ان مثل هذه الفواكه موجودة ,عالاقل لم نحرم
منها نهائيا وتخفف عن كاهلنا الكثير لان جيوبنا لا تحتمل شراء الفواكه
التى أصبحت بعلب العرائس كما قال".
وبسخرية ختم ابو محمد حديثه قائلا :" كل شيء ارتبط بالانتفاضة حتى التفاح فلا داعي للدهشة والاستغراب فنحن شعب الانتفاضة.
ومن سخرية ابو محمد الممتزجة بالمرارة كان لقاء آخر مع بائع التفاح لكن
ليس تفاح الانتفاضة ,وإنما تفاح علب العرائس مثلما وصفه ابو محمد .
فيقول البائع المشهور بإسم الفراورى:"كثيرا ما يأتي بعض المشترين ولا
يبحثون عن مثل هذا التفاح الناضج, ولكن يسألوننا عن شروات تكون مضروبة
نظرا لرخص ثمنها, ومن جهتنا نحن البائعين ننتظر لان ينتهى بيع كل التفاح
الناضج ,وما يتبقى من تفاح مضروبا نضعه فى أكياس لحين ياتى احدهم لشرائه
,ويكون بثمن زهيد".
ويضيف الفراورى:" وأحيانا يأتى المشترى قبل يوم من السوق, ويقوم بتوصيتنا
لحجز شروة التفاح بإسمه ,موضحا ان اغلب المشترين لهذا النوع من التفاح هم
من الفقراء, والطبقة المطحونة والتي لا تمتلك اى مال أو مصدر للرزق ,منوها
ان البائعين أنفسهم اعتمدوا اسم تفاح الانتفاضة على مثل هذا التفاح,
لتخفيف حدة مصطلح المضروب لمثل هذه الفئة الفقيرة".
من جهته اختلف المواطن سلمى عمر مع الفراورى وقاطعه الحديث ليقول:" ليس
الفقراء وحدهم من يشترون مثل هذا التفاح ,ولكن الأقوياء أيضا يشترونه,
منوها انه يحصل على مرتب ليس بالقليل لكنه يلجأ أحيانا لشراء التفاح
المسمى بالانتفاضة أو الشروات لرغبة عائلته أحيانا بعصر التفاح فيقوم
بشراء مثل هذا التفاح للعصير بسبب غلاء ثمن التفاح الناضج .
ويختم المواطن عمر حديثه ليقول:" أن الحصار والوضع المأساوي للبلد من
اغلاقات ومشاحنات جعل المواطن يتذوق المرارة .قائلا ان المواطن بغزة لن
يقف عند هذا الحد, وإذا وجد اليوم تفاح الانتفاضة فغدا لن يجد أي نوع من
التفاح".
وختاما وبدورنا نطرح التساؤل هل سيأتي يوما ,ويزول الحصار ليتمكن الخمسينى
ابو محمد من تذوق تفاح علب العرائس, أم سيبقى على موعد كل أربعاء مع تفاح
الانتفاضة؟؟؟
_________________
تحياتي:
العقول الكبيرة تبحث عن الأفكار..
والعقول المتفتحة تناقش الأحداث..
والعقول الصغيرة تتطفل على شؤون الناس..
مدونة /http://walisala7.wordpress.com/