صوت مولدات الكهرباء يتسبب بازعاج وضجيج لدي المواطنين يؤدي الى احداث شجارات فيما بينهم
طغى الصوت المنبعث من مولدات الطاقة الكهربائية التي
تصدح في شوارع مدينة غزة على صوت الجارين أبو العبد وأبو نضال أثناء
شجارهما بسبب خلاف طارئ نشب بينهما حول أحقيّة أيٍّ منهما في وضع مولّده
على منفذ تهوية مشترك بين منزليهما.
الشجار
بين الجارين كاد أن يتحوّل من ملاسنة إلى عراكٍ بالأيدي لولا تدخل عدد من
الجيران في فضّ الخلاف الذي حسمه مؤقتاً مجيء التيار الكهربائي.
ولا يكاد يخلو بيت في قطاع غزة من مولّد كهرباء بسبب الانقطاع المستمر للتيار ولفترات طويلة خصوصاً في فصل الشتاء.
ويتهافت
الغزيُّون على شراء المولدات بأحجام مختلفة والتي يتم تهريبها عبر الأنفاق
من مصر، وأصبحت تُباع بأسعار أقل بكثير من الفترة السابقة.
'الله
يفرجها علينا ونرتاح من هذا الهم يلي اسمه ماتور كهربا، بطلنا نسمع حالنا
وإحنا نحكي والريحة خنقتنا وصار عنا ضيق نفس من الهوا الملوّث يلي بنشمّو'
قالها أبو العبد بغضب.
وأضاف
أبو العبد رضوان (55عاماً) من سكان حي الرمال الشمالي بمدينة غزة لـ'وفا'
لم أكن أفكِّر أن أجلب ماتور كهرباء إلى منزلي لكن انقطاع التيار
الكهربائي لأوقات طويلة دفعني إلى شراء ماتور حجم أربعة كيلوات رغم
الضائقة المالية التي أمرّ بها.
وأشار
إلى أن لديه 'شاب وبنت في الجامعة وبنت أخرى تدرس الثانوية العامة'، وهم
بحاجة ماسّة للإنارة ليتمكنوا من الدراسة والتحضير للامتحانات خاصةً أنّ
البدائل الأخرى للإنارة كالشمع سيئة ومضرّة، ناهيك عن النقص الحاد في غاز
التدفئة.
وحول
سبب خلافه مع جاره أبو نضال قال أبو العبد: أنا وأبو نضال جيران منذ ثماني
سنوات وعلاقتنا طيبة جداً ومميّزة، ولدينا منفذ تهوية 'منور' مشترك يوجد
فيه قاعدة حديدية صغيرة كان يُوضَع فوقها مكيّف هواء لأحد الجيران الذين
كانوا يقطنون شقة أبو نضال قبل أن يشتريها.
وأضاف:
عندما أحضرت مولّد كهرباء وهممت بالتحضير لوضعه في هذا المكان احتجّ جاري
أبو نضال متعللاً بأنه يريد قريباً إحضار مولد جديد وكان يُخطّط لوضعه في
نفس المكان بسبب عدم وجود 'بلكونة' داخل منزله.
من
جهته رأى أبو نضال بدران (40عاماً) أنه الأحق في وضع مولده فوق هذه
الزاوية الحديدية كون أبو العبد يملك مكاناً بديلاً لوضع مولّده 'ماتوره'
فيه.
وقال
أبو نضال مبرّراً سبب انفعاله: لا أستطيع وضع المولّد الذي سأشتريه داخل
منزلي خوفاً على حياة أطفالي الصغار خصوصاً بعد ما سمعت بخبر فاجعة موت
ثلاثة أطفال اختناقاً قبل أسبوع بسبب تسرُّب الدخان من مولّد داخل
منزلهم.
وكان
قطاع غزة استفاق صبيحة يوم الجمعة الماضي، على خبر فاجعة مروّعة راح
ضحيتها ثلاثة أطفال وأصيب شقيقاهم جراء استنشاقهم دخان مولد كهربائي تم
تشغيله داخل منزلهم في مدينة دير البلح وسط القطاع.
وفي
حينها قال الطبيب معاوية حسنين، مدير عام الإسعاف والطوارئ بوزارة الصحة،
إنه وصل إلى مستشفى شهداء الأقصى وسط القطاع، عند الثالثة فجراً، خمسة
أطفال من عائلة برغوت، ثلاثة منهم في حالة الوفاة، جراء الاختناق، واثنان
آخران وصفت حالة أحدهما بالحرجة، وتم تحويله إلى مستشفى النصر بغزة
للعلاج، وحالة أخرى متوسطة، وذلك بسبب استنشاقهم دخان مولد كهربائي تم
تشغيله داخل المنزل.
وأضاف
حسنين أن الأطفال الذين توفوا هم: عبيدة (عامان)، وملك (أربعة أعوام)،
وخضر سمير برغوت (سبعة أعوام)، وتم تحويلهم إلى الطب الشرعي، فيما أدخل
إلى المستشفى شقيقهم محمد برغوت ستة أعوام لتلقي العلاج، كما تم تحويل
شقيقتهم شهد برغوت خمسة أعوام إلى مستشفى الأطفال بغزة بسبب خطورة حالتها
وعدم قدرتها على التنفس.
وناشد
حسنين المواطنين بعدم تشغيل مولدات الكهرباء داخل الشقق، وأن توضع بعيدة
عن أماكن النوم، وتكون عرضة للتهوية الدائمة، مشددا على ضرورة عدم تخزين
الوقود داخل المنازل وعدم إشعال المدافئ والمواقد داخل الغرف، وإذا اضطر
الأمر يجب إطفائها وإخراجها ساعة النوم حفاظاً على السلامة العامة.
من
جهته قال التاجر أبو السعيد نصير (38عاماً): إن إقبال المواطنين على شراء
المولدات زاد بشكل كبير بسبب انقطاع التيار الكهربائي وشيوع أنباء عن توقف
محطة توليد الطاقة الوحيدة في قطاع غزة عن العمل كلياً وهو ما سيُغرِق
القطاع في الظلام الدامس مجدداً.
وأشار
أبو السعيد إلى أن غالبية المواطنين أصبحوا يقبلون على شراء المولدات
بأحجام كبيرة بسبب المشاكل الكثيرة التي تعاني منها المولدات الصغيرة حجم
كيلو واحد فقط.
ولفت
إلى أن المولدات حجم كيلو تباع الآن بسعر يتراوح من 400-550 شيقلاُ حسب
جودتها وماركة الشركة المنتجة لها، بعد أن كانت تباع في السابق بسعر 900
شيقل وأكثر، مبيّناً أن سعر المولد يرتفع كلما ارتفع حجمه.
بدوره
أعرب الحاج أبو شريف عبد العاطي (66عاماًَ) عن انزعاجه من أصوات المولدات
ورائحتها التي تنتشر في الأجواء، وتسبب أمراضاً خطيرة تزيد معاناة
المواطنين.
وقال
الحاج أبو شريف: أنا رجل مسن أعاني من مرض الربو، والروائح والغازات
السامة التي تنبعث من المولدات تفاقم وضعي الصحي، معتبراً أن انتشار ظاهرة
المولدات كبديل عن قطع الكهرباء مصيبة كبيرة حلّت على شعبنا خصوصاً المرضى
منهم.
وناشد
الحاج أبو شريف المسؤولين في السلطة الوطنية وسلطة الطاقة، والمؤسسات
الحقوقية والهيئات الدولية التدخل العاجل لحل مشكلة انقطاع التيار
الكهربائي بشكل نهائي، من أجل الاستغناء نهائياً عن ضجيج وخطر المولدات
الكهربائية التي أصبحت تهدّد حياة المواطنين في أي لحظة.
وكانت
سيدة مقعدة توفيت أمس الأول، وأصيبت طفلة وشاب آخران في حريق ناتج عن
انفجار مولد كهربائي في منزل لعائلة أبو وردة في بلدة جباليا شمال قطاع
غزة.
وأهابت
سلطة الطاقة والموارد الطبيعية بالمواطنين اتخاذ كافة تدابير الحيطة
والحذر أثناء استخدامهم للمولدات الكهربائية والمواد القابلة للاشتعال
وإبقاء الأطفال بعيداً عنها مع مراعاة وضع المولدات الكهربائية خارج محيط
المنزل لتجنب الاختناق والانفجار.