تتواصل الانهيارات في الحالة الاقتصادية بقطاع غزة ومن يقف على حقائق الواقع يصاب بصدمة من العيار الثقيل، فعندما تحصى الخسائر التي طالت مصانع الخياطة في القطاع، يعترف بالكارثة التي سقطت على أصحاب هذه المصانع ، و العاملين فيها بسبب الحصار الإسرائيلي الجائر المفروض علي القطاع فمشاهد لا يكاد يتخيلها عقل...
' أمد' تجول في بعض مصانع الخياطة الموجودة في قطاع غزة، والمتوقفة تماما عن العمل بسبب نفاذ الأقمشة والخيوط المناسبة ، كذلك تعرض ماكينات الخياطة للعطل وتحتاج إلي قطع غيار مفقودة في غزة ولا نجدها إلا في إسرائيل.
أما صاحب المصنع كادت خسائره وصدمته أن تودي بحياته لأكثر من مرة، وتعرضه ' لجلطة دماغية' ينظر إلي مصنعه بعين من الألم والحسرة تعتصر قلبه بعد أن كان مصنعه يعج حياة من أصوات لماكينات الخياطة وأصوات العاملين والتجار، أما الان أصبح يشتهي أن يسمع صوتا واحد ليكسر هذا الصمت الغارق نتيجة الخسارة التي ألمت به في ظل الحصار الواقع على قطاع غزة...
وبمجرد دخول' أمد' مصنع أبو جلهوم للخياطة الواقع في شمال قطاع غزة، والذي يبدو مهجورا، وكأن مر عليه عقد من الزمن، لم نجد سوي ماكينات غطاءها الغبار الكثيف ،وصناديق كرتونية ينسدل منها خيوط كانت تحاك بها الأقمشة،ونسيج كثيف من الخيوط العنكبوتية امتدت علي طول جدران المصنع....
يقول ' محمد' صاحب مصنع أبو جلهوم لا يوجد لدينا أي عمل الان، لقد خسرنا رأس مالنا بشكل كامل بسبب الحصار المفروض علي غزة منذ ما يقارب العامين، موضحا انه أصبح مطالب بمبالغ مالية هائلة جدا لشركات الأقمشة الإسرائيلية وكذلك العاملين في المصنع يطالبونني بدفع متأخراتهم المالية بسبب مماطلة الجانب الإسرائيلي في صرف شيكات سابقة ،مؤكدا ' لأمد' انه يعاني من ضائقة مالية غير معقولة وصل به الأمر إلي عدم تسجيل أبنائه في الجامعة،مشيرا إلي أن حجم الخسائر التي مني بها تقدر بـ'90' ألف شيكل، فلا اعلم من أين سأعوض خسارتي، وكذلك لا استطيع سد ديوني المتراكمة، وفي حديث أشبه بالعتاب النفسي يقول 'لأمد' كان دخلي شهريا , أكثر من تسعة آلاف شيكل حيث كنت صاحب مصنع ,أما الآن لا املك أي شيء, وقد نفذ رأس مالي والآن أنتظر أنا وأولادي المصير المأساوي الذي حل بنا .
كل ذلك بسبب الحصار المفروض علي غزة والذي شل كافة مناحي الحياة، موضحا انه لم يتلق أي مساعدات مالية من أي جهة في السلطة سوي الوعود
ويتابع حديثه' لأمد' كنت في السابق أتمني أن أري أبنائي من شدة انشغالي وسفري المتكرر، أما الان انضممت إلي قافلة العاطلين عن العمل، واستجدي المساعدات الخيرية من هنا أو من هناك، لا عمل لدي سوي قيامي بتفريغ همي بهم، فكم حاولت أن أنتج ملابس للسوق المحلي إلا أن محاولاتنا باءت بالفشل، موضحا' لأمد' كدت أن افقد حياتي لأكثر من مرة من شدة حزني الشديد علي ما حدث لي من خسارة وانكسار مريع..
حال صاحب مصنع 'أبو جلهوم' لم يكن بأفضل حال من 'احمد العفيفي' صاحب احد المصانع في غزة، فالمعاناة هي ذاتها، والمصاب واحد إلا أن هناك اختلاف واحد هو حجم الديون كان اقل من محمد أبو جلهوم، إلا انه مطلوب رقم واحد كما يقول لدي شركة الكهرباء بدفع الفواتير المتراكمة عليه، يقول ' لأمد' لن نترك باباً من أبواب المسئولين إلا وقمنا بطرقه ليجدوا لنا حل جذري، ويقوموا ولو بجزء بسيط من تخفيف حجم المعاناة والديون التي أثقلت كاهلنا، ولكن لا حياة لمن تنادي نتلقى وعودا ولكنها تطير في الهواء بمجرد خروجنا من مكتب المدير المسئول، مشيرا إلى أن البعض يقوم بالرد علينا' انتم تجار معرضون لأي شي خسارة كبيرة، أو ربح، مستغربا ردهم فبدلا من المساعدة التي يقدمونها إلينا يقومون باستفزازنا'... .
تدمير ما تبقى من صناعة الخياطة المدمرة ا حيث أن استمرار الإغلاق أدى إلي خسارة فادحة لأصحاب مصانع الخياطة تصل إلي 10 ملايين دولار كقيمه فعلية لنحو مليون قطعة ملابس كانت معدة لموسم الصيف وجاهزة للتصدير للسوق الإسرائيلي , ومما يذكر بان نحو 960 مصنع خياطة تشغل نحو 25 ألف عامل توقفت عن العمل الكلي حيث أن 95% من منتجات مصانع الخياطة للسوق الإسرائيلية و 10% للسوق المحلي ,وتوقف إنتاج الملابس للسوق المحلي نتيجة عدم توفر الأقمشة وكلف الخياطة اللازمة لعملية التصنيع , ويقدر إجمالي الخسائر المباشرة لقطاع الخياطة خلال الفترة السابقة بحوالي 20 مليون دولار نتيجة لتوقف المصانع عن الإنتاج وإلغاء العقود والصفقات المتفق عليها لموسم الصيف والشتاء..
والجدير ذكره بأن قطاع الخياطة هو القطاع الثاني من حيث تشغيل العمال، وانه يمثل من الناتج القومي، ما نسبته 17%...
هذه المصانع التي تشوهت بالخراب واجلست عمالها في بيوتهم ، عانت من كهرباء تغيب بلا نذير ووقود ممنوع عليه المرور و شح في مواد تدخل بالتصنيع ، ويسقط منها كل يوم مصنع أو أكثر ليصاب الاقتصاد الوطني في القطاع بجلطة دماغية قد تفقده قدرته على الثبات فجأة والنعي قد يأتي من الذين تسببوا في صناعة هذه الكارثة!!!
منقول عن أمد
_________________
تحياتي:
العقول الكبيرة تبحث عن الأفكار..
والعقول المتفتحة تناقش الأحداث..
والعقول الصغيرة تتطفل على شؤون الناس..
مدونة /http://walisala7.wordpress.com/